أكدت رئاسة الجمهورية أن البيان الصحفي الصادر عن د. عصام الحداد مساعد رئيس الجمهورية للعلاقات الخارجية والتعاون الدولي والذي أثار لغطا مع المحكمة الدستورية العليا لم يحتو علي أي إتهامات للمحكمة ويتم تطويعه وتأويله بشكل يخدم توجهاً معيناً وتحميله بمعانٍ تخرج عن سياقه بما يزيد من حالة البلبلة السياسية، وأنه يوجد رأي عام مبني علي أسس وافتراضات غير صحيحة، وقالت الرئاسة أنه فيما يتعلق بما تناوله بيان المحكمة الدستورية من أن بيان مكتب مساعد الرئيس يكيل اتهامات لها دون إقامة دليل، فهو أمر عارٍ تماما من الصحة. وأكد بيان الرئاسة أن عددا من المواقع الإخبارية والصحف ووسائل الإعلام تداولت البيان المنشور علي صفحة التواصل الاجتماعي لمكتب مساعد الرئيس للعلاقات الخارجية والتعاون الدولي بشأن خريطة الطريق للتحول الديمقراطي في مصر وما تضمنه من إشارات للمحكمة الدستورية العليا والبيان الذي أصدرته المحكمة في هذا الصدد. نص البيان أولاً: أنه ليس صحيحاً علي الإطلاق أن البيان موجه لوسائل الإعلام الأجنبية، إذ أن مخاطبة الإعلام الدولي له آلياته الإعلامية والصحفية المعروفة التي يتم اللجوء إليها عند الحاجة وفي هذا الصدد، فإننا نوضح أن البيان محل الحديث منشور علي صفحة مكتب مساعد الرئيس للتواصل الاجتماعي وغرضها التواصل بشكل أكثر اتساعاً لعرض طبيعة المشهد السياسي العام في الدولة والأجواء المحيطة بهذا المشهد. بالإضافة إلي ذلك، فإنه بحكم التعريف والاختصاص فإن مساعد الرئيس للعلاقات الخارجية -بالتنسيق والتعاون مع أجهزة ومؤسسات الدولة المعنية- معني بطمأنة العالم الخارجي بأجهزته الرسمية ورأيه العام علي مسيرة التحول الديمقراطي، وهو ما يبرر -من وجهة نظرنا- نشر نسخة انجليزية بالإضافة إلي النسخة العربية. ثانياً: وفيما يتعلق بما تناوله بيان المحكمة الدستورية الموقرة من أن بيان مكتب مساعد الرئيس يكيل اتهامات لها دون إقامة دليل، فهو أمر عارٍ تماما من الصحة، ومن يطلع علي البيان الصادر علي صفحة التواصل الاجتماعي بشكل متأنٍ وموضوعي لا يجد فيه -فيما يتعلق بالمحكمة- سوي إشارة لها في موضعين اثنين فقط أولهما متعلق بواقعة فعلية هي الحكم بحل مجلس الشعب وقبول الرئيس ومجلس الشعب بحكم القضاء، وهو ما يدلل علي العقيدة الراسخة للمؤسسات المصرية باحترام سيادة القانون، وثانيهما متعلق بما تردد منسوباً إلي دوائر بشأن أحكام متوقعة لحل مجلس الشوري والجمعية التأسيسية للدستور.وقد حرص بيان مكتب الحداد في هذا الشأن علي الإشارة بشكل واضح وغير قابل للتأويل في أن ما يتردد منسوب ل "دوائر" وليس لقضاة المحكمة أنفسهم. ثالثاً: نشدد أيضاً أن ما يتعلق بالمحكمة الدستورية العليا اجتُزيء من السياق العام للبيان وتم تضخيمه كما لو أن البيان موجه للمحكمة الدستورية العليا بالأساس، بينما البيان لا يعدو كونه شارحاً لطبيعة المناخ السياسي في مصر ورؤية الإدارة لسبل استكمال عملية التحول الديمقراطي وبناء مؤسسات الدولة في اقرب فرصة ممكنة وكيفية التعامل مع التبعات المترتبة علي أحكام المحكمة التي أدت إلي اضطرار الرئيس لتحمل المسئولية التشريعية. كما يتضمن البيان إجمالاً حصراً مكرراً ومعلناً للداخل والخارج لأهم الاجراءات التي سعت الإدارة لاتخاذها تلبيةً لمطالب الشعب وتحقيقاً لأهداف الثورة منها علي سبيل المثال لا الحصر النأي بالمؤسسة العسكرية الوطنية المصرية عن التجاذبات السياسية وإعادتها لدورها الطبيعي الذي نُجله، والمصالحة الوطنية التي يساهم من خلالها المصريون جميعاً في بناء أوطانهم، والسعي لإعادة حقوق الدولة، وإنشاء مؤسسة رئاسة تضمن كافة الأطياف والقوي السياسية، وتعيين نائب لرئيس الجمهورية من تيار الاستقلال، وتعيين حكومة تكنوقراط، والأهم من ذلك تفعيل وتوسيع دائرة الحوار مع كافة فئات المجتمع. رابعاً: ستضمن بيان الحداد شرحاً وافياً لملابسات إصدار الإعلان الدستوري في 22 نوفمبر 2012 ومبرراته الموضوعية، بل والاستجابة الفورية والإيجابية لمؤسسة الرئاسة لما أحدثه البيان من ردود أفعال مختلفة، وذلك من خلال الدعوة لحوار وطني جامع وجاد انتهي في جولته الأولي للمضي قدماً في عملية الاستفتاء نظراً للاعتبارات القانونية والدستورية الحاكمة التي سبق استفتاء الشعب عليها، وهو ما يدلل مجدداً علي حرص الرئيس علي احترام دولة القانون، وطرح الدستور علي صاحب الحق الوحيد والأصيل في الفصل فيه وهو الشعب. ولم تقف استجابة الرئيس عند هذا الحد، حيث بادرت مؤسسة الرئاسة بطرح أفكار ومبادرات لتحديد مواد الدستور التي يمكن لاحقاً تنقيحها. خامساً: ومن هذا المنطلق، فإننا نوضح أن الحداد حريص بالأساس علي توضيح السياسة الخارجية العامة، وتفسير المشهد السياسي الداخلي وانعكاساته الخارجية، ويُكن كل احترام وتقدير لمؤسسات الدولة بما فيها مؤسسات السلطة القضائية وذلك في إطار إيمان الإدارة المصرية باستقلال القضاء ومبدأ الفصل بين السلطات ودولة القانون. واختتمت الرئاسة في بيانها أنها مع تفهمها الكامل لحالة الاحتقان القائمة، إلا أننا أحوج ما نكون الآن إلي لم الشمل ونبذ الاختلاف والاعتذار لبعضنا البعض عما آلت إليه الأمور وما فعلناه بمصرنا، كما نشدد علي قناعتنا الراسخة بأنه لا يجوز بأي حال من الأحوال إقحام القامات العالية من القضاة الأجلاء في أية خلافات سياسية تنزيهاً للقضاء عن الدخول في معترك السياسة، فرسالة القضاء يقيناً أسمي من أن يُزج بها في هذا المعترك، آملين أن نستمع جميعاً إلي صوت العقل ونُبَدي المصلحة العليا لوطننا علي أية اعتبارات أخري أو حسابات ضيقة.