مرة أخري اللغة، والجدل الدائر حولها، سواء علي صفحات «الفيسبوك» والمنطق المجاني الذي يفرغ اللغة من معناها وقيمتها، أو داخل المسلسلات الدرامية، والتي انتقدها الكثيرون هذا العام، واعتبروها تصطدم مباشرة بالأخلاق والذوق العام ،حين تنقل لغة الشارع الي الفن، وتتعمد استخدام الألفاظ البذيئة والعبارات الخادشة في الحوار، للدرجة التي طالب فيها البعض من النقاد بوضع لافتة (للكبار فقط) أمام المسلسل الدرامي الذي يستخدم مثل هذة الألفاظ والعبارات، أو يتناول موضوعات جريئة، كما حدث في رمضان الماضي مع مسلسل (موجة حارة) بالتنوية علي مشاهدته لمن هم فوق سن 18 ! ! اعتراضات كثيرة، ربما أيضا اتهامات ومطالبات رقابية علي العمل الفني، تتم وفقا لمعايير أخلاقية، لا معايير فنية وجمالية، يقيم العمل الفني طبقا للمقايس الأخلاقية والاجتماعية والذوق السائد، وليس بقراءة جمالية تحلل المنطق الفني للعمل، وبرأيي(وهو رأي كثيرين أيضا) لا توجد لغة مهذبة، ولغة غير مهذبة، ولكن دائما السياق هوما يحدد طبيعة اللغة، وأشكال تجاوزها.. ثمة مفردة مهذبة تستخدم في سياق غير مهذب فتكتسب صفته ومعناه، والعكس أيضا، السياق هو ما يحدد وظيفة اللغة ودلالاتها..لا توجد مسلسلات درامية تقدم ألفاظا بذيئة، الا إذا كانت اللغة داخل هذة المسلسلات خارج السياق الدرامي، تستخدم بشكل مجاني ،وهو ما يجعلنا ننتبه للبذاءة والخروج اللفظي..صحيح أن الواقعية في الفن ليست هي الواقع في الحياة، لكن الفن أيضا لا يبدل الواقع ولا يجمله، وعلي اللغة أن تخضع في العمل الفني، لمنطق الشخصية التي تقدمها وثقافتها وبيئتها، ففتاة الليل، أو تاجرة المخدرات، أو السجينة في عنبر القاتلات أو النشالات (كما في سجن النسا) لا يمكن أن تتكلم بلغة المثقفين، أو لغة المتأدبين والمحافظين.. ولغة الجاهل غير لغة المتعلم أو المثقف.. تلك هي مصداقية العمل الفني، ومصداقية اللغة.