الموعد إلزامي.. وتأجيله التفاف علي الشرعية ويفتح باب الطعن عليه ميعاد الاستفتاء تنظيمي وليس إلزامياً.. ومن حق الرئيس التأجيل هل يجوز لأحد تغيير موعد الاستفتاء علي الدستور.. وإذا كان ذلك جائزاً فمن يملك ذلك الحق؟!.. هل يكون رئيس الجمهورية وهو صاحب اليد العليا في تغيير موعد الاستفتاء بصفته يملك مؤقتاً السلطة التشريعية كما يؤكد بعض فقهاء القانون.. ويؤكدون أنه يستطيع ذلك حتي تستقر الأوضاع في البلاد ونصل للتوافق المطلوب علي الدستور من القوي السياسية التي تعارضه! عموماً رجال القانون وفقهاء القانون الدستوري تباينت آراؤهم حول إمكانية تغيير الموعد بل وحق تغيير لمن.. قال البعض إنه إلزامي ولا يملك حتي رئيس الدولة مخالفة موعد الاستفتاء وتغييره.. واعتبر آخرون الدعوة لتغييره بمثابة »كمين« يضع الدستور الجديد في مرمي النيران والطعن عليه بعدم دستوريته. بينما أكد فقهاء آخرون أنه مجرد إجراء تنظيمي ومن حق رئيس الدولة تعديله أو حتي تأجيله حتي تستقر الأوضاع في البلاد إذا رأي ذلك.. ويؤكدون آراءهم بأن الرئيس يملك صلاحيات لإصدار الإعلانات الدستورية وتعديلها وإلغائها. في البداية يري د. ثروت بدوي شيخ الفقهاء الدستوريين أن الموعد إلزامي.. والمشكلة أن المطالبين بالتأجيل لا يريدون في الأساس أي دستور لأن العديد منهم أصحاب مصالح خاصة والمستفيدين من النظام السابق حيث إنهم يريدون إدخال البلاد في متاهة تأجيل أو تعطيل وجود دستور للبلاد يساهم في الاستقرار ودفع عجلة الإنتاج المتوقفة فهم لم يعطوا المبررات الكافية عن أسباب رفضهم أو طلبهم للتأجيل وما هي المواد المرفوضة في رأيه.. فمواد الدستور تم دراستها ومناقشتها لفترات طويلة بعناية فائقة.. وإنما تلككوا علي جلسة التصويت التي كانت فقط علي التصويت وليس لعمل وصياغة المواد ورغم ذلك تحججوا بحجج واهية. أما د. عاطف البنا أستاذ القانون والفقيه الدستوري أكد أن موعد الاستفتاء إلزامي لأنه تحدد في مواد الإعلان الدستوري التي تم الاستفتاء عليها في الشعب ووافق عليها في مارس 2102 فلا يمكن تعديله أو تأجيله إلا في خلال استفتاء جديد من الشعب. وقال إن التأخير بالاستفتاء علي الدستور ليس به أي مصلحة بل علي العكس تماماً فإنه يعيدنا إلي نقطة الصفر. وأكد أن مشروع الدستور جيد بل هو من أفضل الدساتير.. لكن المشكلة أن هناك الكثير من الافتراءات والأوصاف غير الحقيقية عنه.. وأن الكثيرين من المعترضين والرافضين له علي الساحة السياسية الآن كانوا متوافقين عليه تماماً بل شاركوا في صياغته ووقعوا علي ذلك.. ثم بعد ذلك انسحبوا لأسباب وضغوط ما.. المطلوب الآن هو الدعوة للاستقرار والأمن وترك عجلة الإنتاج لتدور.. وترك الشعب حرية تقرير مصيره وقول كلمته سواء بنعم أو لا. كمين لعدم الشرعية ويوضح المستشار أحمد الخطيب رئيس بمحكمة الاستئناف أنه من الواضح البين من صياغة المادة 06 من الإعلان الدستوري الصادر 1102 أن مدة الخمسة عشر يوماً السابقة علي ميعاد الاستفتاء هو ميعاد إلزامي يلزم التقيد به شأنه شأن جميع مواعيد ذات الصبغة الإلزامية التي وردت في القوانين مثل مواعيد الاستئناف والطعن علي الأحكام التي لا يجوز مخالفتها ولو أن إرادة المشرع الدستوري انصرفت إلي غير ذلك لما تم النص علي ذلك القيد الزمني صراحة مضيفاً واستبداله بمدة مفتوحة أو منح الجهات المختصة سلطة تقديرية في تحديد مدة دراسة الدستور وطرحه للحوار المجتمعي قبل الاستفتاء عليه. ومن ثم فلا يجوز مخالفة ذلك النص الذي اكتسب إلزاميته من موافقة الشعب عليه في استفتاء مارس 1102 مشيراً إلي أن أي خروج عنه يضع إجراءات مشروع الدستور الجديد في مرمي نيران عدم الدستورية ويعد بمثابة كمين لإفقاده شرعيته.. ويشير إلي أنه قد ظهرت علي الساحة السياسية في الفترة الأخيرة معالم الرفض وتصلب المواقف السياسية عندما أصدر الرئيس إعلاناً دستورياً الصادر في نوفمبر 2102 ونص علي إطالة أمد الجمعية التأسيسية لمدة شهرين ورغم أن ذلك جاء استجابة لمطلب البعض لمزيد من الحوار المجتمعي وتحقيق التوافق مع القوي الرافضة مضيفاً أنه كان محلاً لانتقادات عديدة وخرقت الأصوات الرافضة لذلك الإعلان الدستوري مطالبة بإسقاطه برمته بغض النظر عن ملاءمة بعض مواده لمتطلبات المرحلة السياسية. ويضيف أن الأمر الذي اتضح معه جلياً أن أي مساس بالمادة 06 وأحكامها المنظمة لوضع الدستور سوف يثير أزمات سياسية حادة فيظل ذلك الاستقطاب والانقسام السياسي الذي تشهده البلاد ومن ثم فإنه يتعين احترام الشرعية والقواعد التي تم الاستفتاء عليها حتي لا يثير ذلك مزيداً من الانقسامات ويفتح الباب علي مصراعيه للتشرزم السياسي خاصة ونحن في مرحلة حرجة ينبغي خلالها أن تكون هناك ثوابت نعتصم بها ونحتكم في النهاية إلي إرادة المواطن المصري باعتباره هو مصدر السلطات ولا يجوز لأي فئة من تمارس عليه الوصايا السياسية أو القوامة الفكرية وتحجر علي حقه في التوجه إلي الصناديق لإبداء رأيه بغض النظر عما إذا كانت النتيجة بنعم أم لا. إلزامي وليس تنظيمياً ويؤكد المستشار أحمد الشحات نائب رئيس مجلس الدولة أن مواعيد الدستور إلزامية وليست تنظيمية وذلك سواء في دعوة مجلس الشعب أو المواعيد التي يتم فيها دعوة الناخبين.. فالمشكلة تكمن في أن الخلاف الحقيقي ليس في موعد الاستفتاء ولكن البعض يري أن هناك أزمة في اللجنة التأسيسية التي قدمت مشروع الدستور والمطعون فيها، ومن هنا فالخلاف يأتي حول هذه النقطة وهي محل الخلاف الحقيقي.. مشيراً إلي أنه وفقاً للقانون لا يجوز لرئيس دولة منتخب أن يصدر إعلانات دستورية فهي في الأساس محصنة ولا تقبل الطعن عليها أمام المحكمة ولكنه نص عليها مخافة أن ينظر إليها باعتبارها قرارات وليست إعلانات دستورية. د. ابراهيم درويش أستاذ القانون والفقيه الدستوري أكد أن موعد الاستفتاء علي الدستور هو تنظيمي وليس إلزامياً فمن حق رئيس الجمهورية أن يفعل ما يشاء فهو قد أصدر العديد من الإعلانات الدستورية.. ومن حقه أن يصدر إعلاناً دستورياً يقوم بتأجيل موعد الاستفتاء.. وأضاف أنه يرفض الدستور لأن به كما يقول العديد من المواد المتعارضة والمتضاربة، كما أن به مواد مكانها القانون وليس الدستور.. ولابد من التأجيل حتي يتم التوافق علي الأمور الخلافية علي الأقل. الاستفتاء غير دستوري ويشير د. فؤاد عبدالنبي أستاذ القانون الدستوري بجامعة المنوفية إلي أنه من حق الرئيس تأجيل موعد الاستفتاء وفقاً للظروف التي تمر بها البلاد، وهذا غير مخالف للدستور، لأن الرئيس طالما أنه أعطي لنفسه حق إصدار الإعلانات الدستورية وهو حق غير شرعي فمن حقه أن يعدل أو يغير موعد الاستفتاء، مضيفاً أن د. محمد مرسي قد عدل قبل ذلك الإعلان الدستوري الذي أصدره المجلس العسكري بقيامه بتعديل مدة عمل الجمعية التأسيسية من 6 شهور إلي 8 شهور وهذه المادة رقم 06 التي تم تعديلها في الإعلان الدستوري المكمل الصادر في 71 يونية، ووفقاً لهذه المادة فإن الانتهاء من الدستور سيكون في 21 نوفمبر ويكون الاستفتاء في 72 نوفمبر، لذلك فهو مخالف للإعلان الدستوري وطالما أن الرئيس أعطي لنفسه حق إصدار الإعلانات الدستورية فيجوز له أن يفعل كما يشاء، مع العلم أن موعد الاستفتاء علي الدستور غير دستوري لتعارضه مع نصين في الدستور هما المادة 83 من الإعلان الدستوري المستفتي عليه في 91 مارس الخاصة بالإشراف القضائي علي الاستفتاء ومخالف أيضاً لنص المادة 93 من الإعلان الصادر في 03 مارس 1102 المكون من 36 مادة وأصدره المجلس العسكري ونص علي ضرورة إشراف القضاة علي الاستفتاء. أما د. شوقي السيد أستاذ القانون الدستوري قال: إن موعد الاستفتاء غير إلزامي وإنما كان تنظيمياً وكان من الممكن تعديله وإعادة المسودة للجمعية التأسيسية.. فطالما كان هناك اعتراض من بعض القوي السياسية وبالشارع وحتي لو كان أقلية فالأولي كان أن يتم إعادة وأخذ حقه في المناقشات وذلك عن طريق إصدار إعلان دستوري جديد.. طالما كان يتم إصدار إعلانات دستورية بدأت منذ الإعلان الدستوري في 21/8/2102. وأضاف د. شوقي السيد أنه كان من الممكن تعديل المادة 06 بمنتهي البساطة والواردة بإعلان 03 مارس 1102 والذي تم الاستفتاء به من خلال الشعب، كان يمكن تعديلها بل كان من الممكن إضافة المادة 06 مكرر للإعلان السابق في 71/6/2102 والذي تم إلغاؤه في 21/8/2102 والتي تنص علي حق رئيس الجمهورية في إعادة مسودة الدستور للجمعية التأسيسية وحقه في أن يعترض علي بعض النصوص بها وكذلك حق مجلس القضاء الأعلي أو حق خُمس أعضاء التأسيسية في الاعتراض.. فكان من الممكن إصدار إعلان دستوري جديد بموعد جديد. ويشير المستشار عبدالله فتحي وكيل نادي القضاة إلي أن موعد الاستفتاء علي الدستور يوم السبت القادم هو موعد تنظيمي وليس إلزامياً، ولا يترتب بأي حال من الأحوال علي تأجيله أي بطلان قانوني أو طعون عدم دستوريته، فإذا كان الغرض من التأجيل هو تهدئة القوي السياسية والمجتمعية وتخفيف حدة التوتر والصراع السياسي فأهلاً وسهلاً بتأجيل موعد الاستفتاء حتي يتم الوصول إلي قرار توافقي بين جميع القوي السياسية.