تعجبني المبادرات الإيجابية التي تقتحم المشكلة بصورة عملية وجدية ولا تكتفي بالإعتراض والتنديد والتظاهر.أتحدث عن مثل رائع لتلك المبادرات قرأت عنه في موقع "بنات اليوم "الإليكتروني والمبادرة قامت بها نهاد أبو القمصان المحامية ورئيسة المركز المصري لحقوق المرأة بالتعاون مع هيئة الأممالمتحدة للمرأة. وتتلخص المبادرة في دراسة وافية قامت بها نهاد متجولة بين دساتير العالم في عدد من الدول التي مرت بالمراحل الانتقالية وركزت علي وضع المرأة في تلك الدساتير. كان هدفها أن تبحث في تلك الدساتير عن الجوانب الإيجابية الخاصة بالمرأة ، بحثت بين سطورها عما يناسب المرأة المصرية ويتلاءم مع طبيعة مجتمعنا وظروفنا . ووجدت في الدستور الرواندي بنداً ينص صراحة علي الإلتزام بضمان المساواة في الحقوق بين النساء والرجال وكذلك وجدت في الدستور المغربي بنداً ينص علي ضرورة تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء وتنشأ لهذه الغاية هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز ، كذلك وجدت في دستور جنوب إفريقيا ما ينص تفصيلاً علي تطبيق المساواة الكاملة بين المرأة والرجل.واكتشفت أن الدستور الأفغاني الجديد ما بعد طالبان ينص علي نظام الكوتة سواء في مجلس الشعب أو في مجلس الشيوخ، بحيث تمثل المرأة بنسبة 26٪ في البرلمان وأن يكون 50٪ من المعينين من قبل الرئيس من النساء. ودرست الدستور الأوغندي والعراقي والكولومبي وغيرها وخرجت بعدة توصيات مهمة أو فلنقل "مسودة" يمكن أن تساعد القائمين علي كتابة الدستور المصري الآن بصورة عملية وإيجابية مدروسة. وانتهت إلي خمس نقاط مهمة هي: ضرورة النص علي لفظ الرجل والمرأة في كل بند من بنود الدستور وعدم الإكتفاء بالكلمات الفضفاضة مثل "المواطنين" أو "الأشخاص" أو "الأفراد". كما أوصت بالنص علي أن تمثل المرأة علي الأقل بنسبة 30٪ في كل مواقع صنع القرار والمجالس المنتخبة. ونبهت إلي ضرورة النص علي التدابير والإجراءات الإيجابية التي يجب أن تتخذ من قبل الحكومة لتدعيم وتأكيد المساواة بين الرجل والمرأة في كل مجالات الحياة وأشارت إلي ضرورة النص علي الحق في المأوي والمسكن للنساء اللاتي يجدن أنفسهن بلا مسكن أو مأوي بعد غياب العائل سواء بالطلاق أو الوفاة أو الهجر وأخيراً ضرورة النص صراحة علي تجريم التمييز بين الرجل والمرأة. هكذا شاركت نهاد أبو القمصان بدور عملي في بناء المستقبل من خلال تلك الورقة التي قامت بطباعتها في كتيب أنيق تحت رعاية هيئة الأممالمتحدة للمرأة وهذا في رأيي ما يجب أن تقوم به كل ناشطة سياسية في أي مجال من المجالات. أن تقدم الحلول العملية المدروسة بدلاً من أن تكتفي بالاحتجاج السلبي. هذه المساحة كان من المفترض أن أكتب فيها عن الضجة الهائلة حول الفيلم المسيء لمحمد صلي الله عليه وسلم ، لكنني في اللحظة الأخيرة انتبهت وقررت ألا أشارك في الدعاية لهذا الفيلم الحقير التي لن يستفيد منها إلا صناع الفيلم نفسه!.