تصطف سفن الدهو المحملة بالبضائع المتجهة إلي إيران بمحاذاة خور دبي. ويقوم عمال بتحميل صناديق تحتوي علي سلع رخيصة مصنوعة في الصين علي هذه السفن الخشبية المهيأة لقطع المسافة القصيرة عبر الخليج إلي الجمهورية الإسلامية.وتتناقض هذه الحركة النشطة مع دلائل متنامية علي أن هذه التجارة التقليدية بين دبيوايران تختنق تحت وطأة العقوبات المشددة بينما تخشي الشركات أن تصبح هذه الحركة من ذكريات الماضي. وألمحت الامارات إلي أنها ستقلص دورها كشريان حياة تجاري ومالي لايران بعدما فرض مجلس الامن الدولي جولة رابعة من العقوبات علي ايران في يونيو حزيران بسبب اتهامات بأنها تسعي لامتلاك سلاح نووي. وقد تسبب هذه الاجراءات كارثة لكثير من البنوك الايرانية والاف الشركات الايرانية التي تتعامل مع دبي التي رسخت سمعتها علي أساس دورها كمركز لاعادة التصدير إلي الخليج. وقال مرتضي معصوم زاده نائب رئيس مجلس الاعمال الايراني والعضو المنتدب لوكالة الشحن جامبو لاين "هناك أثر بالغ علي التجارة بين الاماراتوايران بسبب العقوبات الحالية خاصة علي القطاع المصرفي." وأضاف لرويترز في مكتبه في الطابق الرابع عشر من مبني يطل علي خور دبي المزدحم "بسبب العقوبات التي فرضت في الفترة الاخيرة أصيبت عمليات البنوك الايرانية بالشلل تقريبا. خسرت أعمالها." وفي يونيو أمر مصرف الامارات المركزي المؤسسات المالية بتجميد حسابات عشرات الشركات التي تستهدفها عقوبات الاممالمتحدة التي تشمل 40 كيانا وشخصا واحدا. وفي نوفمبر تشرين الثاني التقي رجال أعمال وتجار بنائب حاكم دبي للشكوي من عوائق تواجه أعمالهم مع ايران بسبب القيود المصرفية. وقال معصوم زاده ان حوالي ثمانية الاف شركة ايرانية بقيت في دبي بعد أن اضطرت نحو 400 شركة للاغلاق بسبب العقوبات والازمة المالية. وقد يؤدي تراجع حاد في التجارة الايرانية إلي الحاق الضرر باقتصاد دبي التي مازالت تنفض عن نفسها اثار أزمة الديون التي عصفت بها في العام الماضي وأثرت علي الثقة في الامارة التي تضم أطول برج في العالم وثلاث جزر صناعية علي شكل نخيل يمكن رؤيتها من الفضاء. وقال ديفيد بتر مدير قسم الشرق الاوسط وشمال افريقيا في وحدة المعلومات التابعة لمجلة ايكونوميست " الروايات التي تؤكد أن هناك تراجعا حادا في أنشطة اعادة التصدير الي ايران تتزايد رغم الافتقار الي أدلة احصائية. "لكن العقوبات الجديدة ستحدث أثرها علي الارجح في النصف الثاني من السنة. الاثار علي الناتج المحلي الاجمالي لدبي ستكون ملموسة لكن ينبغي عدم تهويلها." وأظهرت بيانات الجمارك الاماراتية في يوليو تموز أن ايران ظلت ثاني أكبر وجهة لاعادة التصدير من الامارات بعد الهند اذ بلغ حجم اعادة التصدير 2.2 مليار درهم (599 مليون دولار) في ذلك الشهر فقط. وقال بتر انه بغض النظر عن أي تراجع في العلاقات التجارية مع ايران فان تجارة دبي مع دول أخري اخذة في النمو علي ما يبدو وهو ما قد يعوض أي خسائر. والتجارة بين ايرانودبي قائمة منذ فترة طويلة. ويفصل مضيق هرمز الذي يمر من خلاله نحو 40 بالمئة من امدادات النفط العالمية بين الاماراتوايران بمسافة 54 كيلومترا فقط عند أضيق نقاطه. وهاجر تجار ايرانيون من بلدات في جنوبايران في أوائل القرن العشرين واستقروا علي امتداد خور دبي حيث ترسو سفن خشبية ويقوم بحارة بتفريغ شحنات التوابل والملابس وسلع أخري من الهند وشرق افريقيا وايران. وشيد التجار الايرانيون الاثرياء منازل أبراج الهواء أو البراجيل علي امتداد الخور والتي مازالت منتشرة في منطقة البستكية.وانتعشت أعمال دبي مع ايران بينما تنامي قلق دول أخري في السنوات الاخيرة من تجاهلها للعقوبات. ويتوقع تجار العملة في الامارات أن يصبح ارسال الاموال من والي ايران شديد الصعوبة رغم عدم وجود حظر رسمي علي التعامل بالريال الايراني. وقال محمد الانصاري رئيس مجلس الادارة والعضو المنتدب لشركة الانصاري للصرافة في أبوظبي "نتوقع تراجع التجارة وهذا سيؤثر في نهاية المطاف علي كل الاعمال الاخري المرتبطة بنفس الدائرة بما في ذلك التحويلات المالية." وأضاف "القطاع المالي والبنوك تتوخي الحذر الشديد لكي لا تتورط خاصة عندما يتعلق الامر بالمعاملات التي يعاد تحويلها والتي يجب أن تمر عبر أوروبا أو الولاياتالمتحدة. يحاولون الابتعاد عن هذا النوع من المعاملات."وقال الانصاري إن المعاملات المالية مع ايران تشكل أقل من خمسة بالمئة من نشاطه لكن السلطات كثفت عمليات الفحص رغم أنه ليس من السهل دائما تحديد طبيعة المعاملات في دبي التي كانت حتي وقت قريب تعتبر مركزا رئيسيا لغسل الاموال.وقال تيودور كاراسيك المحلل الامني المقيم في دبي ان جهود الامارات لتطبيق العقوبات ستؤثر قطعا علي التجارة. وقال "هناك الكثير من المراقبة والسلطات تراقب عن كثب. تراجع غسل الاموال تراجعا حادا. وهناك المزيد من الرقابة فيما يتعلق بالاموال." وأضاف "انتقل البعض بالفعل الي تركيا وماليزيا لكن ليس بأعدد كبيرة. غير أنني واثق من أنه اذا استمر الوضع هكذا فسيكون هناك تحول كبير في المستقبل القريب جدا." وهزت دبي الاسواق العالمية عندما قالت مجموعة دبي العالمية المملوكة للامارة في نوفمبر تشرين الثاني الماضي انها ستؤجل سداد ديون بقيمة 26 مليار دولار. ومنذ ذلك الحين تعمل دبي علي التوصل الي اتفاقات مع الدائنين واستئناف مشروعاتها. وقال بتر ان مطار ال مكتوم الدولي الجديد -الذي تبلغ تكلفته 10.9 مليار دولار وهو جزء مما يعرف بمجمع ايروتروبوليس في دبي ورلد سنترال- قد يخفف أثر خسارة التجارة الايرانية. وقال "الهند والسعودية والعراق كلها وجهات أخري مهمة ومع اقامة مطار ال مكتوم الدولي يمكن أن تتوصل دبي الي مزيد من البدائل الاخري البعيدة." من مارتينا فوكس