المصري الحقيقي لا يمكنه أبدا أن يتورط في اتهام بلاده مثل هذا الاتهام وهو يطل من نافذة إعلامية أجنبية مهما كانت قناعته العنوان قاس وعنيف لكنه للأسف دال وصادق وأقول للأسف لأنه جاء واصفا لمذيع يقال إنه مصري ومؤقتا فقط وبحكم البيانات المدونة في بطاقته الشخصية وجواز سفره أقول عنه إنه مصري. مشهده المذل كان في برنامج أذيع منذ عدة أيام علي شاشة قناة الجزيرة الإخبارية ضيفا الحلقة صحفي قطري ومعه أكاديمي مصري أما المذيع المقصود فاسمه محمود مراد شاب وسيم قدراته الإعلامية جيدة جدا وحضور لغته دلالة وتعبيرا تشي بمستوي ثقافي راق لكنه في المقابل معدوم الإحساس الوطني فارغ من أدني مستويات الكرامة القومية لماذا ؟ لأن الصحفي القطري قال له حرفيا إن مصر بقيادتها الحالية تؤدي تماما لأهل غزة ما كان الكفار في قريش يؤدونه في حصار الرسول صلي الله عليه وسلم وأصحابه في مكة. ابتسم المذيع المثقف ابتسامة بلهاء دون أن ينطق ببنت شفة واعتراه ذل أعجز لسانه وأعجز ضميره من قبل عن أي نطق وأنا أصف موقفه هذا علي ذلك النحو المتشدد في الألفاظ والتعابير من خلفيتي الشخصية والمهنية إذ إنني مذيع عركت مواقف متعددة كان ملؤها التحدي إذ بدت فيها المخالفة وظهر فيها التضاد بينا وواضحا بين اعتقادي وإرادة الجهة المالكة للقناة الإعلامية وانتصرت دوما لما أعتقد وأؤمن سيقول بعض القراء: ولكن لماذا لا تنتحل لمذيع الجزيرة العذر إذ إن ما نطق به الضيف يعبر بالفعل عما يعتقده ويؤمن به؟ وهنا أقول وأكرر وأشدد علي أن المصري الحقيقي لا يمكنه أبدا أن يتورط في اتهام بلاده مثل هذا الاتهام وهو يطل من نافذة إعلامية أجنبية مهما كانت قناعته وقد كنا في قنوات أجنبية أثناء حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك وكنت قد شاركت قبل سفري في مظاهرات تندد بحكمه وهتفت أمام نقابة الصحفيين مرات بسقوطه لكنني أبدا لم أكن أسمح لنفسي ولا لغيري بأن يتناول قيادة مصر بما يهينها أو يشينها إلا أن أكون علي أرض بلادي ثم إن الذل الذي حكم منطق المذيع وطبيعة علاقته بالمحطة التي يعمل فيها قيد عقله ولسانه حتي عن أن يعقب أي تعقيب يؤكد فيه علي دور مصر التاريخي تجاه فلسطين وكل شبر من أراضيها بل لعل ماتولاه حين خاطره الخاطر بمثل هذا الحديث هو كيف يذكر بمصر الهامة والعلامة بينما دولة قطر التي يعمل فيها تري أن مصر لم تصنع في حياتها منجزا سوي قرص الطعمية وهو يدرك أن الدور القطري المزعوم يصور لنفسه الطامحة بجنون أنه في حال تنافس مع الدور المصري. إذن ذلك المشهد يجسم حالة رديئة من إذلال الإعلامي تحت وطأة تأثير المال ربما أو تحت وطأة الإيديولوجية ربما لكنه في كل الأحوال لاشك شعر بخزي العاجز ولاشك أنه جلب لذاته عدم الاحترام حتي من المتحدث القطري الكاذب نفسه ،إن هؤلاء ينبغي بالفعل أن نتخلص من انتسابهم إلي الوطن عبر قانون عادل يقضي بأن أبسط حقوق الوطن علي المواطن ألا يقبل أو يبارك إهانة وطنه في أي موقف أو أية مناسبة سوف يقول البعض: لكن مصر ليست هي القيادة وأقول هنا علمتنا الأيام أن الأمم الحرة العريقة لا يمكن أبدا أن تستبقي في حكمها من يخون هويتها وشخصيتها وثوابتها القومية والوطنية ولعل الثلاثين من يونيو شاهد رئيس علي ذلك. الغريب أن الأمر لم يعد مقصورا علي إعلاميين وحسب بل تعداه إلي شخصيات امتهنت مهنة حديثة وهي ( ضيف تليفزيوني دائم ) لاشك أن المقابل المادي لهذه الوظيفة كبير جدا ولكن تري مهما كان هذا المقابل هل يكافئ حرمان الإنسان من وطنه ؟ هل يساوي افتقاده احترام الآخرين بل واحترامه لنفسه ؟ آه لو أدرك هؤلاء حقيقة صورتهم في عيون المصريين.