من الحكام من يسعد شعبه ومنهم من يتعس أجيالا.. توفي خادم الحرمين عبد الله بن عبد العزيز ملك السعودية يوم الجمعة الماضي ولكن أعماله وانجازاته لم ولن تموت. سيسجل التاريخ أن خادم الحرمين – كما كان يحب أن يلقب - قاد في تسع سنوات ثورة للبناء والتقدم لتحديث المملكة العربية السعودية بدأت بإصلاحات وبمبادرات غير مسبوقة بمفهوم «المواطن أولا» وأن تقدم ورخاء وسعادة الإنسان هو الهدف وأن تعليمه وصحته ومشاركته هي الوسيلة... ما تحقق في تسع سنوات هو أضعاف ما تحقق في تسعين عاما أو بصورة أدق أضعاف ما تحقق منذ إعلان المملكة العربية السعودية عام 1932. وسيسجل التاريخ أنه قاد ثورة للعلم والتعليم حيث انه أول حاكم في العالم يقرر إلحاق مائتي ألف سعودي بأفضل جامعات العالم (أكرر 200 ألف طالب بأفضل جامعات العالم), وأن عدد الجامعات في السعودية من عهد المؤسس عبد العزيز إلي بداية عهده كانت 8 جامعات وأصبحت في عهد الملك عبد الله 28 جامعة ومنها ما صمم ليكون مثل أفضل جامعات العالم علي الإطلاق أي أنه تمت مضاعفة عدد الجامعات أكثر من ثلاث مرات في تسع سنوات, وبالمثل المدارس زاد عددها من 14 ألفا إلي 17 ألف مدرسة... وأن ميزانية التعليم أصبحت ما يقرب من ربع موازنة الدولة (وهو رقم غير مسبوق في تاريخ العالم كله) لتصبح 24% بإجمالي 855 بليون ريال سعودي... قال رسول الله صلي الله عليه وسلم «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية, أو علم ينتفع به, أو ولد صالح يدعو له»... سيسجل التاريخ أن خادم الحرمين هو أول من قام بتمكين المرأة في السعودية وحقها ومشاركتها لأول مرة في الانتخابات المحلية وأن في عصره دخلت 30 امرأة للبرلمان بعدما حرمت المرأة من كافة الحقوق السياسية والمجتمعية لعهود كثيرة في شبه الجزيرة العربية... وسيسجل التاريخ أيضا أنه في عهده تم توظيف ثلاثة ملايين موظف وعسكري ومعلم وممرض وتمت زيادة الرواتب لكل من يعمل والارتقاء وتحسين مستوي المعلمين... سيسجل التاريخ انه في عهده تحققت طفرة في العلاج في المملكة وبعدما كان أبناؤها يعالجون بالخارج أصبحت مقصدا للعلاج المميز وأنه انشأ عددا من المدن الطبية منها مدينة الملك فهد الطبية في الرياض, ومدينة الملك عبد الله الطبية في مكة, ومدينة فيصل الطبية في أبها, ومدينة الأمير محمد الطبية, ومدينة الملك خالد الطبية في الدمام, وعشرات المستشفيات الكبري في كافة أنحاء المملكة... سيسجل التاريخ أيضا أنه في عهده تم بناء نصف مليون مسكن لأبناء المملكة تكلفت 250 مليار ريال... سيسجل التاريخ أنه في بداية عهده كانت قروض بنك التسليف 400 مليون ريال وصلت في نهاية عهده إلي 28 مليار ريال سنويا... سيسجل التاريخ أيضا أنه من عهد الملك عبد العزيز إلي أن استلم الحكم كان بالمملكة طرق وكباري تكلفت 31 مليار ريال بينما بلغ ما نفذ في عهده 107 مليارات ريال. وأنه قاد ثورة في النقل حيث بدأ في عهده تنفيذ قطار مكة – المدينة والمتوقع انتهاؤه هذا العام وأيضا شبكة طولها 950 كيلومترا بين جدةوالرياضوالدمام وجبيل والخط الشمالي الجنوبي وطوله 2400 كيلو متر للركاب والبضائع... سيسجل التاريخ أنه أول حاكم عربي استلم الحكم والدولة مدينة بما يفوق 600 مليار ريال وأنه غادر الدنيا والسعودية تتربع علي احتياطي قدرة 8ر2 تريليون ريال (2800 مليار ريال) أي انه أضاف 3400 مليار ريال إلي خزانة الدولة في تسع سنوات للأجيال القادمة... هذا بعض مما قام به خادم الحرمين وخادم شعبه – في تسع سنوات – وهو سجل وأجندة لكل حاكم بما يجب أن يفعله فكرا وتنفيذا لأبناء شعبه... وسجل خادم الحرمين في الدعم والمساندة للشعوب العربية ولمصر سياسيا واقتصاديا سيذكره التاريخ. البعض مما قام به يعلن والكثير لا يعلن... ولم ولن ينسي شعب مصر ما قامت به السعودية من دعم ومساندة قبل وأثناء حرب أكتوبر المجيدة, ودعم ومساندة لإعادة بناء وإصلاح مصر في الثمانينيات والتسعينيات, ودورها القيادي مع الامارات والكويت في دعم مصر بعد ثورة الشعب في 30 يونيو 2013... رحل الملك عبد الله خادم الحرمين وخادم شعبه وخادم العروبة وستبقي أعماله وانجازاته الملموسة لشعبه تقدما ورخاء وللعروبة أمنا وسلاما... حزنت الشعوب العربية كلها علي رحيله وستبقي الأجيال تذكره بعمله الصالح. رحمه الله.