عندما تعترف الحكومة أنها تواجه أزمة، فهي قطعت نصف الطريق للحل.. ولكن عندما تعلن أن الوضع خطير جدا، هنا يجب أن تستشير أهل العلم والخبرة في الداخل والخارج. إن دولة كبري مثل الولاياتالمتحدة اختار رئيسها أوباما، المصري محمد العريان رئيسا لمجلس التنمية العالمية، بعد أن قدم له 3 مقترحات لإنقاذ الاقتصاد الأمريكي من »الهاوية«.. وهو من وصفه العلماء بأفضل الخبراء.. وفي أحدث تقرير شهري للبنك المركزي.. وفي تصريحات لوزير المالية ممتاز السعيد، كشف أن عجز الموازنة سيرتفع إلي 002 مليار جنيه إذا استمرت الأحوال علي ما هي عليه، البطالة سترتفع إلي 51٪.. والاحتياطي النقدي لن يكفي إلا لثلاثة شهور.. وسترتفع معدلات الإنفاق علي الواردات نتيجة ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه المصري إلي 026 قرشا، بينما كان خمسة جنيهات و 02 قرشا منذ فترة قصيرة مضت! أما الديون فقد زادت 052 مليار جنيه خلال عامين!! لذلك كان تخفيض التصنيف الائتماني العالمي للاقتصاد المصري إلي السالب. ماذا ننتظر بعد ذلك؟.. وهل سيكون الحل هو اللعب في عناصر تحريك الاقتصاد دون حسابات لأثرها علي محدودي الدخل، خاصة الدعم والضرائب، وإصدار أذون الخزانة والاقتراض قصير الأجل.. وهنا استعيد قول الأستاذ الكبير محمد حسنين هيكل الذي وصف التدهور الاقتصادي بالسيارة التي تسير بأقصي سرعتها بدون فرامل حتي بلغت القمة للمنحدر. وكنت قد تناولت الأزمة الاقتصادية الأمريكية في هذا المكان منذ ثلاثة أسابيع ودخول الرئيس أوباما في حوار مع كل صاحب رأي في البلاد بغض النظر عن الحزب الذي ينتمي إليه أو من يعملون في قطاعات المال والبنوك والعقارات والصناعة والتجارة. وقد استشعر أوباما الخطر الذي يدفع بالبلاد للهاوية بعد أن حقق عجز الميزانية رقما قياسيا حيث بلغ تريليون دولار بسبب زيادة الإنفاق العسكري الذي أدي الي زيادة الدين ليبلغ ضعف الدخل القومي، وتضطر الحكومة الي صرف كوبنات الدعم للذين دخلوا دائرة الفقر وفقا للمقاييس الأمريكية. ولم يستأثر الحزب الديمقراطي الحاكم بالبحث عن الحلول قبل أول يناير المقبل، بل سارع أوباما بلقاء المرشح الجمهوري المنافس له في الانتخابات الأخيرة ميت رومني.. وطلب من جهات استطلاعات الرأي المشاركة بتقديم الحلول.. وقدم له البنك المركزي الأمريكي مقترحاته التي تعتمد علي شراء أوراق مالية حكومية، للحفاظ علي انخفاض معدلات الاقتراض وتعزيز الاقتصاد الأمريكي وإخراجه من دائرة الركود.. واتفق صناع السياسة في بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن علي شراء سندات حكومية شهريا بواقع 54 مليار دولار اعتبارا من الشهر المقبل، بالإضافة إلي شراء الأوراق المالية العقارية بمبلغ 04 مليار دولار شهريا. ومنذ أيام كشف جون بيز رئيس مجلس النواب عن خطته التي أطلق عليها الخطة »ب« لتجنب الهاوية المالية، وتعتمد علي زيادة الضرائب علي الأسر التي تحقق دخلا يزيد عن مليون دولار سنويا، وخفض الإنفاق علي البرامج الحكومية في إطار إصلاح شامل للنظام الضريبي.. كما اقترح السماح برفع الحد الأقصي للاقتراض لمدة عام واحد، لكن كان لأوباما رأي آخر خلال مكالمة تليفونية مع رئيس مجلس النواب، فقد اقترح رفع الحد الأقصي للاقتراض لمدة عامين ورفع الضرائب علي الاسر التي تحقق دخل004 ألف دولار سنويا مما يزيد من قاعدة ممولي الضرائب.. كما اقترح أن تبدأ الحكومة بنفسها بخفض الإنفاق 058 مليار دولار، وأعرب عن أمله في أن تؤدي خطته إلي خفض معدلات البطالة وتحقيق العدالة في توزيع عائد التنمية علي الجميع.. وفي الوقت نفسه ترك باب الحوار مفتوحا. وبمقارنة جهود مواجهة الأزمات الاقتصادية في مصر وأمريكا يتبين الحاجة الي استطلاع رأي أهل التخصص وخبراء الاجتماع لتحقيق العدل في أي إصلاح وما يحقق الاستقرار وجذب الاستثمار والعمل علي تعويض التراجع الكبير في الدخل السياحي الذي انخفض الي 14٪ وتحصيل المتأخرات الضريبية والتأمينية، وعودة عجلة الانتاج للدوران.