للراحل الأديب د. حسين مؤنس قصة قصيرة معبرة اسمها «ادارة عموم الزير» تحكي قصة زير ماء أمر أحد الامراء- زمان- بوضعه في الصحراء اسفل شجرة لسقاية المارين بعد أن جرب العطش في ذات النقطة ولم يجد ماء، وحوله عبيد الروتين وهواة التزلف الي مشروع له ادارة عمومية بموظفين وادارات فرعية تتكلف الالاف من الدنانير، لكن المضحك المبكي أن الزير مات في الصيانة والشجرة تم قطعها، وموظفو الادارة أقاموا لهم مباني واستمرت رواتبهم! واسفل نفق شبرا في حي الازبكية حيث تنطلق آلاف السيارات يوميا ومئات عربات الأتوبيس العامة والخاصة القادمة من اطراف القاهرة الي وسط المدينة وضواحيها الأخري- كانت الصورة مشابهة بشكل مأساوي حيث ظهرت بقعة مياه في بؤرة صغيرة تبعتها بؤرة أخري علي بعد أمتار من الأولي، وظننت من متابعتي اليومية في طريق ذهابي للعمل ثم عودتي الي المنزل أن الامر بسيط لا يتعدي انفجار ماسورة فرعية أو طفح مجاري، لكن بمرور الأيام، زاد الطفح المائي وتحولت البؤرتان الي بقعتين كبيرتين تخنقان طريق المواصلات العامة والخاصة دون ان يتحرك الحي! ثم تحرك الحي وآه من تحرك الحي، فقد فوجئت بحفرتين كبيرتين وحواجز تغلق أكثر من ثلثي الشارع اسفل النفق، وأشرطة تحاصر المكان، ثم عشرات الاجولة والشكائر من الاسمنت والرمل والجبس وعشرات من العمال والمهندسين يتحرك عملهم بسرعة السلحفاة. وتحول الامر الي مقاولات ومصروفات باهظة تطلق العديد من علامات الاستفهام حول كيفية تحول البؤرة الصغيرة الي مشكلة كبيرة ومن المستفيد من وراء ذلك، وطوال اكثر من 45 يوما ظل الامر مثارا للاستفهام والتساؤل حول الشكل الروتيني الذي تعاملت به أجهزة الحي والمحافظة مع هذه البؤرة- وحتي كتابة هذه السطور مازال المشهد مستمرا مطلقا للعديد من العجب والغرابة! الفارق أن زير حسين مؤنس بدأ بفكرة خيرية ركبها المستغلون حتي مع ضياع الزير وقطع الشجرة، أما بؤرة الازبكية فقد تحولت من فسفوسة صغيرة الي مشكلة مفتوحة انشأها عجز الروتين وقلة حيلة المسئولين، وقد يكون ركبها ايضا محترفو الاستغلال وكم ذا بمصر من المضحكات.. لكنه ضحك كالبكا!