ولم يكن من أمر ومهما طال الانتظار، فقد كانت مصر علي موعد مع قدرها لتستعيد مكانها الحقيقي في الاطار العالمي مع شق قناة السويس. ذلك الممر المائي الصناعي بطول 139 كيلو مترا بين محافظة بورسعيد علي البحر الابيض المتوسط ومحافظة السويس علي البحر الاحمر، فقد جاءت القناة اكبر عامل اختزال في جغرافية النقل في العالم، وأعادت توجيه القارات ورجت القيم الجيوماتيكية، في عملية جراحية جغرافية، اختزلت قارة برمتها هي افريقيا واسرت طريق »رأس الرجاء الصالح« واعادت وضع الشرق العربي ومصر في قلب الدنيا. لقد تم حفر قناة السويس في 10سنوات »1859 1869« وفي 81 نوفمبر 1862 اقام دي لسبس احتفالا بمناسبة الانتهاء من حفر القناة البحرية المصغرة ووصول مياه البحر المتوسط الي بحيرة التمساح، ثم تولي الخديو اسماعيل حكم مصر في يناير 1863 وتحمس للمشروع، تم جمع الفلاحين، من كل مكان في مصر لحضر القناة بالسخرة بدون ان يحصلوا علي مقابل مادي، وكان عدد العمال مليون عامل ويبلغ عدد الذين ماتوا اثناء الحفر 521 الف عامل، بسبب كثرة العمال وعدم وجود رعاية صحية كافية لهم فانتشر أكثر من وباء بينهم قضي علي كثير منهم ومن هذه الاوبئة، وباء الكوليرا في 61 يونيو 5681، ووباء الجدري في أواخر عام 6681، غير ضربات الشمس، والاصابات بسبب ادوات الحفر البدائية. فقد رويت هذه القناة بدماء اجدادنا، فلابد ان نعي التاريخ والدرس معا ونحافظ علي قناتنا وعلي دماء اجدادنا، ولابد ان يعرف المصريون ان من الصعب تصور انجازات اخري في حدود القدرة البشرية يمكن ان تغير اوضاع الطبيعة اكثر منها، وهم أول من فكر في انشاء قناة تربط البحر الابيض بالبحر الاحمر، وكان السبب الرئيسي لهذا التفكير هو موقع مصر المتوسط بين قارات العالم القديم، وقد قام بهذا الحفر الملك سيتي الاول عام 0131 ق.م واعيد حفرها من جديد في عهد الملك سنوسرت الثالث وفي عهد الملكة حتشبسوت، وعلي المصري الحديث او المعاصر أن يعرف ان له اجدادا عظاما شقوا القناة بعرقهم ودمائهم الي أن اصبحت شريان المواصلات العالمية وعنق الزجاجة في شبكة الملاحة العالمية وكأنما الدنيا كلها علي ميعاد فيها، ومركز الثقل في حركة العالم بين القارات، لذلك اصبحت مصر بموقعها وقناتها مطمعا لكثير من جهات دولية تتربص بمصر وبالقناة بترويج الشائعات عن وجود حالة من الاضطراب الامني والترويج بأن الممر الملاحي مستهدف حتي يكون ذلك ذريعة للتدخل الاجنبي في مصر، احذروا ايها المصريون احذروا.. وحسبنا الله ونعم الوكيل.