في كتاب طبع في بداية الخمسينات قرأت أن نصاب الزكاة وقتها كان ثلاثين جنيها مصريا وهو ما يعادل 02 مثقالا من الذهب أو08 جراما بلغة هذه الأيام وبحسبة بسيطة نجد أن ثلاثين جنيها مصريا في بداية الخمسينات تساوي الآن 42 ألف جنيه وهو نصاب الزكاة حاليا أي أن عملتنا تدهورت أكثر من 008 مرة. هذا ما جنيناه نحن بفضل سياساتنا المالية المستوردة منذ عقود طويلة والتي نحَّت الانتاج جانبا وركنت الي الاستهلاك فقط وسار التدهور بسرعة فائقة في العقدين الاخيرين بسبب ثقافة السبوبة والمصلحة التي انتشرت بسرعة البرق خاصة بين الشباب، ايثارا للراحة والمكسب السريع بدون مجهود، بعد أن رسخ لهذه الثقافة أباطرة الكسب السريع وغير المشروع، بالمتاجرة في كل شيء بدءا من أراضي الدولة التي يتم تسقيعها وبيعها أكثر من مرة والكل يكسب من الهواء ودون تعب أو انتاج وانتقلت العدوي الي طبقة أخري، فما ان تطلب شيئا إلا وتجد المئات يتطوعون ليحضروه لك مقابل مصلحة، وكأن كل الناس أصبحت سماسرة واصبح عندنا أطفال في المدارس عشاقا لثقافة السبوبة والمصلحة في تليفون محمول أو كمبيوتر وأي شيء. حتي الشركات الكبيرة تأخذ المقاولات الكبيرة وتجزئها الي شركات صغيرة مقابل سبوبة، والشركة الصغيرة تجزئها الي مقاولي الباطن مقابل سبوبة، والكل يكسب من لاشيء، ومن يرد التأكد فليسأل العمال الغلابة الذين يعملون في مشاريع الصرف الصحي علي مستوي البلاد فلايوجد من الشركة الكبيرة الا لافتة تحمل اسم المشروع. هذه الثقافة مدمرة لاقتصاد أي بلد، لأنها تجد صدي لدي النفس البشرية التي ترغب في الكسب السريع وتوجد مناخا خصبا لشركات النصب وبائعي الوهم، وكان آخرها 003 مليون دولار لشركات تسويق وهمية دفعها المصريون نتيجة لهذه الثقافة المدمرة للبلاد والعباد. لابد من محاربة هذه الثقافة، حتي نعود بإنتاجنا وعملتنا الي سالف عهدها.