اصطف الجميع في صفوف منتظمة، ينتظرون الخطاب التاريخي، الجميع يحبس انفاسه، والبعض يهمس بداخل نفسه وكأنه يتحاور مع الآخر متسائلا ماذا سيقول الرجل بعد كل ما فعله هل سيعود مجددا لحديث الوعيد والترهيب؟ الدقائق تمر كأنها ساعات والكل في حالة ترقب وانتظار، دون ان يكون هناك توقع حاسم لمضمون ما سيستمعون إليه. وبعد فترة توقفت الأغاني الوطنية وظهر الرجل اخيراً، ملامحه تشير الي أنه اصبح منكسرا يرتدي ملابس بيضاء، يمسح زجاج نظارته بمنديل ابيض، بالنظرة الاولي تتأكد ان الرجل فقد في الأيام الاخيرة الكثير من وزنه وظهر ذلك جليا علي وجهه وجسده، بدأ الحديث وانصت الجميع. استهل الرجل الحديث بالآية القرآنية ..وقل اعملوا فيسري الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون الي عالم الغيب الشهادة فينبئكم بما كنتم تعلمون، أيها الشعب الكريم، بداية اقدم اعتذاري أسفي الشديد، فقد صمت الآذان وفقدت البصيرة امام مطالب شعب بحجم وقيمة شعب مصر، وفضلت الاستماع الي جماعة ومرشدها ففقدت كل شئ، فقدت المنصب، وفقدت شعبا كان من الممكن ان يحملني علي الأعناق لو حققت جزء ولو يسيرا من احلامه ولكن صدقوني لم أكن مؤهلا لذلك فقد كان الضغط من المرشد وجماعته اكبر بكثير مما تتصورون، فان ما حدث في 30 يونيو هو ثورة متكاملة الأركان حماها الجيش والشرطة وانحازوا لها وانحزت انا للجماعة وأفكارها، فحملهم الشعب علي الاعناق وذهبت انا الي السجن. أبناء الشعب الكرام، اعترف انني طوال عام غلبت مصالح عشيرتي علي مصالح الشعب ولم احقق طموحات الشعب الذي كان يتمني ولو حققت له ما أراد، وكابرنا بعد 30 يونيو وحاولنا المراوغة والتضليل وأطلقنا علي ثورة شعب انها انقلاب وهو غير صحيح ولكن هكذا قرر المرشد وأنتم تعلمون أنه من الصعب ان نخرج عن تعاليمه او نعارضه، ومع ذلك كنت أتصور انه سيعود الي رشده خاصة بعد فشل كل محاولاته التي بذلها بعودتي للسلطة، ولكنه لم يفعل . أيها الشعب الكريم لقد مررت بلحظات تطهر وها انا افعل هذا علنا وأقر واعترف بأخطائي وان ما حدث لخلعي كانت ثورة شعبية خرج فيها الشعب بكامل طوائفه لتنفيذ ذالك، واحمد الله ان الجيش لم يتركني اواجه الأعداد الغفيرة لوحدي وإلا ما كنت موجودا معكم اليوم . الشعب المصري العظيم، أرجوكم تنبهوا لحجم المؤامرة التي تحاق لكن في الخفاء، دون ان تدركوا ذلك، وادعو أنصاري للكف عن استخدام العنف في الشارع سواء ضد الجيش او الشرطة او أفراد الشعب، فنحن حينما سنواجه الله سبحانه سيحاسبنا عما فعلناه، ولذلك فأنا اتطهر امامكم لعلكم تسامحونني وتعفون عن اخطائي، ولن أطيل عليكم ويكفيني ما ذكرته لكم لعله يكون البداية الصحيحة لبناء مصر، وانا في انتظار ما ستسفر عنه محاكمتي واثقا من عدالة القضاء فحافظوا علي مصر لأنها ابقي من الجميع، والسلام عليكم . كانت الدهشة قد طالت جميع الوجوه، بعد خطاب الاعتذار الذي قدمه المعزول مرسي، ولكن الجميع في ذات الوقت اعتبرها البداية نحو البدء في عصر جديد لمصر.