السيسي يوجه التحية لرجال القوات المسلحة لما يقدمونه من جهود وتضحيات    بالأسماء.. حركة تنقلات رؤساء الوحدات المحلية ب الدقهلية    رئيس شعبة الدواجن بغرفة الجيزة: لا توجد أزمة في الإنتاج.. والسلاسل تغالي في أرباحها    وزيرة التخطيط تشارك في المنتدى الرابع للطاقة والمناخ للاتحاد من أجل المتوسط    رئيس أركان الجيش الإسرائيلي: يجب مواصلة ضرب «حزب الله» بقوة    استشهاد 7 فلسطينيين في قصف للاحتلال على جباليا ومخيم النصيرات بوسط غزة    «السمسار الملاكى» يثير أزمة «القندوسى» و«بوبينزا» فى الأهلى والزمالك    سيموني إنزاجي يُعلن تشكيلة إنتر ميلان لمواجهة تورينو في الدوري الإيطالي    تحذير برلمانى من انتشار مواقع وتطبيقات المراهنات: تهدد السلم الاجتماعى    التصريح بدفن سيدتين لقيتا مصرعهما في حادث تصادم بمدينة نصر    حبس عاطل في اتهامه بارتكاب سرقات متنوعه ببولاق أبو العلا    بينها توليد الصور بالذكاء الاصطناعي .. 7 ميزات جديدة ل«فيسبوك» و«ماسنجر» تعرف عليها    «لعل الله يراني» و«الرؤية» يقتسمان جائزة أحمد الحضري بالدورة 40 من مهرجان الإسكندرية السينمائي    قبل إحيائه ب12 يومًا.. ريهام عبدالحكيم تشارك جمهورها اختيار أغاني حفل «الموسيقى العربية»    دعم غير مشروط لفلسطين ولبنان فى افتتاح مهرجان وهران للفيلم العربى ال 12    «أكتوبر» فى الذاكرة المصرية    منها تناول الثوم النيء.. 7 طرق لعلاج التهاب الجيوب الأنفية في المنزل    النني يسجل في اكتساح الجزيرة ل دبا الحصن بسداسية في الدوري الإماراتي    عبور وإنقاذ.. وثائقي يكشف العديد من أسرار حرب أكتوبر (فيديو)    11.7 تريليون جنيه ودائع مصريين وزيادة 181% في حساباتهم بالبنوك مقارنةً بعام 2016.. «البنك المركزي» يفحص 3210 شكاوى وطلبات    الادّعاء الروسي يطالب بسجن "مرتزق" أمريكي 7 سنوات    تأجيل محاكمة المتهم في قضية الهجوم الإرهابي على فندق الأهرامات    إصابة 13 شخصًا فى حادث انقلاب سيارة بالإسماعيلية    رواتب تبدأ من 6500 جنيه.. رابط التقديم على فرص عمل في القاهرة والتخصصات المطلوبة    قبرص: وصول أول رحلة تُقِل مواطنين أستراليين من لبنان    «الإفتاء» تنظم البرنامج التدريبي «التأهيل الفقهي» لمجموعة من علماء ماليزيا    الصحة: فريق الحوكمة والمراجعة الداخلية يتفقد مستشفى الغردقة العام ويحيل واقعة تقصير للشئون القانونية    محافظ الجيزة يواصل لقاءاته الدورية مع المواطنين لبحث الطلبات والشكاوى    إسرائيل تشن 5 غارات على ضاحية بيروت الجنوبية خلال الساعة الأخيرة    وزير الصحة: حملة 100 يوم صحة قدمت أكثر من 103 ملايين خدمة مجانية خلال 65 يوما    صندوق مصر السيادي على طاولة "النواب" الأثنين المقبل    التضامن: تسليم 801 وحدة سكنية في 12 محافظة للأبناء كريمي النسب    النيران تلتهم أسرة بالشرقية    «إسلام وسيف وميشيل».. أفضل 3 مواهب في الأسبوع الخامس من كاستنج (فيديو)    خبيرة: مشروع رأس الحكمة أحدث استقرارا نقديا انعكس إيجابيا على مناخ الاستثمار    رئيس الضرائب توضح تفاصيل جديدة بشأن إصدار فواتير إلكترونية    موعد مباراة منتخب مصر ضد موريتانيا في تصفيات أمم أفريقيا    تناول الطعام في الوقت المناسب يقلل من الإصابة بمرض السكري    أوروبا تعتمد فرض رسوم جمركية إضافية على السيارات الكهربائية الصينية    محافظ القاهرة يضع إكليلًا من الزهور على مقابر شهداء المنطقة العسكرية بالخفير    شاهندة المغربي: أتمنى تحكيم مباراة الأهلي والزمالك في دوري الرجال    في حوار من القلب.. الكاتب الصحفي عادل حمودة: "أسرار جديدة عن أحمد زكي"    فرد الأمن بواقعة أمام عاشور: ذهبت للأهلي لعقد الصلح.. واللاعب تكبر ولم يحضر (فيديو)    وزير البترول يناقش مع رئيس شركة توتال توسع أنشطتها الاستكشافية بمصر    رئيس جامعة الأزهر: الله أعطى سيدنا النبي اسمين من أسمائه الحسنى    فضل الصلاة على النبي محمد وأهميتها    «ترامب» و«هاريس» يتنافسان لكسب أصوات العمال في الانتخابات الأمريكية    السد يعلن تفاصيل إصابة يوسف عطال.. ومدة غيابه    خاص- محامي أتشمبونج: فيفا سيخطر الزمالك بايقاف القيد    تخفيضات 10%.. بشرى سارة من التموين بشأن أسعار السلع بمناسبة ذكرى أكتوبر    للتغلب على التحديات.. «الصحة» تبحث وضع حلول سريعة لتوافر الأدوية    تقرير أمريكي: السنوار اتخذ مواقف أكثر تشددا.. وحماس لا ترغب في المفاوضات    «تنمية المشروعات» يضخ 2.5 مليار جنيه تمويلات لسيناء ومدن القناة خلال 10 سنوات    إصابة 13 شخصا في انقلاب ميكروباص بطريق «كفر داوود السادات» بالمنوفية    إشراقة شمس يوم جديد بكفر الشيخ.. اللهم عافنا واعف عنا وأحسن خاتمتنا.. فيديو    برج القوس.. حظك اليوم السبت 5 أكتوبر: اكتشف نفسك    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 5-10-2024 في محافظة البحيرة    رئيس جامعة الأزهر: الحروف المقطعة في القرآن تحمل أسرار إلهية محجوبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. محمد خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة يتحدث عن الشريعة والإشراف علي الانتخابات والصحافة في الدستور الجديد:
مبادئ الشريعة الإسلامية صالحة لجميع أنظمة الحكم في كل العصور
نشر في الأخبار يوم 03 - 09 - 2012

الإصرار علي الأصول الدينية بالدستور يگشف عن خلط الدين بالسياسة
السلطة القضائية هي الجهة الوحيدة في مصر المؤهلة للإشراف علي الانتخابات لتمتعها بالحياد والاستقلال والحصانة في مواجهة كل أطراف اللعبة السياسية
بمناسبة عمل الجمعية التأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد والخلاف الحاد بين الاحزاب والقوي السياسية حول بعض المسائل الشائكة عند نظر مشروع تلك النصوص خاصة في ثلاثة موضوعات تعتبر من الامور الشائكة التي اثارت خلافا حادا حول مستقبل البلاد الاول بشأن مرجعية الازهر والاصرار علي النص علي بعض المسائل الدينية والثاني بشأن اتجاه الجمعية التأسيسية نحو الغاء الاشراف القضائي علي الانتخابات والثالث بشان تجاهل الجمعية التاسيسية وضع نصوص تكفل استقلال وحرية الصحافة ،والرؤي المختلفة لكل فصيل من الاطياف التي تشارك في وضع الدستور مما يصعب علي الكثيرين من مواطني الشعب فهم اسباب الخلاف ومغزاه،لذا كان لنا هذا الحوار مع الفقيه المفكر المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة المتخصص في الفصل بين السلطات في مختلف الحضارات ،ليشرح ويوضح الاطروحات الجادة بشأن تلك المسائل والقضايا الشائكة.
في البداية ما حكم الشريعة الاسلامية في الدساتير المصرية السابقة ؟ ومدي ارتباطها بالنظام السياسي القائم او بتغير الانظمة الاجتماعية ؟ وهل اختلف الامر في النظام الملكي عنه في النظام الجمهوري ؟
في الواقع انه منذ ان انتظمت الامة المصرية في دولة ذات دستور منظم لوجودها حرصت دساتيرها المتعاقبة علي النص علي ان الاسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ،وقد تتابع وجود هذا النص في دساتير الدولة المصرية عبر تاريخها الدستوري البرلماني ،فقد اوردته المادة 149 من الدستور الصادر في 1923 في عهد النظام الملكي البرلماني، كما ورد ذات النص في المادة 138 من الدستور الصادر عام 1930، ثم ارودته كذلك بنصه المادة الخامسة من الدستور الصادر عام 1964 في عهد نظام جمهوري كان يجمع بين النظامين البرلماني والرئاسي ،ثم اخيرا اوردته المادة الثانية من الدستور الصادر عام 1971 بنصه مع اضافة عبارة (ومبادئ الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسي للتشريع )، اذن هذا النص الثابت رغم تغير نظام الحكم من النظام الملكي الي النظام الجمهوري وما اعقبه من تغير النظم الاجتماعية والسياسية في الجماعة المصرية يكشف عن حقيقة راسخة لم تتبدل من مكانها المكين خلال المراحل التاريخية المختلفة للامة المصرية ، ،ولا ضرر بعد ان اصبح تعداد المصريين يزيد عن الثمانين مليون نسمة ومن خلال التعايش السلمي بين المسلمين والمسيحيين ان ينص علي ضرورة الاحتكام الي شرائع المسيحيين فقط في مسائل الاحوال الشخصية الخاصة بهم ،علي ان تطبق مبادئ الشريعة الاسلامية بحسبانها الشريعة العامة في حالة خلو النص من حكم ينظم تلك المسألة.
ما مدي ارتباط مبادئ الشريعة الاسلامية بالنظام العام والمبادئ العامة في المجتمع المصري ؟ وهل يتغير ذلك المفهوم بتغير الدساتير ؟ او بتغير أنظمة الحكم في الدولة ؟
الاسلام كما هو معلوم دين الغالبية من الشعب المصري وكون مبادئ الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع انما يعني ان الاسلام والمبادئ التي اتي بها والقيم التي استنها تتخلل النظام العام والاداب العامة التي تشكلت وترسخت عبر اجيال واجيال وبهذا فإن مبادئ الشريعة الاسلامية لا تتغير بتغير الدساتير ولا بتغير انظمة الحكم في الدولة، وتصبح صالحة لكل اشكال انظمة الحكم في جميع العصور.
ما رأيك في نص مشروع الدستور بان تكون للازهر المرجعية النهائية في الامور الشرعية؟ ورأيك في الخلاف الحاد بين القوي الساسية بشأن النص علي المرجعية الدينية للازهر ؟ وايضا ما رأيك في قيام اللجنة التاسيسية بالنص في مشروع الدستور علي عدم المساس بالذات الالهية وانشاء مؤسسة الزكاة ؟
تلك النصوص ليس لها مثيل في الدساتير المصرية السابقة ،وتخوف البعض من تقريرها يرجع الي اسباب منطقية وجيهة ،تتمثل في احتمالية عودة السلطة الدينية في المجال السياسي ،واستنساخ النموذج الايراني ،مع ان البيئة المصرية مختلفة تماما ولها ظروفها التاريخية التي تجعلها مستقلة بذاتية ذات طابع خاص لا يصلح معها استياق نظم اخري لتسري في تلك البيئة ، كما ان النص علي عدم المساس بالذات الالهية يجب ان يكون من خلال النصوص القانونية العقابية وليست الدساتير ،ولتكن في باب الجرائم المتعلقة بالاديان .مع اعادة النظر في اغلبها وتغيير وصف الجرائم من الجنح الي الجنايات حفاظا علي تماسك النسيج الوطني ،ناهيك عن ان النص في الدستور علي انشاء مؤسسة للزكاة امر ليس متفقا مع منهجية الدساتير لكونها اصلا من اصول الدين ،والدساتير انما شرعت في البلاد لتنظم سلطات الدولة ونظام الحكم فيها وليس من بينها بلا ريب تبيان الاصول الدينية !!!!،ان صناعة الدساتير حرفة ماهرة لا يجيدها الا الخبراء المتخصصون في علم الدساتير وغيرهم من ذوي الخبرة في الشأن الدستوري وتلك تعتمد علي فلسفة منهجية مغايرة تماما عن كيفية وضع القوانين واللوائح ،والقول بغير ذلك يجعل عمر امثال تلك الدساتير اقل من المدة التي استغرقها واضعوه في صنعها.
المسائل الدينية
هل يعني كلامك ان تلك المسائل الدينية يجب اخراجها من الدستور؟ وما هو الدور الحقيقي للازهر الشريف ؟والأداة القانونية لتحقيق دوره ؟
ان المسائل المتعلقة باعادة تنظيم الازهر والهيئات التي يشملها تنظمها نصوص قانونية وردت في القوانين المنظمة له ،وهي أن توكل للازهر الشريف مهمة حفظ الشريعة الغراء ،وفهم علومها ،ونشرها وحفظ التراث ونشره ،وحمل امانة الرسالة الاسلامية الي لكل الشعوب مع اظهار حقيقة الاسلام واثره ،اذن رسالة الازهر عالمية لكافة الشعوب وليس لمصر فقط ،والازهر بهذا المفهوم يعد الهيئة التي ناط بها المشرع الوضعي حفظ الشريعة والتراث ونشرهما وحمل امانة الرسالة الاسلامية الي كل الشعوب بالتصدي لاداء تلك المهام .والازهر كيان متماسك علي قمته شيخ الازهر وكبار العلماء يعاونه ايضا مجمع البحوث الاسلامية الذي له ولاية مراجعة المصحف الشريف والتصدي لبحث المؤلفات والمصنفات التي تتعرض للاسلام وابداء الرأي فيها ومن ثم فإن تلك الجهة تكون صاحبة التقدير في الشئون الاسلامية ،والخلاصة ان سلطة تقدير الشأن الاسلامي الذي يتخلل حماية النظام العام والاداب العامة والمصالح العليا في الدولة من ولاية الازهر وهيئاته واداراته حسب قانونه المنظم لذلك ،فكل تلك المسائل مكانها القوانين المختصة لا الدساتير والاصرار علي النص في مشروع الدستور علي بعض المسائل الدينية يجعل الدستور المزمع صدوره كاشفا عن الخلط بين الدين والسياسة وهو الامر المحظور في إعلانات حقوق الانسان.
الي اي مدي يكون الشأن الديني في يد الازهر ؟وهل تري تجريم قيام البعض من بإصدار فتاوي عامة علي الناس من غير الهيئة المختصة بالازهر؟ وهل من دور للمحكمة الدستورية العليا في القوانين المخالفة لمبادئ الشريعة الاسلامية ؟
يجب ان يكون تقرير ما يتفق وما لا يتفق مع الشأن الديني لهيئة علمية متخصصة مؤهلة لان تبدي الرأي في الشئون الدينية في الازهر الشريف ، ذلك ان الاشكالات تترتب علي اصدار فتاوي فردية تمس عامة الناس من غير الهيئة التي اختصها القانون بذلك له عواقب وخيمة علي المجتمع ،ومن شأنه اشاعة الفوضي واثارة البلبلة بين الناس ،مما ستلزم معه ان تكون للهيئة المختصة بالازهر القول الفصل وبهذا يجب النص في القوانين العقابية علي تجريم عمل كل من يفتي بفتوي تمس عامة الناس من غير تلك الهيئة ولتكن عقوبتها الحبس ،فدفع المضار مقدم علي جلب المنافع.
اما عن دور المحكمة الدستورية العليا فهو اصيل في تفسير نصوص التشريعات القانونية الموافقة او المتعارضة مع مبادئ الشريعة الاسلامية ومن ثم تكون دستورية او عدم دستورية ،ولا غضاضة ان تستعين المحكمة برأي الازهر فالازهر دوره هو التكلم في المبادئ العامة الاصولية اما تفصيلات الحياة اليومية وما تثيره النصوص القانونية من عوار دستوري يناقض مبادئ الشريعة الاسلامية فتلك مهمة موكولة الي المحكمة الدستورية العليا.
ما رأيك فيما ذهب اليه احد اعضاء الجمعية التأسيسية من تقرير الاتجاه لدي الجمعية لإلغاء الاشراف القضائي علي الانتخابات وتشكيل مفوضية عليا بعيدا عن القضاة تتولي العملية الانتخابية في جميع مراحلها ؟
من الجدير بالذكر ان هناك عدة اتجاهات بشإن الاشراف علي العملية الانتخابية علي مستوي العالم ،و تفاوت الدول فيما بينها في الاخذ بنظام يغاير الاخر، حسبما يشير التقدم الديمقراطي في تلك الدول ،ففي بعض البلاد الغربية مثل امريكا وانجلترا وفرنسا حيث تقوم حكومات حزبية باجراء تلك الانتخابات ،وهناك ايضا بعض الدول الاخري تقوم علي انشاء هيئة مستقلة تتولي ادارة الانتخابات مثل النظام الهندي علي اجريت الانتخابات علي اساسه في مارس عام 1977 وكانت نتيجتها عدم نجاح انديرا غاندي ابنة نهرو بل وادانتها الدولة الهندية بسبب انها استعانت بشخص كان سكرتيرها اثناء وجودها بالحكم وهو موظف عام لاستخدامه سيارات الحكومة في الدعاية الانتخابية وهو درس ينبغي ان نتعلمه ان اردنا اعتلاء السلم الديمقراطي ،وهناك دول توكل القيام بمهمة الاشراف علي الانتخابات لحكومة محايدة مؤقتة يتم تشكيلها خلال مدة اجراء الانتخابات فقط ،ومثالها الانتخابات التي تمت في باكستان عام 1993 وفازت بها بناظير بوتو ،وهناك دول تأخذ بنظام تشكيل حكومات حزبية واخري ذات طبيعة ادارية للاشراف علي الانتخابات ،لذا فإن مشروع النص الدستوري المقترح ليس بدعة جديدة وانما هو ترديد لتجارب الاخرين ! ومن الذكاء وحسن الفطن في تقرير الدستور ان نإخذ ما يلائم بيئتنا المصرية لا استقاء انظمة لا تصلح في غير بيئتها ،او نبتدع ما يوائم تلك البيئة المصرية ليواكب حداثة التحول الديمقراطي الذي اعقب ثورة 25 يناير ،وقد غاب عن واضعي مشروع الدستور ان البيئة المصرية لها خصوصية وذاتية مستقلة علي نحو لا يتفق معها ابعاد السلطة القضائية عن مهمة الاشراف علي الانتخابات
الاشراف القضائي
واري انه من الاجدر ان تشرف السلطة القضائية اشرافا كاملا علي الانتخابات في جميع مراحلها ،والقول بغير ذلك فيه عودة الي الوراء !! ذلك ان السلطة القضائية هي الجهة الوحيدة في مصر الان التي تتمتع بالحياد والاستقلال والحصانة في مواجهة كافة اطراف اللعبة السياسية!!! الم ير النظام الحاكم ان الاشراف القضائي الكامل هو الذي ترجم ارادة الشعب ترجمة حقيقية لوصوله الي الحكم !! ومن ثم يبدو من المستغرب والمثير للدهشة بعد ان حقق النظام الاسلامي النجاح للوصول للحكم ان يعود بسهولة الي الوراء بالمشروع الدستوري المقترح من اعضاء الجمعية التأسيسة بالغاء الاشراف القضائي علي الانتخابات وهو ما يثير المخاوف والشكوك لدي نفوس الشعب المصري عن الدوافع الحقيقية واسباب ما يستهدفه ذلك التغيير ؟! فالعملية الانتخابية في حقيقتها هي معركة حقيقية اسلحتها الدعاية والتأثير والترهيب والترغيب مما يقتضي معه اسنادها الي السلطة القضائية للرقابة علي مشروعيتها وهي مؤهلة لذلك لضبط ايقاع اجراءاتها ومراعاة المساواة بين سائر المرشحين خاصة في المشكلات التي تظهر في المسيرات او وضع اللافتات او ادوات الاتصال بالجماهير ومكنات تدخل السلطة التنفيذية واجهزتها التابعة لها ،كل ذلك وغيره يستلزم اسناد الاشراف علي الانتخابات الي الهيئة العليا للانتخابات ويجب ان تتبع المجلس الاعلي للقضاء ويجب تشكيلها من عناصر قضائية خالصة تمثل جهات القضاء الدستوري والاداري والعادي باعتبارها الجهات القضائية المعنية كل فيما يخصه بشأن الانتخابات وهي تستعين بكافة الهيئات القضائية الاخري لمباشرة كافة الاعمال اللازمة لسير العملية الانتخابية ،فالعدالة خير ضمان للمتنافسين وهي لا تميل مع الهوي
واضاف ،ان العدول عن الاشراف القضائي علي الانتخابات سيؤدي الي التناحر بين القوي السياسية والاحزاب وسيؤدي ايضا الي زهد المواطنين عن المشاركة في صنع القرار السياسي ،وسوف يدفع النظام الحاكم الان الثمن غاليا اذا الغي الاشراف القضائي علي الانتخابات ،فالشعب لن يثق بغير القضاء بديلا ،وستنهار مكتسبات ثورة الشباب اذ تعود مصر بالغاء الاشراف الكامل علي الانتخابات الي عصور الاضمحلال الديكتاتوري
واضاف ايضا انه لا يجوز المقارنة بصدد تقرير نظام الاشراف علي الانتخابات بالدول الغربية ذات الانظمة الديمقراطية لسبب بسيط ان الحكام في تلك الدول العريقة في الديمقراطية لا يستطيعون التلاعب بالانتخابات لانهم تربوا في مدرسة تقديس الحرية فضلا عما ينتظرهم من سوء المصير نتيجة وجود صحافة قوية ورأي عام جبار عتيد قادر علي الاطاحة بمستقبلهم السياسي ومستقبل احزابهم
استقلال الصحافة
وماذا عن تجاهل اعضاء الجمعية التأسيسية وضع نص في مشروع الدستور يكفل استقلال الصحافة استقلالا حقيقيا ووسائل الاعلام ،وحريتها؟
حرية الصحافة تشمل حق الشعب في متابعة الاحداث التي تدور حوله وحقه في أبداء رإيه فيها فالصحافة للشعب وحرية الصحافة تعد امتدادا لحرية الشعب ،وتختلف الدساتير في نظرتها الي حرية الصحافة واستقلالها بحسب النظام السياسي القائم،ففي ظل الانظمة الشمولية تكون الصحافة جزءا من النظام الحاكم ،ويصبح الصحفيون اداة طيعة في يد الحاكم للسهر علي خدمة النظام ،اما في ظل الانظمة الديمقراطية حيث تحرص الدساتير علي النص علي حرية الصحافة واستقلالها ،نظرا للدور الخطير الذي تقوم به في سبيل تنوير الرأي العام وتبصير الحكومات عن الاخطاء التي تقع فيها وعن المخاطر التي تعترضها لتأتي قراراتها متوافقة مع صالح الشعب ومن ثم فأنا اري ان اي دستور يخلو من النص علي حرية واستقلال الصحافة هو دستور ناقص النمو ويعد مسخا في التكوين.
المح في كلامك قراءات عن ضرورة حماية الصحافة ،فكيف تري حقيقة الصراع بين السلطة والصحافة ؟
الصحافة بما لها من تأثير قوي في تكوين الرأي العام او توجيهه،يجب الا تعتمد علي سلطات الدولة ،وانما تعتمد علي ما تقدمه للناس من اراء وانباء ،فهي يجب ان تعمل خارج نطاق سيطرة الدولة وليس من داخل هذا النطاق ،ذلك ان الصحافة في ظل الانظمة الديمقراطية مهنة حرة لسائر الافراد والجماعات وعندما نصت دساتير العالم المتقدم علي حرية الصحافة فقد اريد بذلك حمايتها من الدولة لان الدولة وحدها هي التي تملك الرقابة علي الصحف فتلغيها او تعدلها او توقفها او تحظرها ، ومن هنا يبدو الصراع بين السلطة والصحافة ،لان اصحاب السلطة في في العالم الثالث مثل مصر لا يتسع صدورهم لرأي يخالفهم !! لذا اري ان حرية الصحافة ترتبط بحرية الرأي ،،والنص في الدستور السابق علي ان الصحافة سلطة شعبية (سلطة بالمعني المجازي اذ ليس بيدها سلطة الامر ) هو الذي يؤدي الي فقدان استقلالها وحريتها ،لان الصحافة الحرة تكون عندما تعمل خارج نطاق جسد الدولة وليس من داخله ،كما ان استقلالها يتحقق عندما تكون مستقلة عن الدولة
هل كانت طريقة نصوص تقنين الصحافة في الدستور السابق لاستقلالها ام لاخضاعها ؟وكيف تري تحرير حرية الصحافة من وجهة نظرك؟
طريقة تقنين الصحافة في الدستور السابق لم يكن يؤدي في حقيقة الامر الي استقلالها او ضمان حريتها ،وانما كان الهدف منه هو احتواء الصحافة وتقييد حريتها ،،واية ذلك ان النص علي مجلس الشوري مع مواكبة تقنين الصحافة كسلطة شعبية لم يكن القصد منه توسيع المشاركة الشعبية في الحياة السياسية وانما كان القصد ان يحل مجلس الشوري محل الاتحاد الاشتراكي في ملكية الصحف والتحكم فيها !!
واني ادعو جميع رجال الصحافة الي التأمل جيدا في نصوص قانون الصحافة رقم 148 لسنة 1980 ومن بعده قانون تنظيم الصحافة رقم 96 لسنة 1996 فقد نصت علي ان الصحف القومية مملوكة ملكية خاصة للدولة يمارس حقوق الملكية فيها مجلس الشوري كما اناط كل من القانونين المشار اليهما بمجلس الشوري تعيين اغلبية اعضاء الجمعية العمومية لمؤسسات الصحف القومية واكثر من نصف اعضاء مجلس ادارة المؤسسة الصحفية القومية ،ورؤساء مجالس ادارات الصحف القومية ورؤساء تحرير الصحف القومية،،، وادعو كذلك رجال الصحافة اكثر للتأمل في ان ثلث اعضاء مجلس الشوري يعينه رئيس الجمهورية وباقي الثلثين الاخرين عادة ممن ينتمون الي الحزب الحاكم ،وبعد هذا التأمل جيدا يمكنهم ان يدركوا بلا عناء مقدار الدور السلبي او الايجابي الذي يلعبه مجلس الشوري في علاقته بالصحافة والصحفيين !!! ويكتمل هذا التأمل اذا نظرت الي كيفية تشكيل المجلس الاعلي للصحافة واختصاصاته واخطرها الاعتراض علي اصدار صحف جديدة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.