لا جدال أن المعلومات التي تضمنتها الوثائق الامريكية السرية التي كشف عنها موقع »ويكليكس« الالكتروني مهما كانت الجهة التي تقف وراء تسريبها سوف يكون لها تأثير سلبي علي تعامل الدول وزعمائها مع الدبلوماسية الامريكية . من المؤكد أن الحرص الشديد سوف يكون طابع أي مشاورات أو أحاديث أو رسائل متبادلة من أي مسئول في هذه الدول وممثلي الدبلوماسية والاجهزة الامريكية. من ناحية اخري فان حصول الموقع الالكتروني علي هذه الوثائق الحقيقية هو بكل المقاييس فضيحة مدوية للامكانات والتكنولوجيا الامريكية في مواجهة الامكانات المتاحة للشبكات العنكبوتية في اختراق عمليات التأمين المتاحة. هذا الذي حدث سوف يؤدي مستقبلا الي عجز صاحب القرار الامريكي في اتخاذ القرار المناسب علي ضوء ما سوف يحصل عليه من معلومات تقدمها له الجهات المعنية علي المستوي الدولي. الشيء الغريب أن تعمل الاجهزة الامريكية علي توجيه الاتهامات والتحذيرات والتهديدات الي موقع »ويكليكس« - الذي يبدو أنه قد استقبلها بعدم اكتراث - بينما من المفروض ان تركز علي العناصر التي كانت وراء تسريب هذه الوثائق سواء كانت بشرية أو قصورا في إمكانات الحفاظ علي سريتها. ليس خافيا تورط اشخاص بعينهم في الاجهزة الامريكية المسئولة عن استقبال وحفظ هذه الوثائق في افشاء اسرارها والتي لا يمكن تبرئتها من حصولها علي منافع قدمتها لهم جهات بعينها . ان الدلائل تشير الي انه قد يكون وراءها توجهات امريكية داخلية او ارتباطات بجهات خارجية مما يجعلها تصل الي حد التجسس. علي هذا الاساس فانه ليس هناك من تفسير لكل ماحدث سوي أن تكون هناك جهة محددة لها مصالح في نشر هذه الوثائق علي الملأ من اجل تحقيق هدف ما يخدم مصالحها. وفيما يتعلق بالوثائق التي كانت الاتصالات الامريكية محورها مع الدولة المصرية فان ما اذيع يصب في صالح المواقف والسياسات الثابتة والمعروف سلفا وعلنا. كان هذا واضحا تماما فيما يتعلق بالعدوان الاسرائيلي الهمجي علي قطاع غزة ومعارضة مصر القاطعة له وكذلك رفض مصر للممارسات الاسرائيلية الوحشية تجاه سكان قطاع غزة والتي تتعارض تماما مع مواثيق الشرعية الدولية ومباديء حقوق الانسان . كما أن ما تناولته هذه الوثائق السرية عن وجهة نظر مصر تجاه ملف ايران النووي وتدخلاتها في الشئون الداخلية لدول منطقة الشرق الاوسط هو نفس ما تقوله في العلن دون اي مواربة . ورغم معارضة مصر وتصديها للغزو العراقي للكويت الا انها في نفس الوقت اكدت رفضها لعملية الغزو الامريكي للعراق وان كانت في نفس الوقت لم تخف رأيها فيما يتسم به الشعب العراقي من طبيعة تاريخية خاصة في التعامل معه. بعد هذا الزلزال الذي احدثه موقع »ويكليكس« فان العالم كله يترقب حاليا ما سوف يكون عليه الاوضاع بعد ذلك.