علي مدي عامين اختزلنا تحقيق العدالة الاجتماعية في الحد الادني والحد الاقصي للأجور، والطلب الآخر الخاص بالضريبة التصاعدية، رغم ان العدالة الاجتماعية تحتاج لانجاز حزمة كبيرة من الاجراءات الاقتصادية. لا يكفي ان يتفادي الذين يديرون اقتصادنا الان تحميل الفقراء اعباء ما يتخذونه من اجراءات اقتصادية كما يقولون، انما يتعين عليهم اتخاذ عدد آخر من الاجراءات الاقتصادية لتحقيق العدالة الاجتماعية.. وقائمة هذه الاجراءات طويلة تبدأ باصلاح شامل لهيكل الاجور ولا تنتهي بالاصلاح الهيكلي للضرائب. فنحن نعاني من خلل في هيكل الاجور يتسع اصلاحه لما هو اكثر من الحد الادني والحد الاقصي للاجور.. ويظهر هذا الخلل بين اجور العاملين في المؤسسات والهيئات والوزارات المختلفة، وكذلك بين اجور الموظفين في العاصمة والموظفين العاملين في المحليات والاقاليم.. وهناك ايضا خلل بين الذين يحظون بكوادر خاصة وغيرهم، وبين الذين يحظون ببدلات خاصة ومميزة وغيرهم المحرومين منها، بالاضافة الي الخلل التاريخي بين الرواتب الاساسية والحوافز. ونحن نعاني ايضا خللا هيكليا للضرائب اصلاحه لا يتحقق بالضريبة التصاعدية وحدها.. انما هذا الاصلاح يحتاج مع تفعيل الضريبة العقارية وفرض ضريبة علي التعاملات الرأسمالية في البورصة، زيادة حد الاعفاء من ضريبة الدخل، الذي لا يتجاوز تسعة آلاف جنيه سنويا، اي نحو 750 جنيها شهريا، وهو رقم يقل عن الحد الأدني للأجور الذي نطالب به الآن.. كما يحتاج ايضا تقليل الاعتماد علي ضريبة الاستهلاك وعدم التوسع في شرائحها، لأن عبء هذه الضريبة يقع علي كل المستهلكين، سواء كانوا اصحاب دخول محدودة او عالية. اما بالنسبة للدعم فان العدل يقتضي التوسع في دعم الفقراء مع الغاء دعم الاغنياء.. دعم الفقراء المتمثل في دعم رغيف العيش وسلع بطاقات التموين والنقل العام والبوتاجاز.. أما دعم الاغنياء فهو يتمثل بوضوح في دعم الوقود والصادرات الذي يحصل عليه رجال الاعمال، وهذا يحتاج لمراجعة ووضع ضوابط للحصول عليه. ويقترن بذلك وضع خطة زمنية للنهوض بالقري الفقيرة.. ولدينا حصر جاهز بنحو الف قرية هي الاكثر فقرا في البلاد، غالبيتها »93٪« توجد في محافظات اسيوط والمنيا وسوهاج وقنا. وحتي نمضي في مشوار العدالة الاجتماعية يتعين علينا اصدار قانون جديد لمكافحة الاحتكار الذي يسيطر علي تجارة السلع الاساسية في البلاد وساهم في رفع اسعارها. كما يتعين علينا ايضا مراجعة النظام الذي يتم به توزيع اراضي الدولة، بوضع قواعد واضحة وشفافة لتخصيصها سواء للاستثمار او الاسكان، حيث ساهم النظام الحالي لتوزيع اراضي الدولة في تراكم ثروات هائلة لفئة محدودة. كذلك نحن نحتاج اعادة النظر في اسلوب منح التراخيص من قبل الحكومة ووقف الخصخصة ولو كانت بشكل غير مباشر من خلال صكوك حكومية تحمل الوصف الاسلامي. وهكذا مشوار العدالة الاجتماعية لا يكفي فيه مجرد خطوة واحدة!