هذه الحملة الضارية للطعن في نزاهة القضاة وتشويه سمعة السلطة القضائية تؤدي إلي عواقب كارثية مدمرة. وقد بدأت هذه الحملة منذ وقت غير قصير. وكما يقول المستشار ماهر سامي، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا، فإن المحكمة الدستورية العليا »واجهت أحداثاً وخطوباً جساما انقضت عليها علي غرة وبلا مقدمات، في عنف وضراوة متوسلة في ذلك بشتي اساليب العدوان والترويع والاغتيال المعنوي في حملة منظمة متصاعدة إيذاناً بتقويض دعائم العدل والقانون والقضاء علي مصر كلها.. والوصول بها الي سقوط الوطن بعد انهيار أعمدته«. ويقول المستشار ماهر سامي ان قوي واصلت اجتياحها للمحكمة الدستورية العليا بنشر الأكاذيب عنها وتوجيه الاتهامات والاهانات لقضاتها »حتي بلغت أوجها في حصار المحكمة يوم 2 ديسمبر 2012 لتمنع قضاتها من الوصول إلي منصتهم للفصل في القضايا التي كان محددا لنظرها تلك الجلسة. ويشعر المستشار ماهر سامي بالاسف ازاء مواقف بعض المشتغلين بالقانون - دراسة أو مهنة - الذين ملأوا الآفاق لغواً بما اطلقوه من آراء وفتاوي وأحكام واجتهادات بقصر نظر وضيق أفق وغيبة ضمير - هم أول من يعلم زيفها - تحمل الهجوم والتطاول والتسفيه لاحكام المحكمة«. وقد تعرضت المحكمة الدستورية العليا لهجمة شرسة ظالمة ومنظمة منذ أصدرت حكمها بعد دستورية قانون انتخابات مجلس الشعب، لأنها طبقت نصوص القانون. وفي بيان سبق ان اصدرته المحكمة جاء ان الحزن الحقيقي الذي اصاب قضاة المحكمة.. حين انضم رئيس الجمهورية إلي حملة الهجوم واتهم المحكمة بتسريب أحكامها قبل صدورها، ولم يقدم أي دليل علي ذلك. كذلك حين صدر بيان باللغة الانجليزية عن مكتب مساعد الرئيس للعلاقات الخارجية، وموجه للإعلام الاجنبي وتم نشره علي صفحة المتحدث الرسمي لرئيس الجمهورية. وجاء في ذلك البيان أنه تم حل مجلس الشعب »بطريقة مريبة« وان المحكمة »من القوي المعادية للثورة وتسعي لاسقاط مكاسب الثورة!!« ومرة أخري، لم يكن هناك أي دليل علي هذه الافتراءات والمغالطات والتجريح. وكانت المحكمة علي حق عندما أكدت في بيان لها علي أنها لن تخضع لارهاب أو تهديد أو وعيد أو ابتزاز، ولن تذعن لاية ضغوط، وأنها مستعدة لمواجهة ذلك كله مهما كانت التكلفة باهظة أو الثمن غالياً.. حتي لو استغرق أرواح قضاتها«. نحن في حاجة إلي صحوة الضمائر. ذلك انه لا قيام لدولة القانون من غير سلطة قضائية مستقلة عن سائر السلطات في الدولة. وكما يقول الدكتور رأفت فودة، فأنه يجب ألا يكون هناك أي تدخل من أي شكل كان.. من قريب أو بعيد للسلطات السياسية العامة في أعمال السلطة القضائية تشكيلاً أو اختصاصاً أو تعليقاً علي أحكامها. كما أن تشكيل الهيئات القضائية يجب ان يظل بعيداً عن تناول السلطات الأخري في الدولة، لأن استقلال القضاء هو ركيزة من ركائز العدالة والديمقراطية ودولة القانون. كلمة السر: لنستمع إلي القضاة.