هي .. دعوة لملاقاة السراب.. علّ اللقاء يكشف الوجه القبيح المُخادع الذي قد يغريك وأنت في وسط القيظ أن هناك ماء علي مدي البصر يراودك عن نفسه, ويُعلن لك عن بعد, أن ثمة مايمكنه أن يروي شفاهك العطشي والمُتعطشة للبقاء.. فتجري وتلهث لتصل في نهايته لصحراء التيه! وهي.. رحلة بحثية يصحبك فيه صاحبها الكاتب والمفكر والباحث الإماراتي الكبير د.جمال سند السويدي مدير مركز الإمارات للدراسات والبحوث..بوعي حاسم منه لضرورة مواجهة المأزق العربي السياسي الإسلامي من خلال رؤي علمية منهجية تفرد شراعها في عوالم وعوامل تأصيل حقيقة الصراع ونشأته وتغلغله في الجسد العربي من خلال الجماعات الدينية المتأسلمة.. التي تسعي لوأد أحلامنا المُستقبلية في غد أفضل! في حفل إعلان كتاب « السراب «والذي احتضنته مؤسسة الأهرام الثقافية الشامخة, وبدعوة شخصية تلقيتها من الكاتب الصحفي الكبير أحمد النجار رئيس مجلس إدارة الأهرام, اجتمعتُ ونخبة من صفوة كبار المُثقفين والإعلاميين والمبدعين والفنانين المصريين.. كانت الاحتفالية الأنيقة بالكاتب والكتاب.. الكتاب الذي اختارصاحبه عن عمد أن تكون انطلاقته من القاهرة ليأتي الاحتفاء به متمما لروابط الاتصال العميق بين مصر والإمارات الحبيبة, وليكون كاشفا في فصوله عن تأصيل مفهوم الدين والسياسة, وأفكار الجماعات الإسلامية علي اختلاف أشكالها واتفاق مضامينها وجوهرها مابين الإخوان والسلفيين والسروريين والتنظيمات الجهادية! يأتي هذا التتبع المتعمق ليرصد تغلغل هذه الجماعات في المنطقة العربية, في محاولة بائسة ويائسة منها لاحتكار تفسير الدين, ولخلط الأوراق من أجل تحقيق مصالحها الشخصية والسياسية.. كما يرصد نفور الرأي العام في أغلبه منها ومن أفكارها المتطرفة التي تُمكّنها من أن تُنصبّ نفسها حكما ورقيبا وقاضيا بالعنف علي أي فكر مغاير..مما يعني أن مواجهة هذا التطرف يتطلب شقا فكريا تخطيطا بعيد المدي لاتقل أهميته,بل ربما تفوق, أي معالجات خُططية علي الصُعدّ الأمنية والعسكرية. من هنا كانت دلالة كلمة «السراب» لدي الكاتب تحمل معنيين الأول هو أنه..من دون تدارك الأخطاء والانفتاح علي الآخر والتحرك نحو الحداثة والتطور العلمي والتقنيات الحديثة, سيظل العالمان العربي والإسلامي يعانيان ظاهرة السراب..أما المعني الرمزي الثاني فهو.. أن حال من ظنوا في الجماعات الدينية السياسية خيرا,هو كحال من خُدع بظاهرة السراب التي يُخيل للناظر إليها أنها شئ وهي ليست بشئ! مسك الكلام.. عاش العرب السراب دهوراً..وأدركوا حقيقته تماماً.. ولكنهم للأسف أدمنوا معاشرته دوماً!