لم نفق بعد من انقلاب حماس في غزة في العام 7002. والذي كان أحد تداعياته استمرار الخلاف مع حركة فتح والسلطة الوطنية، والتي قسمت الشعب الفلسطيني ايديولوجيا وسياسيا وجغرافيا. حتي فوجئنا بدخول مرحلة جديدة يمكن ان نطلق عليها »تقسيم المقسم« فالخلافات الآن قوية وشديدة. داخل حركة فتح التنظيم الفلسطيني الام الذي قاد النضال السياسي منذ بداية الستينيات في القرن الماضي، والذي يأخذ طابعا شخصيا ما بين محمود عباس من جهة وعناصر مهمة في اللجنة المركزية للحركة وبين مجموعة اخري تضم محمد دحلان رجل فتح القوي، وناصر القدرة وزير الخارجية الفلسطيني السابق، وابن اخت الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات. وتوفيق الطيراوي احد القيادات الامنية في الضفة وسلطان ابوالعينين ممثل فتح في لبنان.. وابوماهر غنيم امين التنظيم ووصل الامر إلي اتهامهم بالتآمر علي زعامة محمود عباس. ومعهم مروان البرغوثي وهم يرشحون القدرة رئيسا جديدا خلفا لابومازن. الخلافات احتدمت في الاونة الاخيرة. اصبح عنوانها محمد دحلان الذي قررت اللجنة المركزية منذ ايام تنحيته من منصبه كمفوض لإعلام الحركة ومنعه من المشاركة في اجتماعاتها وتكليف نبيل ابوردينة بمهامه، والاتهامات الموجهة إلي دحلان تتراوح ما بين التطاول شخصيا علي ابومازن. في اجتماعات الحركة، ما بين تكديس اسلحة وذخائر في رام الله للقيام بانقلاب ضد ابومازن والغريب هذه المرة انها خلافات بين اصحاب توجه سياسي واحد فالجميع يتبني خيار المفاوضات ولا يختلف حول اسس الحل التي أقرت منذ سنوات طويلة وتطالب بقيام دولة فلسطينية علي حدود 4 يونيه 76 والقدس الشرقية عاصمة للدولة وعودة اللاجئين مما يعني ان الخلاف هذه المرة يأخذ طابعا شخصيا. ودحلان مهما اختلفنا معه وسياساته فقد كان جزءا من المنظومة وليس خارجا عنها، بل انه كان ركناً مهماً في محور اتهم بمعارضة ابوعمار في سنواته الاخيرة وضم ايضا محمود عباس مما جعل البعض يتساءل حول اسباب خلاف اصدقاء الامس، الازمة الحالية ليست الاولي ولن تكون الاخيرة فقد سبق ان تعرض التنظيم لمثلها كثيرا وحدثت داخله انشقاقات وخرجت بعض القبارات إلا ان الظرف السياسي الحالي هو الاكثر دقة ويستدعي تجاوز مثل هذه الخلافات لان المستفيد الوحيد منها اسرائيل. التي تجيد اللعب علي التناقضات الفلسطينية. وتعزز خطط اشغال الفلسطينيين وانهاكهم في صراع داخلي واستنفاد قدراتهم وهي الاكثر سعادة بتراجع فرص المصالحة الفلسطينية ولن تدخر جهدا في المساهمة في تعزيز الخلافات بين ابناء التنظيم الواحد. ودعونا نتساءل لماذا الخلافات اصلا وكل الشعب الفلسطيني مازال يرزح تحت الاحتلال ويعيش ظروفا لاإنسانية وهو الوحيد الذي يدفع الثمن.