بعد 15 عاما من إدراجها في لائحة "المنظمات الإرهابية" وفي ظل المواجهة الراهنة بين الغرب وإيران بشأن قضايا أساسية علي رأسها البرنامج النووي الإيراني والأزمة السورية، شطبت الولاياتالمتحدةالأمريكية قبل أيام منظمة "مجاهدي خلق" الإيرانية المعارضة من القائمة السوداء للمنظمات "الإرهابية". كانت واشنطن قد أدرجت عام 1995 مجاهدي خلق علي لائحتها السوداء الخاصة بالإرهاب حين كانت المنظمة لا تزال تتخذ من العراق قاعدة أساسية لأنشطتها المسلحة ضد الحكومة الإيرانية. وافقت واشنطن علي شطب المنظمة من تلك اللائحة بعدما استجابت لشروط من بينها قبول أكثر من ثلاثة آلاف من أعضائها الانتقال من معسكر أشرف في محافظة ديالي شمال شرق بغداد إلي معسكر ليبرتي (القاعدة الأمريكية السابقة) قرب بغداد، ريثما يحولون إلي بلدان أخري. انتقدت ايران القرار الامريكي وتري ان القرار يعبر عن "سياسة الكيل بمكيالين" التي تعتمدها واشنطن ويشير الي إزدواجية التعامل الأمريكي مع الإرهاب الدولي. وتتهم إيران المنظمة بالضلوع في أعمال "إرهابية" ضدها بينها اغتيال علماء في السنوات الأخيرة. وتقول تقارير إن مجاهدي خلق دفعت من خلال لوبيات المعارضين الإيرانيين في الولاياتالمتحدة مئات الآلاف من الدولارات لساسة أمريكيين كي يساعدوها علي شطبها من اللائحة الأمريكية السوداء. ووفقا لصحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، فقد تلقي عمدة نيويورك السابق رودولف چولياني 25 ألف دولار،ووزير العدل الأسبق رامسي كلارك 40 ألفا مقابل دعم المنظمة علنا. وكانت المنظمة قد أكدت أنها تخلت عن العمل المسلح، وأنها تسعي الآن إلي تغيير النظام القائم في إيران بالوسائل السلمية.وفي السابق،اتُهمت المنظمة بالضلوع في هجمات علي مقار دبلوماسية أمريكية، بيد أن المدافعين عنها يقولون إن واشنطن أدرجتها علي لائحة الإرهاب في سياق كان فيه توجه للتقارب مع طهران. ويري مراقبون أن "إعادة تأهيل" المنظمة في الولاياتالمتحدة قد يسمح لها بأن تبدو قوة سياسية تحظي بالثقة،وبديلا للنظام الإيراني الذي يواجه كذلك معارضة داخلية. وينظر آخرون إلي المسألة من زاوية استخدام المنظمة في المواجهة الدائرة بشأن البرنامج النووي الإيراني الذي تشتبه الولاياتالمتحدة وإسرائيل في أن له جوانب عسكرية سرية تتعلق بإنتاج سلاح نووي. وتجهر أوساط غربية بالمساعدة الاستخبارية التي يمكن أن تقدمها المنظمة الإيرانية للغرب فيما يخص البرامج العسكرية الإيرانية.فقد عملت مجاهدي خلق خلال السنوات القليلة الماضية بنشاط مع الولاياتالمتحدة للحصول علي معلومات بشأن أنشطة عسكرية تجري داخل إيران، فكانت المنظمة شبكة استخبارية هامة حول إيران. وذهبت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية إلي أبعد من ذلك بقولها إن القرار الأمريكي "مكافأة" لمنظمة ساعدت الموساد الإسرائيلي في السنوات القليلة الماضية علي التغلغل في إيران للتجسس علي برامجها العسكرية. ذكرت صحيفة الجارديان أن أعضاء من الكونجرس ومؤيدين لجماعة مجاهدي خلق، يمارسون ضغوطا علي إدارة الرئيس باراك أوباما للاعتراف بالجماعة كجماعة معارضة للحكومة الإيرانية بعد أن تم إزالتها من قائمة "المنظمات الإرهابية". منظمة مجاهدي خلق هي أكبر وأنشط حركة معارضة إيرانية. تأسست عام 1965 علي أيدي مثقفين إيرانيين أكاديميين بهدف إسقاط نظام الشاه. وبعد سقوط نظام الشاه نتيجة "الثورة الإيرانية" أصبحت من الداعين للإطاحة بنظام الخوميني بالقوة، وهو نهج جعلها تتحالف مع نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين خلال حرب الخليج الأولي. لكن المنظمة باتت منذ الغزو الأميركي للعراق في 2003 تقول إنها تدعو للمقاومة السلمية في إيران من أجل إقامة نظام ديمقراطي علماني. وقامت الحكومة الإيرانية ضمن هذا الصراع بإعدام عشرات الآلاف من أعضائها والمنتمين إليها ولكن المنظمة شدت عزمها علي مواصله نشاطاتها داخل إيران وخارجها حتي إسقاط السلطة الإيرانية الحالية. وتعد منظمة مجاهدي خلق الإيرانية جزءاً من ائتلاف واسع شامل يسمي ب االمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية الذي يعمل كبرلمان إيراني في المنفي، والذي يضم 5 منظمات وأحزاب و550 عضواً بارزاً وشهيرًا من الشخصيات السياسية والثقافية والاجتماعية والخبراء والفنانين والمثقفين والعلماء والضباط إضافة إلي قادة ما يسمي بجيش التحرير الوطني الإيراني الذراع المسلح لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية والذي يتمركز حتي اليوم في معسكر أشرف في العراق وتكونت أغلبية قادته من النساء.