رضا محمود منذ أعوام قليلة كان خبر تحرش الصبية بالبنات في وسط البلد خبرا مستهجنا، سلطت عليه وسائل الإعلام الأضواء كظاهرة غريبة علي مجتمعنا.. أما في هذا العيد فقد لاحظت أن الصحف قد تعاملت مع الحدث، وكأن التحرش بالبنات أصبح واحدا من المظاهر التي لاغني عنها في العيد مثل لبس الجديد والذهاب إلي حديقة الحيوانات. وعلي ذكرحديقة الحيوانات فقد آلمني أن مهزلة التحرش قد توسعت وتوغلت وامتدت من وسط البلد لتشمل الحدائق العامة التي هي ملجأ التجمعات الأسرية في الأعياد مثل حديقة الأزهر والفسطاط والحديقة الدولية بمدينة نصر، ناهيك عن حوادث التحرش فوق الكباري.. أي أن الغلابة الذين يعتبرون الحدائق متنفسهم الوحيد لفقر الحال سوف يجدون أنفسهم مضطرين للتقوقع في الأعياد والمواسم داخل الحيطان الأربع الخانقة حفظا وحماية لبناتهم! المرعب في الموضوع هو الجرأة الرهيبة بل قل البجاحة التي يتعامل بها المتحرشون، حيث تمتد أيديهم بلمس مواضع حساسة في أجسام البنات - قطع إيدك منك له- علي مرأي من الناس الذين يكتفي أغلبهم بالمشاهدة دون أن تتحرك في أحدهم مشاعر الرجولة والشهامة.. وقد بلغت البجاحة ذروتها بقيام بعض المتحرشين بدفع فتاة علي الأرض والرقود فوقها لولا أن تعالت صرخات البنت المسكينة مما أجبر »الكلاب السعرانة« علي الجري والهرب. الأغرب أن مثل هذه التحرشات تقع أمام أعين بعض رجال الشرطة الذين لا يحركون ساكنا.. وقد روي لي أحد الزملاء الصحفيين ما شاهده بنفسه من تحرش جماعي بالقرب من السفارة الأمريكية وسط القاهرة في ظل تواجد لبعض الضباط الذين وقفوا يتفرجون علي مشاهد التحرش وكأنهم في قاعة سينما، ولما طلب الزميل الصحفي من أحدهم التحرك إنقاذا لإحدي البنات التي التف حولها الصبية وحاصروها كالجياع ، فما كان من حضرة الضابط الهمام إلا أن رد عليه : »إحنا ها نطارد مين ولا مين.. ياعم قول يا باسط«! ماذا جري للمجتمع المصري؟!.. ومن هؤلاء الصبية.. أين تربوا.. وعلي أي قيم تربوا..؟! وأية مدارس تلك التيِ تعلموا فيها؟!.. وأي نوع من المدرسين الذين وقفوا أمامهم في الفصول يلقنونهم القيم والأخلاق؟!.. وحتي لو لم يكونوا قد تعلموا في المدارس ويعملون في أي مهنة من المهن الشريفة.. أين الشهامة والرجولة والنخوة؟!.. بالتأكيد أن لكل منهم أختا أو قريبة يغار عليها ويرفض أن يتعرض لها أحدهم بمثل ما يتعرض هو لبنات الناس. الآن أسأل: لماذا لايتم تغليظ عقوبة التحرش حتي يتردد الشاب ألف مرة قبل أن يقدم علي مثل هذه الجريمة الشنعاء؟ ثم أين أجهزة المباحث التي كانت ترصد المعاكسين وتقبض عليهم وتحلق لهم شعرهم وتفضحهم أمام الأهل والجيران رغم أن المعاكسة كانت عبارة عن كلام أهبل »لا يودي ولا يجيب« ، وذلك علي النقيض تماما من بجاحة ووقاحة وقلة أدب شباب هذا الزمن.. ألم تكن أجهزة الدولة مستعدة للعيد كما قرأنا علي صفحات الجرائد؟..أم أن المسئولين سيظلون يضحكون علينا بتصريح و»بق كلام« ليؤكدوا بالكذب أن كله تمام.. وعلي رأي المثل هو الكلام بفلوس؟.. ياعم قول يا باسط!