ان معاناة قادة الإخوان - بعد اشتغالهم بالسياسة- الاضطهاد من الحكومات في العالم العربي (مصر- العراق- الأردن- الجزائر- تونس-- السعودية) جعلتهم يرتمون في أحضان المحافل الماسونية والمنظمات الصهيونية. تلك التي اخترقت تنظيم الإخوان الدولي، وراحت توجههم تبعا لمصالحها وأغراضها، ذلك فضلا عن تنمية الرغبة في الانتقام بداخلهم وانعكس ذلك في محاولتهم قتل عبد الناصر واغتيال السادات وتآمرهم علي مبارك، فقد نكل الأول بهم وكان الثاني أحد الذين حكموا علي قادتهم بالإعدام في محكمة الشعب عام 1954م وسجن الجانحين منهم في السبعينات واستمر الأخير في مطاردتهم ولا سيما الجناح الإرهابي منهم الذي أطلق علي نفسه الجماعة الإسلامية. أن عقيدتهم في التقية وميلهم للعمل السري جعلهم يستبيحون عقيدة المنافقين، فنجدهم يهللون ويفرحون لهزيمة الجيش في 1967 بحجة أن قائده شيوعي وينددون باتفاقية السلام بحجة أن مصالحة اليهود خيانة للعروبة والإسلام، وأن تبرج المرأة وكل ما يتعلق بالحقوق المدنية للنساء التي أقرها الأزهر تعد مروقا وخروجا علي الشرع، وذلك لاجتذاب السلفيين نحوهم وتجييشهم عند الحاجة، في حين استباحوا لأنفسهم التعاون مع أجهزة الدولة الأمنية (أمن الدولة، المخابرات) للإبلاغ عن السلفيين والجماعات الجهادية التي انبثقت عنهم، ذلك فضلا عن تكوين ما يسمي بالخلايا الكامنة في شتي الأحزاب والنقابات والأجهزة المحلية، وذلك لجمع المعلومات للتخابر مع من يدفع الثمن أو التخطيط لسياسة التمكين في المستقبل. أن شعار الإسلام هو الحل ليس أصيلا في أيديولوجية الإخوان، بل هو مقتبس من الاتجاهات السلفية المعاصرة، ويبدو ذلك في تعاملاتهم الاقتصادية واشتغالهم في سوق المال الأوروبية (المضاربة، الربا، تجارة العملة، تجارة السلاح، تجارة المخدرات) ولا سيما في الفصائل الإخوانية في انجلترا وأمريكا المستترة تحت عباءة مراكز الدعوة الإسلامية، المتعاونة مع المنظمات الصهيونية والمافيا الدولية. لم يساهم الإخوان بأي جهد ثقافي أو علمي لمجابهة حركة الاستشراق العقدي ولا التوسع الإمبريالي الأمريكي، بل كانت بعض فصائلهم تهاجم المسيحيين المصريين وتهددهم في الأقاليم وتفرض عليهم إتاوات وتهاجم السائحين الأجانب، وذلك للضغط علي الحكومات لقضاء بعض مصالحهم من جهة، ومغازلة الجماعات الإرهابية من جهة أخري، والغريب في هذا السياق أن أمن الدولة في مصر كان يستخدم حشودهم لتمرير بعض القوانين أو القرارات أو لإرهاب الاتجاهات الليبرالية والأحزاب المناهضة للحكومة. أن خطاب نخبة الإخوان المعاصر لا يخلو من الجدل والخرافة والكذب والزيف، ويبدو ذلك بوضوح في الكرامات السماوية والفتوحات الربانية، التي تنسب لقادتهم (المرشد رضي الله عنه، محمد مرسي يؤم الصلاة متقدما علي النبي، والجهاد في سبيله فرض عين، والدفاع عن رئاسته من الواجبات الشرعية، ودفن صورته مع المقتولين يخفف عنهم عذاب القبر). عدم الثبات علي مبدأ والنكوث في العهود والنكوص في الآراء (ثورة يوليو ثورة مباركة بقيادة محمد نجيب وتمكين الإخوان)، (ثورة يوليو انقلاب ملعون وزعامة كافرة بعد الإطاحة بالإخوان)، (السادات الرئيس المؤمن وبطل الحرب والسلام)، (السادات كافر وعميل للأمريكان ويستحق القتل)، (خيبر خيبر يا يهود جيش الإسلام سوف يعود، إسرائيل والأمريكان زبانية الشيطان)، (إسرائيل دولة صديقة واليهود لهم حقوق في مصر والالتزام بعهودهم فرض وواجب والأمريكان حلفاء وأصدقاء نثق فيهم ونشكر لهم تعاونهم)، (مبارك الزعيم المتسامح وتوريث ملكه جائز والخروج عليه إثم)، (مبارك خائن وعميل ولص والخروج عليه انتصارا للحق والحرية)، (البرادعي زعيم الثوار وحركة كفاية والوفد و6 إبريل ... خيرة شباب مصر المناضلين)، (كل من خرج علي مرسي فلول وسفلة وزنادقة وخونة)، (جميع الانتخابات التي انتهت بفوز مرسي والإخوان تبرهن علي نقاء القضاء وصلاح القائمين عليه)، (كل القضاة المعارضين لسياسة مرسي وتنطع الإخوان من الفلول الفاسدة التي تستحق التطهير). أن معظم الصفقات التي عقدها قادة الإخوان في داخل مصر وخارجها لم تراع فيها سوي مصالحها الشخصية، بغض النظر عن مخالفتها للثوابت الشرعية والأخلاق الإسلامية، بداية من التآمر علي عبد الناصر بإيعاز من انجلترا وأمريكا لضرب ثورته الاشتراكية، ثم التآمر علي السادات بإيعاز من أمريكا لعدم خضوعه لها وذكائه في المناورة وخطته في التنمية، وأخيرا التآمر علي مبارك بإيعاز من المخابرات الأمريكية أيضا لرفضه تطبيق خطة الشرق الأوسط الجديد في مصر، وتآمرهم مؤخرا علي ثوار يناير بعد قبولهم كل مطالب أمريكا (عدم المساس باتفاقية كامب ديفيد وتأمين إسرائيل، الالتزام برأس مالية السوق في الاقتصاد المصري، إعادة رسم خريطة مصر ولا سيما الحدود الشرقية والجنوبية والغربية، القضاء علي الجيش المصري وتوريطه في حروب طائفية بين السنة والشيعة). ونخلص من ذلك إلي أن البنية العقدية والثقافية للإخوان يمكن تقسيمها إلي نسقين: أولهما: نسق دعوي أخلاقي وإصلاحي اجتماعي لا خوف ولا خطر منه علي الهوية الإسلامية والثقافة المصرية، وهو ما يدين به معظم شبيبة الإخوان. وثانيهما: هو مزيج من عدة أفكار ونظريات لا دخل للإسلام فيها بل هي مجرد رؤي وتصورات ألبسها قادة الإخوان المسحة الإسلامية، وهي مكمن الخطر ولا سيما في الأمور السياسية والاقتصادية والطابع الأيديولوجي العام، ولا يدين بها إلا الجهاز السري وأعضاء مكتب الإرشاد، وإذا كانت صفقات الإخوان قد قوبلت بصفعات الشبان المتمثلة في الإقصاء والاستبعاد والتنكيل، فإننا نأمل من قادة ثورتنا أن تستحيل صفعتهم لقادة الإخوان في فضح تآمرهم ومحاسبتهم بالقانون علي خيانتهم والدم المصري الذي سفكوه، في كنف محكمة عادلة لا مجال للانتقام أو الثأر فيها.. أما شبيبة الإخوان فيجب أن تكون ثورتنا عليهم بالرعاية والحب والمصارحة والمصالحة، حتي تتثقف الأذهان وتصفي السرائر وتقوم الأفكار والمعتقدات، وتصبح دعوتهم خالصة لخدمة الإسلام، ومخلصة للمجتمع المصري الذي تربوا في كنفه، وساعية للمشاركة في البناء الذي يعود بالخير والرفعة والسعادة علي كل المصريين والعرب والمسلمين. والسؤال الذي لابد منه: هل يستطيع شبيبة الإخوان عقد هذه الصفقة مع أيادي الثوار الممدودة إليهم أم المضي في ضلالات وغي قادتهم، فتهوي عليهم صفعات الثائرين تخرجهم من الأسرة المصرية والوسطية الإسلامية إلي أن يقضي الله أمرا كان مفعولا؟