تزامنا مع الأحداث التي تشهدها الساحة العربية وبالتحديد مع الموقف العربي الرافض لتصرفات قطر لدعمها الإرهاب وتدخلها في الشئون الداخلية للدول العربية، سأحكي شهادة للتاريخ يجب أن يعلمها الجميع.. في عام 97 كنت أعمل بإحدي الجرائد القطرية رئيساللقسم الاقتصادي وعاصرت انقلاب الشيخ حمد علي والده الشيخ خليفة والذي كان يزور مصر لحظة انقلاب الابن عليه.. وقتها وجدنا المخابرات القطرية تحتل الجريدة دون أن نعرف السبب وطلبت من الجميع أن يتم رفع اسم وصور الشيخ خليفة من علي صفحات الجريدة.. وفي صباح اليوم التالي وجدنا الأسرة الحاكمة تبايع الشيخ حمد كامير للبلاد.. وبما اننا لسنا أصحاب البلد تعاملنا مع الأمور كشأن داخلي وتعايشنا مع الواقع وكانت هذه المرحلة هي نقطة التحول في تاريخ العلاقات المصرية القطرية.. بعد عزل الأمير الأب الشيخ خليفة تعرضت قطر لأزمة مالية عنيفة كادت أن تجبرها علي إعلان إفلاسها قبل اكتشاف بحر الغاز في رأس لفان ووقتها قررت أن تستضيف مؤتمر الشرق الأوسط الاقتصادي لجذب المستثمرين.. وللحقيقة فإن المؤتمر الذي كان يقام سنويا برعاية أمريكية هدفه الرئيسي هو دمج إسرائيل اقتصاديا في منطقة الشرق الأوسط.. وتصدي حسني مبارك رئيس مصر في ذلك الوقت لهذا المخطط وقام بجولة خليجية وعربية قبل انعقاد المؤتمر ونجح في منع جميع الدول العربية من المشاركة وقررت قطر وقتها توظيف كل إمكانياتها المحدودة في ذلك الوقت ضد مصر.. بدأت بترحيل جزء كبير من العمالة المصرية وأصرت علي استضافة المؤتمر الذي حضره شيمون بيريس رئيس وزراء إسرائيل وأولبرايت وزيرة الخارجية الأمريكية في ذلك الوقت وعدد محدود من الشركات الأسيوية التي اشترت الغاز القطري قبل انطلاق مشروع رأس لفان العملاق لتنقذ الدولة الصغيرة من الإفلاس.. وفي بداية المؤتمر عقد حمد بن جاسم وزير خارجية قطر في ذلك الوقت والعقل المدبر لكل الأحداث التي تشهدها الدوحة وماتزال مؤتمرا صحفيا تلفزيونيا علي قناة الجزيرة كان عنوانه.. (سب مصر)حمد بن جاسم زار فندق شيراتون الدوحة قبل انطلاق المؤتمر بساعات قليلة والتقي بإحدي القيادات الصحفية المؤثرة بالدوحة وأبلغه أن المؤتمر سيكون علي جثة مصر.. وبالفعل قبل انطلاق المؤتمر الصحفي طلب من جميع الصحفيين تسجيل الأسئلة مكتوبة وفوجئنا جميعا بأن من يحضرون المؤتمر هم موظفون في شركات قطرية وهم فقط من يسمح لهم بالتحدث في المؤتمر ووقتها قام حمد بن جاسم بوصف الصحفيين المصريين علي أنهم سحرة فرعون وقال ردا علي سؤال لأحد الموظفين عن سبب عدم زيارة مبارك للدوحة رغم أنه زار جميع الدول الخليجية أن الدوحة لم تكن مستعدة لاستقباله وأننا لا نملك الأموال لنعطيها للمصريين وبعدين.. (وفر وكفا ) ثم اتهم مصر بأنها كانت وراء محاولة الانقلاب الفاشلة التي كادت أن تطيح بالأمير والأسرة الحاكمة في صلاة العيد لأن الأسلحة التي ضبطت كانت تحمل علامة صنع في مصر.. وهنا تدخل مراسل رويترز ووجه سؤالا لبن جاسم وقال له إنك قلت في نفس المكان في العام الماضي أن البحرين هي من خططت للمؤامرة واليوم تتهم مصر فمن ستتهم غدا.. وتدخل بن جاسم وقال له: من الواضح أنك مصري فرد المراسل: لا أنا فرنساوي.. وحاول بن جاسم أن يستفذ كبار الصحفيين المصريين الذين كانوا يشاركون في المؤتمر إلا أنهم رفضوا الحديث معه وطلبوا منه أن يتحدث بأدب عن مصر.. وفي هذه اللحظة تدخلت مادلين أولبرايت وقالت إن مصر ستخسر الكثير لأنها قاطعت مثل هذا المؤتمر وأن مصر لو كانت تتخيل أنها حققت المعجزة بعد ارتفاع معدلات السياحة فهي واهمة.. وانتهي المؤتمر الصحفي الذي تم تخصيصه بالكامل لسب مصر وشعبها.. وفي اليوم الثاني للمؤتمر حدثت مذبحة الأقصر وبالتحديد يوم 17 نوفمبر عام 97 وقتل فيه 58 سائحا معظمهم من اليابانيين علي يد الجماعة الإرهابية وتوقفت حركة السياحة الي مصر وخرج نفس الفريق الذي شارك في المؤتمر الصحفي ليقدم التعازي لمصر في ضحايا المذبحة.. ستظل المؤامرات تحاصر مصر وسيظل جيشها وشعبها في ترابط ضد الأعداء.. وللحديث بقية.