في إطار وصل منطقي وقانوني بين منطق القانون الجنائي والقانون المدني كمدخل ضروري لاعادة تفعيل المسئولية الدستورية والسياسية في سياق مؤسسات الدولة نجد المشرع لم يحدد للمسئولية المدنية أفعالا بذاتها تنعقد لمرتكبها المسئولية المدنية. ويترتب علي اختلاف الأساس في نوعي المسئولية نتيجة مفادها أن العقوبة في المسؤلية الجنائية تندرج تبعا للخطأ بينما يقوم التعويض عن الفعل الضار ولا علاقة لها بجسامة الخطأ. وبعبارة أخري، يدور التعويض حول الضرر وجودا وعدما ومقدارا .تندرج العقوبة تبعا لجسامة الخطأ القانوني لا الضرر المادي. ونظرا لاختلاف نوعي المسئولية في الأساس والأثر فإن الفعل غير المشروع قد يرتب المسئولية الجنائية وحدها أو المسئولية المدنية فحسب فكل من النوعين مستقل عن الآخر . وتترتب علي ذلك نتائج مهمة مردها سيادة المسئولية الجنائية علي المسئولية المدنية لان الأولي يتعلق بها حق المجتمع حين أن الثانية يتعلق بها حق الفرد هو المضرور وتتمثل هذه النتائج في ألا يعاقب المتهم إلا إذا كانت إرادته واعية وله كامل الحرية في التصرف المكون للجريمة فيجب أن يرتبط الفعل بالنتيجة دون تدخل عوامل أخري تقطع هذه النتجية وهو ما يطلق عليه في علم القانون " بعلاقة السببية " . علي ذالك في اعتقادي ان سيادة المسئولية الجنائية علي المسئولية المدنية تعيق بناء المجتمع المدني والمسئولية المدنية الموحدة للافراد والوزراء، ففي نهاية الامر افراد يتولون مناصب وزارية بشكل مؤقت، من ناحية، وتعرقل التوالي السببي للمسئولية المدنية من ناحية أخري. فلابد من عودة لحمة العلاقة السببية بين الفعل الضار وجسامة الخطأ لنطاق المسئولية المدنية بشكل متدرج. فليس لدينا سياق متوال لانقطاع المسئولية المدنية كما هو موجود في نطاق الانقطاع السببي للمسئولية الجنائية. فوفقا لاحكام محكمة النقض تنقطع المسئولية الجنائية نجد حالتين مرتبطتين بعضهما البعض : حالة انقطاع العلاقة السببية وحالة اثر القوة القاهرة. الحالة الاولي - انقطاع علاقة السببية: معني القوة القاهرة يختلف عن الحادث الفجائي، او الحادث الفجائي واقعة استثنائية عامة لا يمكن توقعها ويستحيل دفعها وتنقطع بها علاقة السببية في المسئولية التقصيرية. وتختلف القوة القاهرة عن حالة الضرورة التي تحيط بالشخص، وتدفعه لاتقاء ضرر يهدده الي الاضرار بغيره، والاولي يستحيل دفعها، والثانية يمكن تحملها. كذا فأن الضرورة تؤثر علي الخطأ بينما تؤثر القوة القاهرة علي رابطة السببية وان جمع بين الاثنين، عدم التوقع . فقد اعتاد المسئولون التهرب من المسئولية بالاحتجاج القوة القاهرة وساعد علي ذلك تجزء العمل الوزاري وارتباط القرار الواحد بعدد من الوزارات سواء في صناعته أو في تنفيذه: القوة القاهرة - لا يمكن بداية تكييف الواقعة علي انها قوة قاهرة تنقطع بها علاقة السببية في المسئولية التقصيرية إلا اذا توافرت شرائط عدة. هذه شروط كما القانون وفقه محكمة النقض كالتالي: لا يكون الحادث قوة قاهرة إلا إذا كان غير متوقع وقت حدوث الضرر والثابت إن عدم التوقيع مسألة نسبية تختلف من حالة لاخري فالحرب قد تكون متوقعة وعندها لا تعتبر قوة قاهرة وقد تنشب فجأة فتعد عندئذ بمثابة حادث غير متوقع كذا فان الامطار الغزيرة أمر متوقع في البلاد الاستوائية وغير متوقعة في البلاد الجافة، والزلزال حادث متوقع في دول حزام الزلزال وغير ذلك في الدول الاخري، أو تغير في في حالة الطريق العام كم لو حيث شبورة أثناء السير أو ضباب أو جود تغير غير مرئي في الطريق كوجود مطب صناعي في طريق سريع أو وجود تغير في مادة الطريق الأساسية. ونستمر في التحليل.