يبدو ان كل الظروف مهيأة لآبعاد نوري المالكي رئيس الوزراء العراق المنتهية ولايته عن تولي هذا المنصب لفترة ثالثة كما كان يسعي ويتمني بعد ان تلقي في الاسبوع الماضي عددمن الضربات كلها تهدف الي ابعاده من المشهد السياسي هناك خاصة وان كل الاطراف العراقية والاقليمية والدولية تحمل المالكي مسؤولية الازمة الموجود ة في العراق حاليا فمع اقتراب الموعد الذي حدده الدستور لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة. تتزايد الخلافات والاتهامات داخل الائتلاف الحكومي الذي يتزعمه المالكي والتي تمثلت الاسبوع الماضي في انفصال فصيلين رئيسيين من مكونات تحالف القانون الذي يرأسه ويسيطر علي 95 مقعدا في البرلمان المكون من مقعدا وهما كتلة «مستقلون» بزعامة حسين الشهرستاني نائب رئيس الوزراء ولها 33نائبا في البرلمان الجديد وكتلة» بدر» بزعامة هادي العامري وزير النقل ولها «22»نائبا نكاية في المالكي واصراره علي الحصول علي ولاية ثالثة في رئاسة الحكومة مع ان حزب الدعوة الاسلامية الذي يتزعمه داخل الائتلاف لم يحصل الا علي 13 مقعداً في الانتخابات البرلمانية التي شهدتها العراق في أبريل الماضي .. رغم سياساته الطائفية ونزعته الاستبداديةالتي جعلته يسخر القضاء العراقي لصالحه ويعتقل الآلاف من السُنة دون محاكمة. وهي السياسات التي سهلت لتنظيم الدولة الاسلامية» داعش» السيطرة علي مناطق متعددة في شمال وغرب العراق بحجة الدفاع عن السُنة ضد حكومة المالكي المدعومة من إيران. حيث تتصاعد الخلافات داخل البرلمان العراقي حاليا بين ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه المالكي والتحالف الوطني الشيعي بزعامة ابراهيم الجعفري حول تسمية الكتلة الاكبر في البرلمان علي اساس ان الكتلة الاكبر هي المنوط بها تشكيل الحكومة القادمة، بعد رفض المالكي التوقيع علي وثيقة اعلان التحالف الوطني بانه الكتلة الاكبر في البرلمان ،في الوقت الذي اكد عدد من نواب ائتلاف دولة القانون علي تمسكهم بترشيح المالكي لرئاسة الحكومة واعتبار ائتلافهم الكتلة الاكبر في مجلس النواب. وجاءت الضربة الثانية للمالكي من المرجع الشيعي الاعلي علي السيستاني بعد ان دعي مؤخرا الي تشكيل حكومة جديدة خلال 15 يومًا كما ينص الدستور وعدم تشبث المسؤولين بمناصبهم لدي تشكيلها، في إشارة إلي اصرار المالكي علي رئاسة الحكومة لفترة ثالثة رغم رفض اغلب اعضاء التحالف الشيعي والتحالف الكردستاني واتحاد القوي العراقية السني ترشيح المالكي لولاية ثالثة، وبدأ التحالف الشيعي بالفعل في تقديم مرشحيه لرئاسة الوزراء علي اساس انه الكتلة الاكبر في البرلمان العراقي. في الوقت نفسه فان معظم مكونات المشهد السياسي ومنها جزء كبير من التحالف الشيعي الذي كان يؤيده يلقي علي المالكي مسؤولية فشل العملية السياسية في العراق ، بسبب افتقاد حكومته الدعم الشعبي الذي كان من الممكن ان يؤهلها للصمود في وجه منظمة داعش بالاضافة الي اطراف دولية واقليمية تري في التخلص من المالكي حلا للازمة التي تفاقمت نتيجة سياساته الطائفية وخيارته الخاطئةعندما راهن علي إمكانية الحسم العسكري والغطاء السياسي الذي يؤمنه له أصحاب القرار العراقي في ايران. وتري ان القوات العراقية علي مدي شهر من عمر الأزمة لم تفلح بالتقدم باتجاه المناطق التي خرجت عن سيطرتها، ولم تفلح الميليشيات الشيعية في صد هجمات منظمة داعش ولم تستطع خبرات الحرس الثوري الايراني، الذين يتردد انهم يقاتلون إلي جانب الجيش العراقي في احداث تغيير ملموس علي الارض. فرغم ان البعض اعتبر ان توافق البرلمان علي انتخاب سليم الجبوري رئيساً للبرلمان العراقي والكردي فؤاد معصوم لرئاسة الجمهورية ،يمثل خطوة تبشربحصول تفاهمات عراقية وإقليمية ودولية قد تسرّع في خروج العراق من ازمته التي تصاعدت بعد تمدد « منظمة داعش الارهابية» في الاراضي العراقية، بات الخلاف بين المكونات العراقية علي نوري المالكي ليمثل ازمة اكبر..نتيجة لتمسك المالكي بالبقاء في منصبه ، ودعم إيران القوي له، فلا يبدو حتي الان أن إيران تثق بأي شخصية أخري من داخل التحالف الوطني الشيعي ليحل مكانه في رئاسة الحكومة ولهذا لا يتوقع البعض ان تنتهي الازمة في وقت قريب. أو تنتهي الأزمة ببقاء المالكي رغم أنف الجميع!.