الفقر هو نتاج ما يقوم به المجتمع ، والزيادة في حدة الفقر هو انعكاس لفكر هذا المجتمع... اتساع انتشار الفقر هو نتيجة لما اسميه " فكر الفقر "... وعدم انحساره والزيادة في عدد الفقراء في المجتمع هو دليل علي اولا : عدم ادراك حكومات متعاقبة لقضية الفقر ، وثانيا : عدم إدراك أو وصول التنمية إلي أهم الفئات والقطاعات ، وثالثا : هو نتيجة مباشرة الي غياب الرؤيه والعلم والخبرة للقضاء علي الفقر وانتشار " فكر الفقر "... والمجتمع المصري يشهد بعد نصر أكتوبر أي منذ ما يقرب من ثلاثين عاما انفتاحا وبناء ونماء تحول فيها من نكسة أمة اشتراكية المذهب تسيطر فيها الدولة علي ثروات المجتمع وتوزعها علي أفراده ، إلي رأسمالية التوجه تسعي الدولة فيها إلي خلق المناخ المستقر والآمن والعادل ليتنافس فيها أبناؤها للتقدم بهذا المجتمع لا إلي تدمير للطاقات الإنتاجية والقدرات التنموية للوطن بعد ثورة بدأت مميزة... وبين العقيدة الاشتراكية للبعض والشراهة الرأسمالية للبعض الآخر يتصارع وأحيانا يتنافس المصريون كل من أجل حياة أفضل له ولأسرته وبين الاشتراكية والرأسمالية من جهة والبلطجة وقوي التدمير من جهة أخري يتصارع الوطن بين الإسلاميين الجدد وكل ما هو قديم يتصارع علي كل ما بقي في الوطن... والسؤال الأكثر إلحاحا هل لدينا الإطار والنموذج الذي يحقق لنا كمصريين التنمية الأفضل والفقر الأقل . وبعبارة أخري هل ممكن تحقيق التنمية والتقدم في إطار عالم تشابك وترابط وانفتاح في سوق حر يزداد اتساعا مع تمكين الفقراء لكي يكونا ضمن مجتمع يعمل ويتقدم ويزدهر . التمكين الاقتصادي والاجتماعي للفقراء يعني اخراجهم من دوامه اليأس وإدخالهم إلي طريق الأمل . وأعني بالتمكين الاقتصادي والاجتماعي للفقراء هو تحديد للقدرة والمقدرة علي تحقيق ما يحتاجه الإنسان ، (اولا) اقتصاديا من دخل هو نتاج عمل وجهد . و(ثانيا) اجتماعيا برعاية - إنسانية - غير طبقيه تضمن الحد الأساسي من الخدمات الصحية والتعليمية والمعيشية والاجتماعية وبالجودة المطلوبة . والفقر - في نظري - هو نتيجة مباشرة لما أسميه فجوات التنمية . وهذا يحدث لأسباب عديدة لعل أهمها (1) غياب فكر وعلم وثقافة التنمية في مواقع متعددة تؤثر علي المجتمع . (2) عدم وجود الموارد الكافية أو استخدام هذه الموارد الاستخدام الأمثل . (3) التعليم . (4) عدم وجود الإطار الذي يسمح بزيادة الاستثمارات وخلق فرص العمل . (5) عدم الترابط بين خطة التنمية وخريطة الواقع الاقتصادي والاجتماعي والبشري في كل محافظة ومدينة وقرية . (6) غياب تكافؤ الفرص والمساواة والعدالة وغيرها . ورغم انحسار الفقر في بعض المناطق مثل المناطق الملاصقة للمدن الصناعية السادس من أكتوبر والعاشر من رمضان والتي تشهد ندرة حادة في العمالة المدربة إلا أننا نري اتساعا لفجوات الفقر والبطالة في بعض المحافظات خاصة في صعيد مصر... وقد يكون مفيدا أن نبدأ بخريطة التنمية وهي بدقة وصف لواقع المجتمع المصري ولكل محافظة ومدينة وللقري الرئيسية من حيث (1) نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي 0 (2) نسبه الفقراء للسكان ونقسمها لنسبه الفقر ونسبه الفقر المدقع . (3) مؤشرات الصحة وتشمل توقع الحياة عند الميلاد ومعدلات الوفيات بين الأطفال اقل من عام ونصيب السكان من كل طبيب . وللحديث بقية