في غمار يوليو 1967 وبينما أتجرع كأس السم من جراء الكارثة المروعة التي حاقت بمصر من جراء قرار عبد الناصر بألاتبادر القوات المسلحة بتوجيه الضربة الأولي لإسرائيل بل تتلقي الضربة الأولي «بدلا من إسرائيل بالطبع» وفي غمار الدوار الذي أصابني مع الملايين من المصريين من جراء القرار وفي طريق العودة لمنزلي لمحت علي واجهة كشك الجرائد بمحطة ترام باكوس كتابا صغيرا من إصدرارات دار الهلال يحمل عنوان -وكأنه الرد الشافي علي ما حدث «شخصية مصر» والمؤلف جمال حمدان فالتقطت الكتاب وأسرعت به إلي منزلي لأتصفحه وبدأت عيني في إلتهام سطوره وعباراته التي خففت ما بصدري من هم قومي عبارات ومعاني ذات جرس خفي وطنين يتردد هامسا في أذني مبشرا لي بالخلود وألفاظ ومصطلحات تم صكها بمهارة وإقتدار ذات نفاذ لحظي للفعل عن مصر وشخصياتها وجوهرها لجغرافيتها الفريدة موقعا وموضعا رحت من خلال هذا السفر البديع اتتبع العوامل التي حكمت حركة مسار التاريخ المصري خلال عصوره منذ القدم علي ضوء خصائص المكان الفريد الموقع والموضع واستنبط بذلك القوانين العامة التي تفسر نبض الحياه بمصر علي ضوء ذلك ولأول مره يقدم جغرافي علي هذا النحو خصائص تلبي حاجات الأثري والمؤرخ في ميدان «المصريات» فمصر أرض التناقضات أرض تنبت الطغيان كلما خفت قبضة الحكومة المركزية بالعاصمة كاما مالت الأطراف للإنفصال «ويتضح ذلك فعلا في عصور الإضمحلال خاصة خلال العصور الفرعونية وماتحاشاه بسماتيك الأول عند بدء تأسيس الدولة الصاوية» والكثير مما يضيق المقال عن تفصيله ، وماأجدرنا بتدريس شخصية مصر من الآن لطلاب الثانوية العامة بكافة تخصصاتهم.