ملاحظة باتت متكررة، في تفاصيل حياتنا اليومية.. مع كل خطأ، أو تسيب، أو انفلات أعصاب، أو مشاجرة صغيرة، أو احتكاك لا معني له، يخرج علينا من يفسر الأمر : (معلش أصل الثورة منحت الناس الجرأة والاجتراء)، (معلش أصل التسيب والانفلات أصبح سمة عامة)، (معلش أصل من يوم الثورة لا يوجد قانون، ولا توجد سلطة)، (معلش أصل البلد مش مستقرة بسبب الثورة ).. ورغم أن الثورة (أي ثورة) لا تعني إسقاط القيم الي الأبد،ولكن تعني الخروج علي قيم بعينها لتأسيس قيم أخري جديدة،فالثورة (أي ثورة) هي القدرة علي صياغة قيم وثقافة وأخلاق ومعايير جديدة ومختلفة 00لكن الملاحظة اليومية، والكلام الخارج عن كل سياق ينطوي علي حقيقة، هناك بالفعل تغييرا يمكن رصده وملامسته في السلوك العام، وفي الاستجابات، وفي الشخصية، هناك بالفعل اجتراء، وانفلات، وخروج، وتمرد، ولعل الخروج علي السلطة، واسقاطها في لحظة ألهمت العالم كله، كاف في نظر البعض لإعلان الخروج علي كل سلطة مادية أو معنوية، لتكسير المعاني، والألفاظ، والخروج علي سلطة اللغة، وبالفعل ثمة عنف لغوي،وخروج لفظي في مفردات الحياة اليومية، يعتبره الشباب غنيمة انتزعوها انتزاعا، لغة جديدة تتناسب والثورة التعبيرية القائمة.. بلاغة جديدة متناثرة، تمتلك معاول للهدم أكثر من قدرتها علي البناء، وتجسيد ملامح وقيم وأفكار متماسكة (ثمة تدفق للمعلومات، معلومات متناثرة كحبات العقد، لكن دون خيط يجمعها، دون نسق فكري ).. هذا ما يقوله هيكل، وهو وصف دقيق لذلك التيار الجارف، والأفكار المتناثرة والمبعثرة، وذلك الخروج والشطط أحيانا والتشظي، دون ضمانة، ودون قدرة علي صيانة استمرارة.