الغزل والنسيج لا تزال تواجه تحديات خطيرة بسبب الأزمة العالمية التي حدثت عام 8002، ولا تزال تداعياتها مستمرة وممتدة إلي العام القادم علي الأقل.. إنها الأزمة المالية الاقتصادية التي سببت للعالم خسائر بلغت 81 تريليون دولار تشكل نحو 14٪ من اجمالي الناتج العالمي.. القضية استحوذت علي اهتمام لجنة الانتاج الصناعي والطاقة بمجلس الشوري برئاسة محمد فريد خميس التي فتحت الملف كاملا بدءا من زراعة القطن إلي تصنيعه وتسويقه ومواجهة المنافسة الشرسة عالميا والتهريب الذي كبد مصر خسائر بلغت 4 مليارات جنيه! الواقع الجديد بعد الأزمة يكشف ان زراعة القطن المصري المشهود له عالميا بالجودة والنعومة تأثر سلبيا لتنخفض التعاقدات لموسم الأزمة 8002/9002 بدرجة كبيرة إلي 42 ألف طن وهي الأقل منذ عام 59/69.. وبالتالي انخفضت صادرات الملابس 62٪ عام 9002.. وتقلصت مشتريات كبار الماركات العالمية من الملابس الجاهزة من مصر وتحولت إلي الهند وتركيا وبنجلاديش وفيتنام.. وانعكس هذا الوضع علي ارباح الشركات التي زادت خسائرها من 0071 مليون جنيه إلي 9591 مليون جنيه وتسريح 13000 عاملا.. وفي الوقت نفسه دخل القطاع 6266 عاملا اجنبيا يعملون في 782 شركة، بها 491 ألف عامل مصري، وفي مواجهة نقص الخبرات الفنية المصرية المؤهلة للعمل في القطاع هناك 021 ألف فرصة عمل شاغرة، لذلك وافقت وزارة القوي العاملة للشركات علي تجاوز نسبة ال01٪ القانونية حتي لا يتأثر انتاجها، والالتزام بتصدير تعاقداتها وذلك لفترة محدودة، إلي حين تدريب القوي البشرية لسد النقص. والأمر الذي أدي إلي تفاقم هذا الوضع السييء في أهم صناعة مصرية انخفاض الاستهلاك المحلي ليصل إلي 5.4 كيلو، بينما في دول الاتحاد الأوروبي 71 كيلو وأمريكا 02 كيلو.. ومن اسباب التدهور واردات الملابس المستعملة غير الصحية المستوردة، وظهور اقطان اسعارها منخفضة عالميا بنسبة 03٪ خاصة في الصين والهند وباكستان وأمريكا.. وترتب علي زيادة استيراد الاقطان الاجنبية ان تراجعت انتاجية الفدان من 3.9 قنطار في بداية الثمانينيات إلي 7 أو 8 قناطير خلال السنوات القليلة الماضية، بينما انتاجية القطن الأمريكي 21 قنطارا.. وفي الوقت نفسه جاء ارتفاع سعر القطن المصري ليفوق قدرة المغازل التي كانت تستهلك ثلثي الانتاج لينخفض الطلب علي الغزول الرفيعة.. واضطرت مصانع التريكو والاقمشة التي تقوم بالتصدير إلي استيراد غزول أجنبية بسبب تغير نمط استهلاك الاقطان طويلة التيلة التي كانت تنفرد بها مصر وأمريكا، واستبدالها بالاقطان المتوسطة وقصيرة التيلة والالياف الصناعية والبولي استر. ومن اخطر التحديات التي تواجهها مصر لجوء بعض المهربين إلي استيراد منسوجات من آسيا والصين بأسعار متدنية ويكتبون عليها صُنع في مصر وتصديرها إلي الولاياتالمتحدة ليتم خصمها من حصة مصر التصديرية للسوق الأمريكي والأوروبي. القضية جد خطيرة لانها تمس أهم ثاني صناعة في مصر بعد الاغذية.. انها صناعة لها تاريخ، واستثماراتها اليوم تقترب من 05 مليار جنيه وتستوعب 52٪ من الايدي العاملة المصرية.. ومن هنا يتعين علي كل مسئول بدءا من وزارة الزراعة وانتهاء بوزارة الصناعة ووزارة المالية اتخاذ الاجراءات السريعة لاعادة انعاش صناعة الغزل والنسيج من خلال حزمة من الحوافز والإجراءات الرقابية لاغلاق نوافذ التهريب والتخريب للاقتصاد المصري.. وهو ما سنتناوله الاسبوع القادم بإذن الله.