في مصر نحن مختلفون ، هنا رئيس العمل هو السيد والوحيد الذي يفهم والقادر علي الإنجاز بفضل توجيهاته الصحيحة دائماً . وما ان يترك رئيس العمل موقعه تظهر مساوئه واخطاؤه ويشيعه مرؤوسوه الذين كانوا يسبحون بفكره ونظرياتة باللعنات والانتقادات وتتجه بوصلتهم نحو الرئيس الجديد لهم الذين سرعان ما يحولونه الي فرعون جديد في غمضة عين بفضل نفاقهم له وخنوعهم لقراراته حتي ولو لم تكن صحيحة وتصبح شخبطة سيادته علي الورق هي استراتيجية عملهم ومنهاج مستقبلهم . تلك هي الحقيقة في مصر ، ولذلك لا تجد اي مقاومة من مرؤوس لرئيسه، بل دائماً ما تجد المديح والثناء علي كل مايفعل والتبرير لكل ما يصدر منه من قرارات ، حتي وصل بنا الحال الي ما هو عليه الان ، واصبحت المعادلة في مصر علي النحو التالي ، رئيس نصف موهوب او بدون موهبة علي الاطلاق ومرؤوسون منافقون يبحثون عن لقمة العيش وتوهموا انها لا تتحقق الا بمداهنة الرئيس وتودد العلاقة معه ، وتؤدي هذه المعادلة بنا الي نتائج مفزعة ، فالانتاج يتدهور وتقل الكفاءات لعزوفها عن المشاركة او هجرتها خارج محيط العمل ، والاهم من ذالك خلق اجيال متعاقبة من المرؤوسيين النمطيين الذين لا يمتلكون فكرا للمستقبل ولديهم قناعة من الصعب تغييرها بانهم موجودون في مكانهم لخدمة رئيسهم فقط وليس للعمل والابتكار لصالح وطنهم ، في المقابل تجد الرئيس الجديد الذي يبدأ مبتسما ومصافحا كل مرؤوسيه ومستمعا لمشاكلهم وأفكارهم ، يتحول بفضل مرؤوسيه الي نواة لديكتاتور فرعوني جديد في تاريخنا، فتصبح التكشيرة ملازمة له ويعلو صوته ليصبح هو الصوت الوحيد في المكان ويتخذ من القرارات التي تؤهله للسيطرة علي مجريات العمل في شركته ليصبح هو المتحكم الاول والوحيد ، ويدعم وجوده بعدد لا باس من انصاف الرجال من حملة المباخر الذين يستعذبون الاهانات التي توجه لهم ويحولونها الي إشادة تعكس مدي قربهم من المسئول . لقد عشنا أزمانا متلاحقة لا نعرف السبب في اختيار المسئول او السبب في اقالته ودائما ما يهبط ذلك المسئول علي موقع المسئولية بالباراشوت ونكتشف اسرار وخبايا وراء اختياره وهناك منهم من يتم اختياره بالخطأ نتيجة اتباع سياسة الأقربين والاصدقاء بدلا من سياسة اختيار الاكفاء والموهوبين، وتتحول قطاعات العمل لعزب صغيرة في اطار عزبة كبيرة ، وهو ما يؤدي الي انتشار الفساد والمحسوبية ويشعر المسئول أنه فوق الحساب ولا احد يملك ذلك بينما آليات حسابه كثيرة وقادرة علي ردع اي مسئول تسول له نفسة أنه اصبح الأوحد والملهم والقادر علي العطاء وبدونه يفشل العمل ولا يستقيم . كل ماسبق عشناه ولمسناه قبل 25 يناير ولم اكن اتصور أنه سيستمر بعدها وخابت توقعاتي واستمر الوضع علي ما هو عليه في السابق واصبحنا نعاني اكثر خاصة من المنافقين للنظام الجديد الذي تشكل في افق السياسة المصرية في محاولة منهم للتقرب من هذا النظام لينالهم البركة ويصبحوا في مصاف المسئولين وهم الفئة الأخطر الان لان هذه الفئة لا تملك اي شئ يؤهلها لان تصبح فيما سعت او تسعي اليه، واخشي ان يكون حاملو حقائب المسئولين في العصر السابق هم مسؤلي العصر الجديد .