اهتز الضمير الإنساني للشعوب علي مشهد الجريمة البربرية الشنعاء التي ارتكبت يوم الأحد الماضي. بركان الغضب المصري انفجر مرة أخري هذا الأسبوع ورد الفعل القوي لمصر علي المنظمات والعصابات الإرهابية هو رسالة واضحة لمن وراءهم تنظيما وتمويلا وعتادا وتدريبا. المشهد الحالي يشير إلي أولا: استشهاد 21 مصريا علي أيدي جماعة أطلقت علي نفسها داعش ليبيا. وثانيا: أن هذه الجماعة استهدفت من المصريين المسيحيين هذه المرة كمحاولة لإحداث انقسام وفتنة وطنية داخلية وعالمية بين الأديان. وثالثا: أن الشكوك تزداد من الاحتراف الإعلامي والسينمائي والتليفزيوني والمعلوماتي لجماعة داعش الإرهابية وتتعدي القدرات الفنية والمهنية لعديد من القنوات الإقليمية والعربية. ورابعا: أن شكل الإرهابيين والبنية الجسمانية لهم تختلف جوهريا عن شكل البنية الجسمانية لأبناء ليبيا أو الشباب العربي بل وما نشاهده في المشرق، بل هي تشبه المرتزقة والمحاربين المأجورين. وخامسا: أن مسرح العمليات يتسع وأن جبهة الحرب علي الإرهاب تفتح غربا. وسادسا: أن من يقف وراء داعش قد نجح في إيقاظ المارد العسكري والشعبي المصري للتدخل الحاسم والسريع للثأر لأبناء مصر. وسابعا: أن أبناء مصر في ليبيا يزيد عددهم علي مليون والمصاهرات والأبناء تقدر بمئات الآلاف. وثامنا: أن الساحة الليبية بها أكثر من 1400 منظمة تتقاتل وكل منها لها من يمولها ويسلحها. وتاسعا: أن أجهزة المخابرات المركزية لكل الدول الكبري ومنها أمريكا وأوروبا وروسيا ومنها تركيا وقطر وإيران تعمل علي أرض ليبيا. وعاشرا: أن هناك انقساما دوليا علي مستقبل ليبيا والخطوات القادمة بين أمريكا وأوروبا خاصة (فرنسا وايطاليا) ومصر. وحادي عشر: أن الليبيين في حالة تفتت كامل فلا توجد مؤسسات ولا توجد دولة ولا توجد حكومة ولا توجد قيادات قوية تجمع الليبيين. وثاني عشر: أن ليبيا في حالة إفلاس ولن تستطيع دفع رواتب أبنائها وعند الصيف سيصل حجم ديونها إلي أكثر من أربعين مليار دولار. وثالث عشر: أن المصريين قيادة وشعبا متحدا مع قيادته في شخص الرئيس السيسي قد فاض بهم الكيل من الإرهاب ومن أسباب تفجر الإرهاب إقليميا ومنها تيارات الإسلام السياسي المتشدد التي تشجع العنف والقتل وتساند الإرهاب وتعمل تحت الأرض. ورابع عشر: أن كل العرب من المحيط إلي الخليج في مفترق الطرق إما مواجهة داعش والإرهاب وإما الانهيار الكامل. وخامس عشر: أن أوروبا بدأت تصحو بالأصوات الحرة والدول التي تهتم بالأمن الإقليمي لحوض البحر المتوسط خاصة نتيجة للخوف من اقتراب واختراق الإرهاب بصورة موسعة لأوروبا. وسادس عشر: أن البيت الأبيض لايزال يقود سياسة الفوضي الخلاقة بل وإشعال وتفجير الكوارث وخلق المناخ المساند والمشجع للإرهاب والجماعات الإرهابية تارة وبجذب أبناء العرب للحرب في أفغانستان، أو بالتدخل السافر لتدمير العراق بحجة الديمقراطية أو انهيار سوريا أو تفكيك ليبيا وزيادة الانقسام في القضية الفلسطينية. وسابع عشر: أن هناك أخبارا – شبه مؤكدة – تتوالي عن رغبات لفريق في الإدارة الأمريكية للتدخل المشروط بمنحها قاعدة عسكرية في ليبيا يدفع ثمنها مالا وثروة وحرية الليبيون – مثل العراق - وتدفع ثمنها أمنا وقلاقل دول الجوار ومنها مصر والدول العربية. وثامن عشر: أن هناك رفضا من معظم الأصوات الليبية لهذا التدخل. وتاسع عشر: أن استقرار وأمن وسلام وتقدم ليبيا بالنسبة لمصر هي قضية أمن قومي ذات أولوية قصوي. وعشرين: أن مصر قيادة وحكومة وشعبا وجيشا متحدة في مواجهة ونبذ الإرهاب والقتلة والهدم والانهيار وحسمت أمرها وقرارها بيد تبني ويد تحمل السلاح لبناء مصر الحرية والديمقراطية، والأمان والتقدم.. ما يحدث علي الساحة يدعو مصر والعرب إلي صحوة بل «نوبة صحيان» وقد تكون الأخيرة في عمر دول كثيرة من دول المنطقة قبل تفتيتها أو انهيارها – للتعبئة والقضاء علي داعش والإرهاب الإقليمي وإصلاح الخطاب الديني والمؤسسات الدينية جذريا.. أخشي ما أخشاه أن يتصور البعض أنه يمكنه أن يشاهد أمام الفضائيات اغتيال المصريين والعرب وأن دوره ينحصر في البكاء والتألم والحداد والشجب والترحم علي الشهداء.. آن الأوان للعزيمة والقرار، والقادة والرجال، والمال والعتاد، لأخذ ثأر شهداء مصر، وشهداء العرب، وشهداء الإنسانية.. وآن الأوان للعروبة المفقودة أن تصحو لإنقاذ الإنسانية من شياطين الأرض العربية والتدخلات الأجنبية.. وليحذر أعداء الحياة وأعداء الإنسانية وأعداء العرب من ثار المصريين.