العالم المصري الدكتور فاروق الباز مدير مركز الفضاء والاستشعار عن بعد بجامعة بوسطن الأمريكية شدد في كلمته التي القاها في الجلسة الاحتفالية لتدشين المبادرة العالمية للابتكار من خلال العلوم والتكنولوجيا الثلاثاء الماضي بمكتبة الاسكندرية علي ان المستوي الحالي للخريجين في العالم العربي ليس جيداً، حيث إنهم يفتقرون إلي الخيال والتفكير النقدي، وغير محيطين بالتطورات التي تحدث في العالم، نظرا لأنهم نشأوا علي التعليم من خلال الحفظ والتلقين. د. فاروق الباز ليس هو العالم المصري الوحيد الذي تعاطي حبوب الشجاعة لتشخيص الداء والاعتراف بالمستوي المتدني والمتدهور لسياسات التعليم الجامعي وما قبل الجامعي في مصر والوطن العربي ، ود. فاروق الباز ليس اول من يدق ناقوس الخطر ولن يكون الاخير بين العلماء العرب ، يكفي انه لا توجد جامعة مصرية او عربية ضمن تصنيف الجامعات التي تتمتع بمعايير جودة التعليم علي مستوي العالم ، والاسباب معروفة ومرصودة ومل الجميع من تكرار الحديث فيها ، مؤتمرات ، ندوات ، حلقات بحث ونقاش ، دراسات من باحثين مختصين ، توصيات وراء توصيات ، لكن لا شيء في واقع العملية التعليمية يتغير، وكأن هناك ارادة غير مفهومة وغير مبررة للإبقاء علي مناهج التعليم القائمة علي الحشو واللغو ، والداعية للحفظ والصم ، الرافضة لتحريك الخيال وإعمال العقل في التفكير والابداع والنقد والخلق . مآساة حقيقية تتزاوج معها مأساة فقر البحث العلمي ، اذ تنفق الدول العربية مجتمعة في صناعة الفيديو كليب ، والفضائيات التي يصعب حصرها في الفضاء ما يعادل ضعف ما تنفقه علي البحث العلمي ، العالم يحقق قفزات هائلة في مجال صناعة المعرفة والتكنولوجيا والمعلومات ، عدا ما يحققه في مجالات العلوم ، بينما العالم العربي ينفق ثلاثة ارباع ناتجه القومي في شراء وتخزين السلاح الذي يلقي في المخازن ، مما يسحل من رصيد التنمية في المجالات الحيوية الاخري المتمثلة الان في البحث العلمي ، وتطوير التعليم ، والاستثمار الضروري في التكنولوجيا وصناعة المعلومات والمعرفة . لهذا يحدوني التفاؤل بمنطلقات التفكير المنهجي الذي يتمتع به د. احمد زكي بدر وزير التربية والتعليم الذي يدرك ان مكمن الخطر لو ظللنا نتعامل مع قضية تطوير التعليم علي طريقة " نجرب ونشوف " ، الرجل يريد تطويرا حقيقيا يبدأ من غربلة المناهج وتطويرها وفق المعايير الدولية ، وقد اسعدني انه استعان بالدكتور فاروق الباز للاستفادة من خبراته في تطوير مناهج العلوم ، بعد ان لوحظ هروب الطلاب من الاقسام العلمية للقسم الادبي عاما بعد آخر ، الامر الذي ينذر بحالة تفريغ علمي تؤثر علي الخلق والبحث والابتكار ، والاستعانة بالدكتور فاروق الباز تأتي وفق خطة وضعها د. احمد زكي بدر للاستفادة من جميع علماء مصر الافاضل في الداخل والخارج . يجب ان ندرك جميعا أنه بدون تعليم جيد متطور ، وبدون البحث العلمي ستظل الامة العربية تدور محلك سر ان لم يكن الدوران للخلف ، يعني " ملهاش حل تاني " ! [email protected]