تختتم اليوم الجمعة الحملة الانتخابية في السودان وسط حالة من الغموض والشكوك حول مصداقية اول انتخابات رئاسية وتشريعية منذ عام 1986 المقررة بعد غد الاحد في اكبر بلد افريقي. وتضاربت الأنباء امس حول مشاركة الحركة الشعبية لتحرير السودان في الانتخابات. ففي حين اعلن باقان أموم الأمين العام للحركة في وقت سابق مقاطعة الانتخابات الرئاسية شمال البلاد باستثناء ولايتي النيل الأزرق وجبال النوبة، نفي نائب رئيس الحركة مالك عقار مقاطعة الحركة الانتخابات في الشمال. ووصف عقار ما أعلنه الأمين العام للحركة بأنه موقف شخصي يعارض القرار الذي اتخذه المكتب السياسي للحركة خلال الايام الماضية بالاستمرار في الانتخابات. وكان المكتب السياسي للحركة قد قرر الأسبوع الماضي سحب مرشح الحركة الشعبية ياسر عرمان من سباق الانتخابات الرئاسية ومقاطعة العملية في ولايات اقليم دارفور الثلاث. واعترف عقار للمرة الأولي بوجود صراع داخل الحركة الشعبية لكنه لم يذكر مزيدا من التفاصيل. وكان الأمين العام ل الحركة الشعبية باقان أموم قد أعلن يوم الثلاثاء الماضي مقاطعة الانتخابات علي جميع المستويات في شمال السودان، بسبب ما وصفها بانتهاكات خطيرة شابت العملية الانتخابية واستمرار حال الطوارئ في دارفور، وقال إن قرار حركته يستثني ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق المجاورتين للجنوب اللتين يشملهما اتفاق السلام، مشيراً إلي أن الحركة ستخوض الانتخابات علي كل المستويات في الجنوب.ومما زاد الامر تعقيدا، قرار حزب الأمة السوداني المعارض مقاطعة الانتخابات العامة في البلاد بجميع مستوياتها بعد أن منح مفوضية الانتخابات مهلة امتدت لأسبوع لتحقيق شروط تتعلق بالنزاهة والحيدة.وأوضحت المسئولة في الحزب سارة نقد الله بعد اجتماعات استمرت يومين أن المكتب السياسي للحزب قرر مقاطعة الانتخابات الرئاسية والتشريعية وانتخابات حكام الولايات و"عدم الاعتراف بشرعية نتائجها". ومن جانبه,دعا زعيم حزب المؤتمر الشعبي حسن الترابي، أحزاب المعارضة إلي عدم مقاطعة الانتخابات، وقال إن لتلك الأحزاب حظوظاً كبيرة يمكن أن تغير الكثير في البلاد. واضاف إن القوي السياسية لو توكلت علي الله واقتحمت الانتخابات لفعلت الكثير. واعتبر أن الثورات لا يخطط لها، موضحاً انه لا يمكن تغيير نظام الحكم نحو الحرية وحكم الشعب إلا عبر الانتخابات، حتي لو كانت غير حرة وغير نزيهة. كما أشار الترابي إلي أن بإمكان تلك الأحزاب الفوز في انتخابات الرئاسة، إذا تصرفت علي النحو المطلوب، موضحاً أن المعارضة لو اجتهدت لمنعت مرشح حزب المؤتمر الوطني عمر البشير من الحصول علي النسبة المؤهلة للفوز ما سيجعل هناك دورة ثانية تتفق فيها المعارضة علي مرشح واحد ستكون حظوظه في الفوز كبيرة، وأن البشير حينها لن يستطيع فعل شيء لأن تداعيات أي خطوة غير التسليم بالنتيجة ستكون خطيرة عليه. وفي غضون ذلك,غادر مراقبو الاتحاد الاوروبي منطقة دارفور بغرب السودان. وكان الاتحاد الأوروبي قد قرر امس الاول سحب مراقبي الانتخابات التابعين له من إقليم دارفور غرب السودان "خوفا علي سلامتهم". واعلن الرئيس السوداني حسن البشير في خطاب أمام أنصاره في مدينة شندي شمال البلاد إنه يحترم مراقبي مركز كارتر والاتحاد الأوروبي وقال إن حكومته دعتهم لمراقبة الانتخابات وستحسن ضيافتهم. واشار البشير الي الخدمات التي قدمها كارتر لحكومته، قائلاً إنه أول من طرح مبادرة سلام حقيقية بين الشمال والجنوب بالاضافة الي أنه قاد دفة المصالحة بين السودان وأوغندا، كما أن مركز كارتر يبذل حالياً جهوداً في الجنوب.واعتبر مطالب المركز في وقت سابق بتأجيل الانتخابات غلطة عابرة جاءت نتيجة لإملاءات المعارضة، لكن المركز عدل عن ذلك بعد أن اطلع علي ترتيبات مفوضية الانتخابات. واعتبر البشير أن فوزه في الانتخابات الرئاسية لا يحتاج إلي تزوير أو خداع، ساخراً من اتهام حزبه (المؤتمر الوطني) بالغش، واستشهد بالاستقبالات التي وجدها خلال جولته في البلاد. واستنكر البشير ما تردده الحركة الشعبية عن تزوير حزبه للانتخابات وشدد علي أن نهج التلاعب والتزوير يتعارض تماماً مع مبادئ حكومته التي تقوم علي إعلاء كلمة الله وتحكيم شرعه. وانتقدت المبعوثة الدولية لصندوق الأممالمتحدة لرعاية الطفولة والأمومة (يونيسيف) سياسة الرئيس الأميركي باراك أوباما تجاه الانتخابات بالسودان ووصفتها بالساذجة، كما انتقدت تصريحات المبعوث الأمريكي للسودان سكوت جريشن بأن الانتخابات ستكون نزيهة وشفافة.