د. مصطفي علوي من المثقفين المصريين ذوي الرؤية العميقة وهو أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة.. في حواره مع »الأخبار« يحلل رؤيته للمشهد السياسي والمصالحة الوطنية وكيفية عودة الاخوان للساحة السياسية ومشروعية القوانين التي أصدرت عن مجلس الشوري وثورة 30 يونيو والاعلان الدستوري الجديد ومدي توافقه مع دستور 2012 والخلاف القائم حول عدم عرضه علي جبهة الانقاذ وحركة تمرد والمرحلة الانتقالية وتفاصيلها وحول رؤيته لصندوق دعم مصر 306306 وأوجه الصرف بعيدا عن سد عجز الموازنة والي التفاصيل: مارؤيتكم للمشهد السياسي الحالي ؟ بالطبع المشهد صعب ومعقد لوجود أزمة حقيقية والمصالحة ضرورية ومهمة ومطلوبة جدا ولكن لاتتحقق إلا إذا كان كل أطراف اللعبة السياسية مقتنعين بأن المصالحة مهمة وضرورية لأنه لو بعض الأحزاب والقوي السياسية اقتنعت وبعضها غير متوافق فلن تتحقق المصالحة الوطنية وأري الآن أن كل القوي السياسية غير متفقة صحيح ان الغالبية العظمي متفقة ولكن توجد قوي سياسية رافضة ان تكون طرفا في اللعبة السياسية بوضعها الحالي ومنها جماعة الاخوان وحزب الحرية والعدالة وبالتالي مطلوب من المجتمع السياسي المصري ان يبذل جهدا أكبر في عرض فكرة المصالحة ولكن بشكل عملي وليس عرضها بشكل عام وذلك بوضع أجندة للمصالحة منها أن يكون هناك تحرك لاقناع هذا الفريق بالهدف من المصالحة وبرنامج التفاوض من أجل المصالحة والقضايا التي تناقش والحلول التي يمكن أن يطرحها الآخرون من هذا الفصيل السياسي وإذا أصروا الا يكونوا جزءا من هذه العملية التي تستهدف المصالحة يكون لنا موقف آخر بعد أن نستنفد هذه النقطة ولابد من تكرار المحاولة مرة وأخري. فصيل إخواني جديد هل يمكن رجوع الاخوان الي الساحة السياسية من خلال »إخوان بلاعنف« و»جماعة أحرار الإخوان«؟ بالتأكيد هذا عمل إيجابي من الناحية النظرية ووجود أطراف من جماعة الأخوان يعلنون هذا صراحة يحسن من فرصة تحقيق المصالحة الوطنية فوجود هذين الفريقين اللذين يطرحان أفكارا إيجابية وغير مطروحة من جانب القيادة العليا للاخوان يجعل الرهان الأكبر علي الشباب لأن الثورتين الأخيرتين قامتا أصلا علي الشباب وهذا يعطي قدرا من الأمل مما ينتج أثرا ايجابيا علي العملية السياسية وعلي التواصل السياسي بين الأخوان وغيرهم من القوي السياسية لكن عدم الأخذ بآرائهم يجعل هناك فجوة كبري داخل الجماعة قد تؤدي الي تغيير في بنياتها في الفترة القادمة. ما موقف التشريعات التي صدرت عن مجلس الشوري ؟ بالطبع كان مجلس الشوري لايعبر عن إرادة شعبية لأنه كان منتخبا من قبل 7٪ فقط من جموع الناخبين المصريين وهذا يضع علامات استفهام لا تمس المشروعية القانونية فقط ولكن المشروعية السياسية ايضا فالمشروعية القانونية تتمثل في أن يكون القرار صادرا بالطريقة القانونية السليمة ولكن الشرعية السياسية أن يأتي القرار عاكسا لإرادة الشعب ومن الممكن ان تتوحد المشروعية القانونية والسياسية وممكن في قرارات أو كيانات معينة ان تتوافر احداهما فمثلا في مجلس الشوري كانت توجد مشروعية قانونية ولكن لاتوجد مشروعية سياسية لأنه منتخب من خلال 7٪ فقط ورغم ذلك فإن المشروعية القانونية طعن عليها من خلال قرار المحكمة الدستورية العليا الأخير بعدم دستورية القانون الذي أنتخب علي أساسه مجلس الشوري وبالتالي لم يعد له مشروعية قانونية لكن في القانون مبدأ راسخا ومستقرا وهو ان القوانين التي صدرت عنه تظل سارية الي ان يتم تعديلها والحكمة من ذلك تحقيق الاستقرار لعدم انهيار الكيان القانوني للدولة . ثورة 30يونيو 30 يونيو هل هو انقلاب أم ثورة أم امتداد لثورة 25 يناير؟ هي ثورة بكل المعاني والمعايير وهي أكبر ثورة جماهيرية في تاريخ العالم وليس في تاريخ مصر فخروج حوالي 33 مليونا من البشر لم يحدث من قبل وهو ما أستطاع موقع جوجل ان يرصده علي مستوي الجمهورية وليس التحرير فقط فهي بكل المقاييس ثورة كبري ويتحدث العالم كله عنها وقد تكون اصلاحا لمسيرة ثورة 25 يناير وهذا الهدف منها والمعني الأساسي الذي أؤكده مرة أخري أن الذي قام علي هذه الثورة وتنظيمها وإطلاقها هم شباب مصر وليست الأجيال الكبيرة وهم وجدوا أنفسهم في الثورة الاولي لم يحصلوا علي شيء وبذلك لابأس ان ندعي أنها ثورة تصحيحية لثورة يناير والذي نؤكده أنه في تاريخ العالم كله لم تحدث ثورتان في بلد واحد خلال عامين ونصف العام غير في مصر وهذا معني مهم جدا وأهميته أن الشباب يجب أن يندمج في العملية السياسية لأنه هو القادر علي التغيير في هذه المرحلة ولابد من الاستفادة منه في هذا الزخم الشديد وان يشارك بشكل فعال في العملية السياسية. الإعلان الدستوري الجديد ما رأيك في الاعلان الدستوري الجديد الذي أصدره الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور؟ أولا الاعلان الدستوري كان يجب أن يصدر وبه مواد جيدة لأن مادة الشريعة الاسلامية لم تثبت علي ما كانت عليه سابقا في دستور 17 بأنها مصدر التشريع والآن جاءت بأسلوب آخر مما دفع كثيرا من القوي الثورية والوطنية وفي المجتمع السياسي المصري للاعتراض علي هذه الصياغة وكان يجب أن تكون كما جاءت في دستور 71 وهو ان مباديء الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع ولكن كل التفاصيل الموضوعة في الصياغة الجديدة والتي جاءت في دستور 2012 أحدثت اشكالات جديدة من خلال الشباب والقوي السياسية التي لاتقبل بهذا التعديل وأري أنه أخطر شيء هو أن يتم التعديل بدون تشاور مع القوي السياسية والشباب وهذا أهم دروس الثورة ولهذا اعتبر ان هذه الخطوة غير موفقة من الرئيس المؤقت فكان عليه التشاور مع الجميع من القوي السياسية بمن فيهم الشباب وبالتالي لايمكن استبعاد فصيل دون الآخر حتي بمن فيهم الاخوان المسلمين. ما الثغرات التي تفاداها الاعلان الدستوري الجديد مقارنة بدستور 2012؟ أهم شيء في الاعلان الدستوري الجديد انه لم يتحدث عن عزل أحد او عزل تيار سياسي معين رغم ان ذلك كان موجودا في دستور 2012 وبالتالي لايوجد استبعاد لأي قوي سياسية بعينها حتي الاخوان المسلمين الذين اختلفوا وبشكل جوهري مع النظام السياسي في هذه المرحلة وذلك كان واضحا من أول بيان أصدرته القوات المسلحة وهو أنه لا استبعاد لأحد ولا عزل لأحد ولا استقصاء لأحد ووثق ذلك في الاعلان الدستوري المؤقت ومن الإيجابيات التأكيد علي الحقوق والحريات كأساس للحياة السياسية في مصر وحقوق وواجبات المصريين وكذلك التأكيد علي مبدأ استقلال القضاء وعدم تدخل أي سلطة أخري في أعمال القضاء . تفاصيل المرحلة الانتقالية ما رؤيتك للمرحلة الانتقالية من حيث المدة والتفاصيل؟ من أهم الخطوات في الاعلان الدستوري أنه يوجد توافق عليه من المجتمع المصري.. قبل أي خطوة أخري في المرحلة الانتقالية لابد من صياغة الدستور وعرضه علي الاستفتاء الشعبي وقد أشار الي هذا الاعلان الدستوري المؤقت وحدد طريقة تكوين اللجنة التي ستقوم علي صياغة مشروع الدستور بوجود ستة من القضاة وأربعة من أساتذة القانون الدستوري يرشحهم المجلس الأعلي للجامعات وكنت أري انه كان لابد ان يكون العدد أكبر من ذلك ففي الهند دستور لم يتم تعديله منذ عام 1949 حتي الآن حيث تم اعداده بشكل صحيح وقام بوضعه كل أساتذة القانون الدستوري وأساتذة النظم السياسية من الأسماء الكبري في الهند والقانونيين من القضاء وغيرهم واعتكفوا علي ذلك وبعد الانتهاء منه تم عرضه علي الأحزاب والقوي السياسية ولم تتدخل الأحزاب مباشرة في عملية الصياغة وقدم الجميع ملاحظاتهم وتمت العودة الي لجنة كتابة الدستور لتدونها في الصيغة النهائية وذلك من خلال شخص واحد يدعي أبو دستور الهند وهو أكبر أساتذة القانون الدستوري في الهند لذلك أي زائر مهم للهند تكون زيارة قبر كاتب دستور الهند من أهم المزارات علي جدوله لذلك كان يجب عندنا تشكيل لجنة يكون فيها علي الأقل تساو بين القضاة وأساتذة القانون الدستوري وأساتذة النظم السياسية أيضا ولكن الاعلان الدستوري أعطي للقضاء نسبة 60٪ والأساتذة 40٪ ولا مشكلة في ذلك ولكن يجب ان نعكف علي دراسة الدستور الجديد بحيث لا نأتي بدستور معطل ويتم تعديله والمفروض ان نعمل علي وضع دستور جديد من البداية وليس تعديلا لدستور 2012 وهذه اللجنة تصوغ هذا المشروع ويتم الاستفتاء عليه وبعدها الخطوات الاخري وفي تقديري يجب قبل ان يتم انشاء لجنة عليا للاشراف علي الانتخابات تقيم كما في الهند هيئة عليا لإدارة الانتخابات وليس للاشراف بمعني ان يكون لديها صلاحيات ولديهم السلطة القضائية في فترة اجراء الانتخابات ولكن في حالة الاشراف إذا حدثت مشكلة أو ارتكبت جريمة أثناء الانتخابات تعرض علي اللجنة العليا للانتخابات التي تحولها الي النائب العام وبالتالي فهو صاحب القرار في عمل قضية أو لا، ولكن في الهند الهيئة هي التي تقوم بالتحقيق والضبط والحكم علي المخالف وعرضها علي القضاء مباشرة لأن لديها سلطة الضبطية القضائية ومستقلة عن كل سلطات الدولة ويجب ان نأخذ هذه التجربة في الاعتبار عند صياغة الدستور في إدارة العملية الانتخابية اللاحقة والدرس الثاني الذي يجب ان نتعلمه هو من أمريكا فالانتخابات الرئاسية تكون مع انتخاب نائب الرئيس وأعضاء الكونجرس للولاية بمجلسيه الشيوخ والنواب كل هذا ليس في يوم واحد فقط ولكن في ورقة واحدة وهذا شاهدته بنفسي عندما كنت مراقبا دوليا في انتخابات 2008 في أمريكا وهذا يعطي درسا بان الرقابة الدولية ليست عيبا وتوجد قواعد منظمة لعمل المراقبين الدوليين من جانب الأممالمتحدة ويكون ذلك بدلا من إجراء انتخابات للرئاسة وبعدها مجلسا الشعب والشوري والمحليات وهكذا مما يزيد من التكاليف ولكن الطريقة الاخري تخفضها وتختصر العبء علي هيئة الاشراف وفي تقديري ان المدة الكافية لذلك لا تقل عن تسعة أشهر أو سنة فبعد الانتهاء من الاستفتاء علي الدستور يتم الدعوة لانتخابات رئاسة الجمهورية خلال أسبوعين بحيث تجري أولا قبل انتخاب البرلمان بمجلسيه الشعب والشوري لكن في رؤيتي انه يجب جمع الانتخابات الثلاثة معا مثل النظام الأمريكي ومن الممكن الاقتراع الالكتروني لذلك نتيجة الرئاسة في أمريكا تظهر بسرعة بعد انتهاء الانتخاب ولا يحدث تزوير. النظام السياسي الأمثل ما النظام السياسي الأمثل لمصر الرئاسي أم البرلماني أو المختلط؟ يجب أثناء صياغة الدستور أن نأخذ قرارا نهائيا علي شكل النظام السياسي.. فالرئاسي مثل الولاياتالمتحدةالامريكية فالرئيس محور أساسي في هيكل السلطة السياسية ومعه الكونجرس والبرلماني مثل بريطانيا وألمانيا والهند فالرئيس شرفي ومجلس الوزراء بيده كل السلطات التنفيذية والنظام المختلط مثل فرنسا حيث يوجد رئيس جمهورية ومجلس وزراء يشكل بناء علي أغلبية برلمانية والسلطة التنفيذية تقسم بين الرئيس ومجلس الوزراء وفي تقديري أن افضل نظام مناسب لمصر هو النظام الفرنسي المختلط. صندوق 306306 ما رؤيتك لصندوق التبرعات 306306 وهل يوجه لخفض العجز بالموازنة أم طرقا أخري للصرف؟ أولا هي مبادرة وطنية لابد من الاشادة بها وأري أنه لايوجه لسد العجز في الموازنة وأتصور أن أحسن وسيلة لاستغلاله واستثماره والاستفادة ان تتكون له مؤسسة تديره في إنشاء مشروعات جديدة اقتصادية وطنية ويكون لها ثقل مثل مشروع تنمية قناة السويس ومشروع تنمية سيناء وإذا تم الانتهاء منهما سيكون ذلك خدمة للاقتصاد والأمن القومي وبذلك تستغل هذه المشاريع في خلق فرص عمل حقيقية تعود بعائد لهم وللموازنة العامة وتنمية للدولة المصرية ولايوجد مجتمع تقدم في العالم بدون تعليم وبحث علمي وهذا هو الأساس.