كريم عبدالكريم درويش استطيع ان اجزم ان الرئيس القادم لمصر سوف يكون رئيسا «صناعة مصرية» بدرجة كبيرة والمقصود هنا بأنه رئيس صناعة مصرية انه سوف يكون رئيسا صنعه الشعب واراده واختاره وانه رئيس شعبي منتخب لم يقفز للحكم او يسطو علي كرسي الحكم عن طريق اي ترتيبات مسبقة او بحكم منصبه او وظيفته كما انه لم يأت عن طريق انقلاب عسكري او بحكم انتمائه للمؤسسة العسكرية فالاختيار هذه المرة للشعب ومن الشعب. واذا كان الامر كذلك فهذا الرئيس سيكون متحررا من كل الاحمال التي تقع علي عاتق رئيس يأتي بسبب انتمائه لحزب معين او بسبب قبليته او عصبيته او عشيرته، كما انه والاهم من كل ما سبق سيكون غير مدين لاية دولة وعلي الاخص الولاياتالمتحدةالامريكية بجميل الوصول الي كرسي الحكم بل علي العكس قد يكون وصوله للحكم رغم انف الولاياتالمتحدة وعلي غير رغبتها، ولنا في التاريخ عبرة حيث نجد ان الغالبية العظمي من الرؤساء الذين تولوا الحكم في دولهم علي غير رغبة من الولاياتالمتحدة استطاعوا ان يحققوا نهضة حقيقية في بلادهم والعكس صحيح ان من ترضي عنه امريكا وتمكنه من السلطة لا يعمل الا لخدمة مصالحها ولا يلتفت لشيء سواه. نعود لنقول ان هذا الرئيس سوف يكون صناعة مصرية شعبية لذلك نتوقع ونتمني ان يكون عند حسن ظن الشعب ملبيا لمطالبة ومحققا لاماله، وهنا يبرز دور الشعب الحيوي في الخروج الكثيف والمشاركة الفعالة في انتخابات الرئاسة القادمة لانه كلما زادت نسبة المشاركة واعداد المشاركين زاد الحمل علي عاتق هذا الرئيس في تحمل مسئولياته تجاه الشعب، وكأنها رسالة من الشعب لهذا الرئيس بأننا اعطيناك صوتنا لتحقق لنا ما نرجوه منك، انها امانة يتحملها هذا الرئيس كلما زادت الاصوات زاد حمل هذه الامانة، ان الشعب مطالب للعديد من الاسباب بالخروج للمشاركة ولعل اول هذه الاسباب هو تحقيق ضغط شعبي هائل علي الرئيس القادم يجعله مدركا ان الشعب سوف يراقب وسوف يحاسب، مما يقضي التزام كل مواطن بالمشاركة وعدم الانسياق خلف الشائعات التي تدعي ان النتيجة محسومة حتي نبهر العالم بمشاركة تفوق كل ما سبق. نقطتان ارجو ان ينتبه لهما الرئيس القادم وان يكونا في عين الاعتبار الاولي ان بعض اجهزة الدولة تعاني فسادا وبيروقراطية قد لا يتخيلها هو شخصيا، هذه الاجهزة التي تكونت واستقرت علي مدي عشرات السنين استطاع الفساد ان يضرب بجذوره في اعماقها وان يمتد ليشكل شبكات معقدة تحتاج الي رؤية استراتيجية ادارية علي اعلي مستوي للقضاء عليها. والنقطة الثانية والتي نحب ان ننوه اليها الان هي ان الرئيس القادم عليه مسئولية اخلاقية ووطنية في حسن اختيار بطانته، لقد رأينا نتائج البطانة الفاسدة، ان الرئيس يجب ان يدرك ان الشعب سوف يحكم عليه هو شخصيا عن طريق من هم بطانته فهذه البطانة ان صلحت صلح الامر وان فسدت فسد الحكم، نتوقع ان الرئيس القادم لن يسمح لاحد بحجب الشعب وصوت الشعب تساعده اية معلومات او خبرات سابقة يكون قد اكتسبها من عمله السابق، لا نريد ان نحمل الامور فوق طاقتها ولكن هذا البلد لا يملك رفاهية التجربة التي قد تنجح وقد لا تنجح. يتبقي البعد الامني والامن القومي لمصر ولا يخفي علي احدكم التهديدات التي تتعرض لها مصر سواء داخليا او خارجيا والاثنين علي نفس درجة الاهمية والخطورة، حدود الدولة المصرية كلها بدرجة او اخري مهددة، الامن المجتمعي داخليا والاستقرار الداخلي يحتاج الي مجهودات شاقة وجبارة لاستعادة الامن والاستقرار، ولذا فانه ان لم يكن الرئيس القادم مقدرا حجم هذه التهديدات وتأثيرها والاهم من ذلك كيفية التعامل معها بحرفية ومسئولية وطنية فاننا بلاشك مقدمون علي كارثة. اتوقع من الرئيس القادم ان يكون مدركا للواقع العالمي الذي نعيش فيه اليوم وان ما كان يصلح من شعارات في فترة من الفترات السابقة لا يمكن تطبيقه اليوم، وان لكل مرحلة ما يصلح لها ومن يصلح لها. في النهاية اتمني ألا لا يري الرئيس القادم في شخص منافسه عدوا له بل علي العكس يراه كمنافس شريف وان يدمج في برنامج عمله الرئاسي اية افكار او حلول او رؤي استراتيجية كانت ضمن برنامج منافسه الانتخابي ان الحكم يجب ان يكون تكامليا لمصلحة الشعب ولما فيه صالح الشعب.