اسرائيل مازالت تتكتم اخبار إنتاجها للعديد من القنابل النووية «اول قاعدة امريكية بشأن الترسانة النووية الاسرائيلية انه لا توجد ترسانة نووية اسرائيلية».. هكذا اختصر جيفري لويس - مدير برنامج شرق آسيا لمنع انتشار الاسلحة النووية بمركز جيمس مارتين لمنع الانتشار - سياسة واشنطن في التعامل مع ملف تل أبيب النووي. أوضح لويس في تقرير نشرته مجلة فورين بوليسي التوجه الأمريكي الذي اعتبر انه لا يصب في مصلحة اسرائيل.. واستشهد بتقرير نشره موقع الاستراتيجيات والسياسات العالمية «سرفايفال» لجيمس دولي الباحث بمركز «لوس آموس ناشونال لابوراتوري» الذي اباح فيه بالسر الأعظم بالنسبة لواشنطن وكان سببا في فصله من المركز.وادرج «دولي» قائمة توضح سلسلة من فشل استخدام اسرائيل لقوة الردع الشنووي ومن بينها حرب اكتوبر 1973 التي فاجأت بها مصر العدو الاسرائيلي. قال جيفري لويس انه منذ أواخر ستينيات القرن الماضي تتعامل الولاياتالمتحدة مع حقيقة الأسلحة النووية الاسرائيلية باعتبارها سرا وطنيا مهما.. وأضاف انه حان الوقت للاعلان عن حقيقة القنبلة النووية الاسرائيلية حتي اذا لم تسمح بذلك اسرائيل. الوضع بالنسبة لاسرائيل غريب.. المسئولون الأمريكيون باستطاعتهم التحدث حول اي برامج تسلح نووي موجودة حتي برامج الدول الصديقة.. اكثر من ذلك، يمكنهم ايضا التحدث عن برامج غير موجودة (العراق).. اما بالنسبة لاسرائيل، فالأمر مختلف. تعود السياسة الأمريكية الي ادارة الرئيس نيكسون التي اختارت ان يظل السلاح النووي الاسرائيلي شديد السرية بدلا من ممارسة الضغط علي الدولة الحليفة للانضمام الي معاهدة منع الانتشار النووي. الحقيقة انه في منتصف سبعينيات القرن الماضي خلصت المخابرات الأمريكية (سي آي ايه) الي ان اسرائيل امتلكت اسلحة نووية.. حتي انه في 1974 كشفت تقريرات ل»سي آي ايه» التالي: «نعتقد ان اسرائيل انتجت بالفعل اسلحة نووية».. وفي 1974 نشرت نيويورك تايمز هذه المعلومات. في عام 1986، تبددت كل الشكوك حول امتلاك تل ابيب لأسلحة نووية بعدما سافر موظف مفاعل ديمونة الاسرائيلي مردخاي فانونو الي لندن ليخبر صحيفة «صنداي تايمز» عن قصة منشآت الأسلحة النووية السرية في ديمونة باسرائيل مدعمة بصورة نموذج لسلاح نووي.. حصل فانونو بعدها علي اقامة في بريطانيا بموجب قانون حماية الشهود- لكن الموساد الاسرائيلي جند امرأة لاستدراجه الي ايطاليا التي اختطف منها ليخضع لمحاكمة سرية في اسرائيل. قال لويس ان احد الأوجه السلبية للسياسة الحمقاء التي تنتهج رفض الاعتراف بالقنبلة الاسرائيلية هو ان الأمر سيفرض بشكل أهوج وغير متوقع. عندما تم ترشيح روبرت جيتس لتولي منصب وزير الدفاع الأمريكي- قال خلال جلسة استماع لاعتماده من قبل مجلس الشيوخ حول دوافع حكومة طهران للحصول علي اسلحة نووية ان «ايران محاطة بجيران مسلحين نوويا بينهم اسرائيل في الغرب- شيئا لم يحدث رغم ان جيتس كان مديرا للمخابرات المركزية. بل انه تم اعتماده وزيرا للدفاع. اشار لويس الي انه سمع من العديد من المسئولين الحاليين والسابقين خلال جلسات خاصة ان اسرائيل لديها ترسانة نووية. يذكر ايضا ان ايهود اولمرت صرح في زلة لسان خلال مقابلة تلفزيونية في ديسمبر 2006 عندما كان رئيسا لحكومة تل ابيب ان اسرائيل لديها ترسانة نووية. يوجد حل بسيط لهذه المشكلة وهو تغيير القواعد الخاصة بالتعامل مع القدرات النووية الأجنبية للافصاح عن حقيقة ان المخابرات الأمريكية تعتقد ان اسرائيل تمتلك اسلحة نووية منذ سبعينيات القرن الماضي.. هذا كل ما في الأمر.ومع ذلك- لا ينبغي الافصاح عن تفاصيل المخزون النووي- ولا تدعو الحاجة لعقد مؤتمر صحفي لأن قواعد التعامل مع القدرات النووية الأجنبية هي في الأساس قواعد سرية.. فقط سيتحتم علي المسئولين الأمريكيين الاعتراف بوضوح وبدون خوف من فقدان وظائفهم. الافصاح عن حقيقة الوضع النووي الاسرائيلي لا يتطلب تغيير السياسات تجاه اسرائيل او القنبلة.. فحدود التعاون النووي السلمي الأمريكي مع اسرائيل علي سبيل المثال ينبعث من حقيقة انها لم توقع علي معاهدة منع الانتشار النووي- وليس امتلاكها للأسلحة النووية. بالنظر الي الهند.. الولاياتالمتحدة تعترف علنا بوضع الأسلحة النووية للهند خارج معاهدة منع الانتشار النووية- لكنها لاتزال تتفاوض حول اتفاقية تعاون نووي سلمي مع نيوديلهي. من جانبها- سوف تحافظ اسرائيل علي سياستها النووية المحاطة بالغموض. افنير كوهين- قال في آخر مؤلفاته- «اسوأ سر: صفقة القنبلة الاسرائيلية» الذي يوضح فيه ان اللاشفافية الاسرائيلية تضر بالديمقراطية- مدللا علي ذلك بان الاعلان مطلوب لفتح حوار محلي بشأن الموضوع. يمكن القول ان السرية الأمريكية تضر بالمصالح الاسرائيلية.. فالايرانيون مغرمون بالاشارة الي الاسلحة النووية الاسرائيلية لتبرير الاسلحة النووية التي ينفون بناءها.. قال لويس انه لا يعتقد ان هناك علاقة بين اسرائيل والبرامج النووية الاسرائيلية باستثناء الدعاية التي تروج لها طهران بشأن الشكوي من المعايير المزدوجة. ورأي لويس ان رغبة ايران في الحصول علي قنبلة نووية بدأت مع العدوان علي العراق في ثمانينيات القرن الماضي.. كما ان الايرانيين الذين يريدون القنبلة لن يستهدفوا بها اسرائيل.. لكنهم يفضلون التعامل في المنطقة بمنطق الوكالة واحد اشكالها دعم حزب الله في لبنان.. وأضاف: «اذا تخلت اسرائيل عن اسلحتها النووية غدا- لا اعتقد ان الحسابات الايرانية سوف تتغير قيد أنملة». لكن من المستحيل تخيل وضع تهدد فيه اسرائيل باستخدام الاسلحة النووية ضد ايران الا اذا خططت طهران لشئ جنوني مثل شحن اسلحة نووية لحزب الله.