التمكي الاقتصادي والاجتماعي للفقراء هو أهم قضايا مصر علي الإطلاق . وببساطة - وليس بتبسيط - أعني بالتمكين هو القدرة والمقدرة علي تحقيق ما يحتاجه الإنسان ، وهو اقتصاديا دخل نتاج عمل حقيقي وعائد نتيجة جهد عملي... واجتماعيا هو رعاية إنسانية - غير طبقية - تضمن حدا أساسيا من الخدمات الصحية والتعليمية والمعيشية والاجتماعية بالجودة المطلوبة... إن قضية الفقر هي السبب الرئيسي للتخلف بدلا من التنمية ، ولقضية الأمية بدلا من التعلم ، وقضية الإرهاب بدلا من السلام ، والعشوائية بدلا من التنسيق الحضاري ، والتبعية بدلا من الاستقلالية ، والعبودية بدلا من حرية الإنسان ، والتخبط بدلا من الديمقراطية... الفقر هو القضية الأولي للمجتمع والاهم والأعمق بل هي قضية القضايا... الفقر هو قضية كافة المجتمعات ومنها مصر... فلا ديمقراطية في وجود فقر وفقراء حيث يشتري المال السلطة من خلال استغلال الحاجة والاحتياج لمواطن فقير ولأسرته... ولا ديمقراطية مع أمية وجهل حيث لا يستطيع الفقير أن يفسر ما يقال له وحيث لا يهمه غير احتياجات أولاده الملحة والعاجلة وحيث لا يستطيع - أو يقدر - أن يقرأ أو يشارك مع صناع الرأي في اتجاهات الرأي أو صياغة السياسات أو اتخاذ القرار... الفقراء في المجتمع هم غالبا المفعول به أو التابعون... وإذا لم يستطع الفقير أن يلبي احتياجاته فهو إما يولد ويعيش ويموت مغلوب علي أمره (فهم الغالبية العظمي) وإما يهجر المجتمع أو يتطرف أو ينحرف أو يخرج عن الإطار القانوني أو العملي إلي الشارع، حيث لا يوجد قواعد لقانون ويصيغ القوانين الخاصة بعيدا عن المجتمع... ويتحول بعض ضحايا الفقر إلي أبناء للشوارع أو قادة بلطجة أو إرهاب... هذا الشارع في عرفهم هو المجتمع - من وجهه نظرهم - هو ميزان للحصول علي ما يحتاجه وهو فيها خارجا عن القانون والقواعد التي وضعها المجتمع، إما بمد يده لباقي المجتمع ، وإما سارقا لهذا المجتمع ، وإما أن يكون من " أطفال الشوارع " ، وإما رافضا للمجتمع فيكون مدمرا ومرهبا له بأسس ايدلوجية أو مذهبية... مطلوب وضع قضية الفقر في صدر القضايا الهامة علي أجندة العمل الوطني - والإقليمي والدولي - للتصدي لها بالعلم والمعرفة والخبرة والموضوعية... وبالمعلومات والدراسات وبالتجارب الوطنية والعالمية الناجحة وبالقيادة الحكيمة لينطلق الوطن وللأنصاف أيضا نسجل أن هناك جهودا - عبر الزمن - متعددة ومتفرقة للحكومة وللمجتمع المدني ولقطاعات الأعمال لمواجهة الفقر البعض منها جيد والبعض الآخر لم ينجح... ولكن المحصلة العامة عبر سنوات عديدة أن الفقر في مصر ازداد حدة وعدد الفقراء قد ازداد حتي أن بعض التقارير تشير إلي أن 40٪ من المجتمع يشعر بالفقر... وأن عشرين بالمائة من المجتمع تحت الحد الفعلي للفقر بالمقياس العالمي ويزيد عددهم عن 17 مليون مصري منهم عشرة ملايين مصري تحت حد الفقر المدقع... بالإضافة إلي أن 30٪ ما يقرب من 25 مليون مصري من المجتمع يعيشون في أمية منذ أن يولد إلي إن يتوفاه الله... هذه جريمة إنسانية وسياسية واقتصادية واجتماعية... تمكين الفقراء يتطلب توجه دولة وحكومة ووزارات ومحافظات والقضاء علي الفقر يجب أن يكون هدفا قوميا... والتغاضي عنه هي جريمة - بل جرائم - تنتقل عبر العصور... فهل آن الآوان أن نضع الفقر علي أولوية أجندة وطن ؟