ربما تكون الدورة الاوليمبية الحالية في لندن هي دورة المفاجآت فبعد ان احرز علاء الدين أبوالقاسم الميدالية الفضية في مفاجأة غير متوقعة، لم يكن أيضاً أحد يتوقع ان يستطيع كرم جابر تحقيق ميدالية أوليمبية جديدة خلال مشاركته في دورة الألعاب الأوليمبية لندن 2012 من جديد بعد ان أحر ذهبية اثينا في 2004 وذلك رغم ان كرم كان ضمن الترشيحات للاعبين الذين يستطيعون احراز ميدالية، وربما جاءت تلك الفكرة نتيجة عدم خوض كرم لفترة إعداد قوية وانه كان عائداً من فترة توقف طويلة تشبه الإعتزال.. لذلك اصررنا علي محاورة كرم جابر من أجل التعرف منه شخصياً عن كيف حقق تلك المفاجأة وذلك قبل ان يصل الي غرفة نومه بالقرية الاوليمبية، ورغم حالة التعب الشديدة التي بدت عليه نظراً لانه لم ينم من العاشرة صباحاً وحتي الثانية عشر مساء موعد اجراء هذا الحوار ، بالاضافة الي عدم تناوله اي طعام طوال تلك الفترة وقيام د. مجدي الصباغ طبيب الفريق بإعطائه حقنه مسكنة للالام التي شعر بها نتيجة اصابته التي لعب بها المباريات الثلاث إلا انه وافق علي التحدث ل »الأخبار« .. فكان هذا الحوار: في البداية لمن تهدي تلك الميدالية الفضية؟ اهديها لكل شعب مصر الذي فرح وبكي بجد عندما احرزت تلك الميدالية الذي يتمني كل لحظة نجاح وسعادة ليعيشها وتخرجه من أصعب احزانه، للشعب الغلبان الذي يسعي دائماً وراء لقمة العيش الحلال. وأهديها ايضا لأسرتي الصغيرة المكونة من زوجتي وبناتي الصغار مليكة وليله، وانتهز تلك الفرصة لكي أشكر شقيقي الاكبر عادل الذي كان معي في كل لحظة وساعدني كثيراً في تحقيق هذا الانجاز لانه بصراحة من الأشخاص الذين لا يقدرون بأموال، خاصة ان مجهوده معي كان من القلب، وأهدي هذا الفوز ايضاً للكابتن حسن الحداد الذي أعتبره السبب الرئيسي في عودتي من جديد للتدريب علي بساط المصارعة. وقبل كل هؤلاء أهدي تلك الميدالية لكل مصري ضحي بنفسه وفداها بحياته ، واتمني ان تخرج تلك الميدالية جميع المصريين من حالة الحزن والمأساة التي يعيشونها الأن حداداً علي أرواح شهداء القوات المسلحة علي الحدود المصرية، فالأزمة تحزننا جميعاً لأن المصريين أقل شيئ يحزنهم وأقل شيئ أيضاً يفرحهم. لا أريد استقبالا ومتي ستعود للقاهرة.. وهل تنتظر استقبالا شعبيا في المطار؟ كان من المفترض ان أعود للقاهرة في 10 أغسطس، لكنني سوف اسافر الي اليونان من أجل انهاء بعض الارتباطات الخاصة بي هناك، وسوف أعود بعدها.. لكن في الحقيقة انا أرفض الاستقبال الجماهيري لي في المطار لأن تلك المرة تختلف عن العودة من دورة اثينا فنحن الآن في ثورة ولا أحد يضمن المندسين داخل هذا الاحتفال الشعبي، لذلك يجب علي المسئولين تنظيم احتفال شيك محدد الموعد والمكان مسبقاً، لان هذا ايضا يعتبر نوعا من أنواع التقدم. مشاكل اللعبة ما هو سبب ابتعادك عن المصارعة في الفترة الأخيرة؟ لعبة المصارعة كانت في أسوأ حالاتها بسبب سوء مجلس الإدارة ومشاكله بما يجعل أي مصارع يعتزل بدلاً من الدخول في مشاكل في ظل إهمال كبير من المسئولين عن الرياضة، كما ان البيزنس الخاص بي كان قد أبعدني لفترة طويلة عن اللعبة؟ عزيمة وارادة وهل كل ذلك لم يدفعك للإعتزال نهائياً وعدم العودة مجدداً للمصارعة؟ نعم فكرت في ذلك لكن المقربين مني نصحوني باستكمال المشوار لتحقيق انجاز جديد، والحمد لله استجبت للنصيحة وساعدني علي ذلك انني لا أتأثر بالمواقف السلبية من حولي علاوة علي انني املك عزيمة وقوة إرادة تجعلني أعود بطريقة سريعة للتألق من جديد، وقد وضعت أمام عيني هدفا واحدا وهو أن أكون أول لاعب في تاريخ الرياضة المصرية الذي يستطيع ان يحرز ميداليتين أوليمبيتين، والحمد لله تحقق لي هذا الحلم. وكيف كانت عودتك للعبة بهذة السرعة؟ قمت في الفترة الأخير بتكثيف برنامجي التدريبي من خلال الإشتراك في معسكرات خارجية وبطولات رسمية، من أجل العودة لمستواي بشكل كامل وتطلب مني ذلك مجهودا كبيرا نظراً لقيامي ببرنامج تخسيسي دقيق حيث فقدت ما يقرب من 12 كيلو جراماً من وزني خلال تلك الفترة وهي أصعب مرحلة علي اي مصارع أو رياضي لأن هذا الرجيم الخاص يعد أصعب شيئ يمكن أن يحدث ويعتبر ضد جميع الأعراف، لأنه يعرض اللاعب لإرهاق شديد، خاصة انني شاركت منذ فترة عودتي القصيرة في شهر نوفمبر 2011 وحتي الأن في 8 بطولات دولية ولعبت منهم 3 بطولات في الميزان القديم وزن 96 وخمسة فقط في الوزن الجديد 84 كانت بدايتها في دورة الألعاب العربية بقطر. ميزان 69 انتهي وهل يعني ذلك ان بوجي حرمك من اللعب في الميزان الخاص بك؟ لا أحب ان اخوض في هذا الأمر خاصة انني اقتنع بأن المصارع الاوليمبي ليس له ميزان، لانه من المفترض ان يلعب في اي وزن، وان البطل هو الذي يحدد الميزان الذي سيلعب عليه وليس العكس لكنها في النهاية تختلف من شخص لآخر، وان كل تركيزي كان يصب فقط في كيفية الفوز بميدالية أوليمبية وتحقيق انجاز جديد لنفسي، ولو ركزت في أي شيئ آخر ما كنت استطيع حتي الفوز ببطولة جمهورية، كما انني اري انه كان من الممكن ان اتمسك بميزان 96 واتعرض للضرب خارج مصر، لذلك فانني قررت اللعب في وزن 84 لانني عادة أحب التغيير وشعرت بأن ميزان 96 انتهي معي تماماً منذ فترة، وان اختياري لوزن 84 جاء لشعوري بأن هذا الميزان يحتاج مجهودا ذهنيا أكبر وتفكيرا عميقا خلال اللعب وحركات سريعة وخفيفة مما جعلني افضل اللعب فيه خلال تلك الدورة. ظلم التحكيم شاهدناك وانت تبكي خلال الوقوف علي منصة التتويج فلماذا كانت تلك الدموع؟ نعم بكيت وبكائي كان لشعوري بأنني كنت استحق الحصول علي الميدالية الذهبية وعدم خسارتي للمباراة النهائية امام بطل روسيا لكنني تعرضت لظلم تحكيمي شديد خلال المباراة واعتقد ان السبب في ذلك هو ان رئيس الاتحاد الدولي للمصارعة روسي الجنسية، لكن في النهاية نجحت في احراز الميدالية الأوليمبية. ما هو حجم الفارق بالنسبة لك بين الميدالية الذهبية والفضية؟ الاختلاف كبير جداً لكنني أري ان حصولي علي الميدالية الفضية جاء بنفس مقدار الجهد الذي بذلته خاصة ان الفترة التي تدربت فيها كانت قصيرة جداً وتخللتها الكثير من المشاكل والاصابات، وانني أري ان الله سبحانه وتعالي يسبب الأسباب وانه من المحتمل ان يكون بطل روسيا الذي فاز بالميدالية الذهبية بذل مجهود أكبر مني بكثير من أجل تحقيق تلك الميدالية، لذلك ربنا أكرمه بالحصول علي الذهبية. لعبت وأنا مصاب لاحظنا وجود لزقة طبية علي كتفك خلال المباريات فما سببها؟ نعم فقد لعبت وانا مصاب بمزق شديد في أوتار عضلات الكتف، وكنت قد خضت برنامجا علاجيا مكثفا تحت اشراف الدكتور مجدي الصباغ الذي بذل معي جهدا كبيرا من أجل الا أشعر بأي آلام خلال مشاركتي في الدورة الاوليمبية خاصة ان رغبتي في العودة السريعة من خلال التدريبات المكثفة كانت تحرمني من اكتمال الشفاء وكنت أشعر بالآلم عندما يضع اي شخص يديه علي الاصابة، فقام د.مجدي بتربيط كتفي بطريقة محكمة وأعطاني بعض المسكنات من أجل ان استطيع ان اشارك في المباريات. وهل فعلا حاول المصارعون الذين لعبت معهم التركيز علي كتفك المصاب؟ لا لكن أغلب المصارعين يعرفون طريقة لعبي جيداً وكانوا يسعون للإمساك بي من خلال تلك الطريقة التي صادف ان تكون تلك الحركات في الكتف المصاب الموضوع عليه اللزقة الطبية فتخيل ذلك للجميع، وان السبب في هذا الامر هي عملية تغيير قوانين المصارعة بشكل كبير خلال الفترة الاخيرة وان تلك التغييرات لا تعطي للمصارع حرية ابداع في اللعب وانما تشجع علي اللعب السلبي ليحقق الفوز في المباراة مثلما حدث في النهائي. من سييء لأسوأ وكيف تري المصارعة المصرية في الفترة الحالية؟ المصارعة من سيئ لأسوأ ولم ولن تخرج أبطالا جددا بتلك الطريقة وأرجو ان نكون قد تعلمنا الدرس هذه المرة بألا نهمل الأبطال بتلك الطريقة وان نحافظ عليهم بشكل جيد خاصة ان أعداء النجاح أكثر بكثير من الذين يفرحون للبطل بعد تحقيقه لأي انجاز وان الاعلام بشكل عام يتسبب في ذلك بشكل خطأ، عندما يحاول فقط التركيز علي سلبيات الأبطال وإظهارها بشكل أكبر من التركيز علي انجازهم وتشجعيهم علي تحقيق المزيد. احياء المصارعة المصرية وهل لديك حل لتلك الأزمة؟ أريد احياء لعبة المصارعة من جديد في مصر والتي ساءت بسبب الصراعات الإدارية التي يفتعلها الأشخاص من أجل الإستمرار في مناصبهم والبحث عن الاصوات الانتخابية بدلاً من الاهتمام بتوسيع قاعدة الممارسة في اللعبة، واتمني ان أقوم بإنشاء أكاديمية لتجميع أكبر عدد من المصارعين وان يكون لدي مصر أربع فرق مصارعة مثل باقي الدول الكبري التي تألقت في اللعبة مؤخراً وبشكل كبير جداً أمثال روسيا وتركيا وبلغاريا، ويجب ان يعلم المسئولون ان مصر احرزت الميدالية الفضية دون اي مصاريف مثلما صرفت تلك الدول ولم تحقق شيئا. وهل تري ان تعيين العامري فاروق وزيراً للرياضة سوف يحل مشاكل الرياضيين؟ علي العكس تماماً فانا أقتنع تماما بالآية القرآنية الكريمة التي تقول "ان الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم".. وانه لابد من ان تتغير سلوك الأشخاص العاملين في مجال الرياضة بالكامل قبل ان نقوم بتغيير وزير أو وضع مناصب جديدة. لن اعتزل وماذا عن المستقبل، هل ستفكر في الاعتزال أم المشاركة في الاولمبياد القادمة؟ علي العكس تماماً فقد شجعني حصولي علي الميدالية علي الاستمرار في اللعبة ، واتمني ان احرز ميدالية جديدة في أوليمبياد البرازيل القادمة 2016 وسوف أبدأ التخطيط لها من الأن وانشاء الله سوف احقق ميدالية لو تم وضعي في ظروف جيدة خاصة ان لدي رغبة في تحقيق اكثر من ميدالية لمصر لكي أكون مثل اسطورة السباحة الامريكية مايكل فيليبس الذي استطاع الفوز بأكثر من 20 ميدالية اوليمبية لبلاده ، لكنني حتي الأن لا اعلم هل ستعاد مأساة المصارعة من جديد ونطلب البدء في الاعداد للأوليمبياد مبكراً ام ان الدرس قد انتهي وتعلم الجميع.