وعدت إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما بتزويد إسرائيل بمقاتلات من طائرات »الشبح« بقيمة ثلاثة مليارات دولار، تضاف الي الطائرات العشرين من طراز (اف - 53) التي تشتريها اسرائيل بمبلغ 57.2 مليار دولار وتدفع ثمنها من أموال المنح - الهدايا - التي تحصل عليها من واشنطن. كذلك وعدت إدارة أوباما بأن تستخدم حق »الفيتو« - الاعتراض - ضد أي مشروع قرار في الاممالمتحدة يضع »مشروعية« اسرائيل موضع الشك. ولا تقف الوعود الامريكية الرسمية لاسرائيل عند هذا الحد. فهناك وعود جديدة تنطوي علي عواقب أبعد من ذلك ويمكن ان تؤدي إلي نتائج كارثية تهدد الأمن والسلام في العالم بأسره. فهذه الوعود تشمل تعهد الولاياتالمتحدةالامريكية بالوقوف ضد اي محاولة لفرض انصياع اسرائيل للاتفاقيات والمعاهدات الدولية بشأن الاسلحة النووية. وقد أشار »دنيس روس«، مبعوث البيت الأبيض الي الشرق الاوسط، الي هذا التعهد بطريقة غير مباشرة. وهكذا تتخذ الإدارة الامريكية، برئاسة أوباما، قراراً رسمياً بأن إسرائيل فوق القانون الدولي، ولا تخضع لما تخضع له سائر دول العالم من التزامات ومعاهدات. أيضا تتعهد إدارة أوباما بأن تعارض أية انتقادات موجهة إلي إسرائيل، مثل الانتقادات التي وجهها القاضي الدولي جولد ستون في تقرير عن الحرب الاسرائيلية ضد قطاع غزة خلال حملة »الرصاص المصهور« والتي ارتكب خلالها جنود اسرائيل جرائم حرب مروعة. ثم ان الولاياتالمتحدة تتعهد بمعارضة أي إدانة لاسرائيل بسبب هجومها البربري علي أسطول الحرية، الذي كان ينقل مساعدات غذائية للسكان المحاصرين في غزة في شهر مايو الماضي، وهو الهجوم الذي كان من بين ضحاياه مواطن أمريكي يدعي »فرقان دوجان« (91 سنة)، وقد لقي حتفه علي أيدي المهاجمين الإسرائيليين. والمعروف ان الولاياتالمتحدة لم تجد أن هناك أي تعارض بين اجراء تحقيق »عاجل ومحايد وشفاف ويتمتع بالمصداقية« حول هذا الهجوم - وهو ما طالب به المجتمع الدولي - وبين وضع هذا التحقيق بين ايدي المعتدين الاسرائيليين انفسهم (!) وقد مارست الإدارة الأمريكية ضغوطاً شديدة لكي يتولي الإسرائيليون التحقيق في الجرائم التي ارتكبوها.. هم.. انفسهم (!!) بدلا من لجنة دولية محايدة تشكلها الأممالمتحدة. وكما لو كانت الإدارة الامريكية حريصة علي استفزاز العرب وامتهانهم والتقليل من شأنهم. ففي 02 أكتوبرالماضي، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية اندرو شابيرو - (لكي يطمئن وسائل الإعلام الصهيونية الامريكية واللوبي اليهودي في الولاياتالمتحدة واعضاء الكونجرس الأمريكي) - ان صفقة الأسلحة التي تم إبرامها بين واشنطن والسعودية - وقيمتها ستون مليار دولار - سوف تتم.. لأن إسرائيل لا تعترض عليها(!!). أي أن موافقة إسرائيل مطلوبة قبل ان تقدم أمريكي - المستقلة ذات السيادة - علي أي خطوة تتعلق بصفقة اسلحة مع دولة عربية!! أو أن الإدارة الامريكية استأذنت اسرائيل قبل أن توقع علي الصفقة مع السعودية!! وغداة شهادة القائد العسكري الأمريكي الجنرال ديفيد بترويس في شهر مارس الماضي أمام احدي لجان الكونجرس، والتي قال فيها ان النزاع العربي - الاسرائيلي »يلهب المشاعر المعادية لامريكا« في العالمين العربي والإسلامي ويعرض أرواح الجنود الأمريكيين للخطر.. سارعت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون لكي تؤكد للاسرائيليين ان واشنطن ملتزمة بأمن اسرائيل، وهو ما كرره أوباما في 6 يوليو الماضي وأكد عليه المتحدث الامريكي الرسمي »كراولي« في 4 اغسطس الماضي، ثم أكده - مرة أخري - جوزيف بايدن نائب الرئيس الأمريكي في 7 نوفمبر الحالي. وقامت حملة انتقادات للجنرال بتريوس داخل امريكا عقب إدلائه بشهادته، مما اضطر الرجل للتراجع، وتوجيه سؤال، عبر البريد الالكتروني، الي أحد المحافظين الجدد، ويدعي »ماكس بوت«، عما إذا كان يمكن تحسين صورته عن طريق استضافة المدعو ايلي فيسيل - وهو صهيوني معروف - وحرمه في مقر القيادة العسكرية الامريكية في إحدي الامسيات؟! أنه موقف يدعو إلي الاستغراب عندما يصدر عن اكثر الشخصيات العسكرية الامريكية نفوذاً - الجنرال بتريوس - منذ عهد الرئيس الامريكي الاسبق الجنرال دوايت ايزنهاور!! ولكن.. لا داعي للاستغراب أو الدهشة أو التكهنات،. فالرجل - بتريوس - شعر بالخوف من اللوبي اليهودي في الولاياتالمتحدة. وعندما ألقت المستشارة الالمانية »انجيلا ميركل« خطابا في الكونجرس الامريكي في نوفمبر 9002، لم تتحدث عن أمن الولاياتالمتحدة، ولكنها تحدثت عن أمن إسرائيل!! قالت: »إن أمن دولة إسرائيل - بالنسبة لي - غير قابل للتفاوض، ومن يهدد أمن إسرائيل.. يهددنا ايضا«!! .. حتي كبار المؤيدين لاسرائيل في الكونجرس.. شعروا بالحيرة والحرج والارتباك، وقال أحدهم »ربما ظنت المستشارة أنها تتحدث الي.. الكنيست الإسرائيلي«!! وعندما قدمت الامريكية »إيلينا كاجان« شهادتها في جلسة استماع في الكونجرس لكي يقرر الاعضاء ما إذا كانوا سيوافقون علي تعيينها في المحكمة العليا، اخذت هذه السيدة تتحدث عن القاضي الإسرائيلي اهارون باراك باعتباره مثلها الأعلي وقالت إنه »جوهن مارشال دولة إسرائيل« - تقصد القاضي الامريكي مارشال - .. وكان الأولي بها ان تقول ان جون مارشال هو مثلها الأعلي.. وعندما حاول أحد اعضاء الجلسة تذكيرها بأن باراك كان ناشطا قانونيا - وبالتالي قد لا يكون مقبولاً، بالضرورة، من جانب بعض اعضاء لجنة الاستماع.. قدمت السيدة »ايلينا كاجان« تفسيراً جاهزاً لموقفها، قائلة: »إن إسرائيل تعني الكثير.. بالنسبة لي..«!!أما الجمهوري الامريكي »اريك كانتور«، فقد تطوع لإبلاغ رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو بأن الاغلبية الجمهورية الجديدة في مجلس النواب الامريكي »سوف تكبح جماح الإدارة الامريكية في حالة وقوع أي خلاف بين واشنطن وإسرائيل«! إنه تصريح يثير اخطر التساؤلات..حتي أن احد الصحفيين الامريكيين الموالين لاسرائيل.. أعتبره »غير عادي« و »استثنائيا« علاوة علي أنه »غير مسبوق«. وكل الدلائل تشير - منذ الآن - إلي ان إدارة أوباما سوف تثبت لأمثال »اريك كانتور« والاغلبية الجمهورية الجديدة أنها لا تقل عنهم التزاما باسرائيل، بل تتفوق عليهم في هذا المضمار! وفي 52 أكتوبر الماضي، اضاف المبعوث الامريكي دنيس روس التزاما جديداً تتعهد به واشنطن تجاه إسرائيل، وأعلن عن هذه »الاضافة« في اجتماع للجنة الشئون العامة الامريكية - الاسرائيلية (الايباك) - أكبر لوبي يهودي صهيوني في أمريكا - فقال: »ان امريكا ليست ملتزمة فقط بأمن اسرائيل، ولكن الالتزام الامريكي يتجلي بوضوح في عملنا من أجل إلحاق الهزيمة بالجهود التي تبذل في المنظمات الدولية ضد إسرائيل«. إذن ، فأن الولاياتالمتحدة لن تكتفي بالدفاع عن إسرائيل ووضعها تحت مظلة الحماية الامريكية بل ستتولي إسكات من ينتقدونها وقطع ألسنتهم! وهنا يقول المعلق الامريكي والمحلل السياسي والعسكري - ومؤلف ثمانية كتب مهمة - مارك بيري إن هذا التعهد الامريكي الجديد الذي يعلن عنه دنيس روس يقصد به ان الولاياتالمتحدة سوف تمنع أي محاولة للاعتراف بالدولة الفلسطينية من جانب الأممالمتحدة، وأن هناك اتفاقا أمريكيا - اسرائيليا علي ان تستخدم واشنطن حق الفيتو للحيلولة دون صدور هذا الاعتراف. وخلال اجتماع للاتحادات اليهودية الامريكية الشمالية في »نيو اورليانز« - مؤخراً - كرر جوزيف بايدن ما سبق ان قاله دنيس روس للايباك، ومن استمعوا اليه ، قالوا انه لم يتحدث فقط عن حتمية الدفاع عن اسرائيل، بل ان كل كلمة قالها تعني النظر إلي إسرائيل باعتبارها فوق النقد! وتفاخر بايدن بدوره - شخصياً - في الدفاع عن جريمة العدوان الاسرائيلية علي اسطول الحرية، قائلا: »لقد كنت عاكفاً، ساعة بعد ساعة، عقب الحادث لكي اضعه في إطاره الصحيح مؤكداً أن لاسرائيل الحق في ان تجري تحقيقاتها »المستقلة« بنفسها«!! الرسالة الموجهة إلي المواطنين الامريكيين ممن شعروا بالاسي لمصرع الامريكي »فرقان دوجان«.. واضحة تماما! »إذا قتلك أحد المسلمين، فذلك لأنه أرهابي. أما إذا قتلك إسرائيلي.. فذلك لأنك - انت - إرهابي«!! يقول المحلل السياسي - العسكري الامريكي مارك بيري: صفقة طائرات أف - 53 الامريكية لاسرائيل.. أمر بالغ الخطورة، فهي الطائرة الأكثر تقدماً بين الاسلحة الجوية في العالم، وهي سلاح هجومي وليس دفاعياً. ومعني ذلك ان الإدارة الامريكية ليست معنية بتمكين إسرائيل من الدفاع عن نفسها، بل معنية بتمكينها من مهاجمة الآخرين«! ويقول »مارك بيري«: »السؤال الآن لا يدور حول ما إذا كنا ملتزمين بأمن إسرائيل، ولكن حول ما إذا كان الاسرائيليون ملتزمين بأمن الولاياتالمتحدة.. كما أنها ليست مشروعية اسرائيل التي تحتاج إلي دفاع.. بل مشروعية الولاياتالمتحدة نفسها!!