حمدى رزق الملائكة لا يسكنون الأرض ، القضاة لم يتنزلوا من السماء ، القضاة ليسوا ملائكة، ولكنهم يصيبون ويخطئون ، العصمة لا تكون إلا لنبي ، ولم يدع قاض النبوة ، ولا ادعي العصمة ، وخير الخطائين التوابون . ريح صرصر عاتية تكاد تقتلع أوتاد الوطن ، القضاء عمود الخيمة ،والمحكمة الدستورية سنام القضاء العالي ، لم يتبق قائما يصلي في محراب الوطن سوي القضاة ، يحكمون بين الناس بالعدل ، صرح دستوري شامخ ، ليس مبني علي النيل ، مبني ومعني ، قامة وقيمة ، بهاء وتجل . هز هيبة القضاء بمشروع قانون هدف خبيث لو تعلمون ، هدف معلوم مراده ، القضاء صار مستهدفا ، المحكمة الدستورية صارت لوحة نيشان ، إنهم يصوبون أخيرا - وليس بآخر علي المنصة العالية ، يرهبون شيوخها ، يغلون أيديهم عن توقيع صك حل برلمان يسابق نفسه في هدم مؤسسات الدولة ، بعد قانون الأزهر والنيل من الصحافة القومية جاء دور القضاء ، اضرب المربوط يخاف السايب ،اضرب المحكمة الدستورية تخاف اللجنة الرئاسية ، المحكمة الدستورية تعاقب بفعل اللجنة الرئاسية ، أليس فيها قاضي قضاة المحكمة الدستورية ، شيخها ورئيسها ؟ المحكمة الدستورية ليست مربوطة علي اسم ، بها قضاة ، شيوخ محترمون لا يخشون في الحق لومة لائم ، لايخشون حزب الحرية والعدالة ، حزب لا يرعي العدالة في اسمه ، ولا وصيفه حزب النور الذي يريد إظلامها بهذا القانون المظلم ليست مصادفة أن يتم استهداف القضاء في اسم المحكمة الدستورية العليا في توقيت هو مسألة حياة أو موت ، أن يتم اغتيال القضاء علي مفرق الوطن ، أن تهز هيبة القضاء قبل إلقاء أول ورقة في أول صندوق انتخابي رئاسي ، استباق الخريف البرلماني ( حل البرلمان ) بإسقاط الدستورية العليا لا يخفي علي أحد ، الافتئات علي المحكمة الدستورية العليا بمشروع حزب النور قطعا وحتما ولازم ولابد ألا يري النور ، التشكيك في نزاهة الدستورية هو كبيرة إلا علي الظالمين لوطنهم . القضاء حياة ، ولكم في القصاص حياة ، وعصب الوطن قضاء ، وعصب العصب المحكمة الدستورية العليا ، وفي أعتي عهود الظلم والاستبداد كان القضاء حكما ونصيرا ، ورغم صنوف العنت والتضاغط السياسي والحزبي والديني كانت المنصة عالية ، محل اعتبار وتقدير ، كان هناك حرص بيننا علي تنزيه القضاء ، علي جبل القضاء علي استكمال رسالته وتأدية أمانته ، إنا عرضنا الأمانة ، الإشراف القضائي أمانة. القضاء حصن ، ما رماه رام وراح سليما ،عناية الله جندي ، كم بغت دولة علي القضاء وجارت ثم زالت وتلك عقبي التعدي، ، كم بغي علي القضاء حكام ، كم نكل بالقضاء مستبدون ، كم دقت علي رأس القضاء طبول ، كان القضاة دوما صابرين محتسبين محتملين ، ولسان حالهم "إنني حرة كسرت قيودي رغم أنف العداء. القضاء ثورة ، قبل اكتمال قمر التحرير بدرا ، كان القضاة علي الدرب سائرين ، ثائرين ، كان مشهدا مهيبا ، قضاة مصر ينزلون الشارع تزينهم أرواب العدالة السوداء بأوشحتها الخضراء .. يتصدرون المشهد السياسي ، لامهم وقتئذ من لام ، وخشي عليهم وقتئذ من خشي ، ولكنهم كانوا صداحين بالحق ، كانوا سباقين بالثورة ، قصب السبق ، لم تكن مطالبهم فئوية ، كانت استقلالية ، استقلال القضاء من استقلال الشعوب. القضاة غاضبون ،قضاة المحكمة الدستورية غاضبون ، وغضبهم نبيل ، يخشون علي العدالة من جور البرلمان ، العدالة معصوبة العينين عند الحكم ، ولكنها تري ما يكيدون ، المحاكم تضرب في أطنابها الفوضي ، المنصة صارت مستباحة ، والمتهمون صاروا أسري غضب ، سيرة القضاة صارت علكة " لبانة " في الأفواه الفضائية ، معلوم القاضي لا يمدح أو يذم ، القاضي الآن يذم بملء الفم ، ويتهم في عدالته ، وتشكك في أحكامه ، بحسن نية وبعمدية ، وظلم ذوي القربي أشد مضاضة علي المرء من وقع الحسام المهند ، من بين الصفوف محسوبون علي القضاة يقطعونه بحد السيف. لا يكفي تأمين المحاكم بألف جندي مما تعدون ، تأمين المنصة العالية من المتقافزين ، تحصين القضاة من الاستباحة التي يمعن فيها البعض ، إبعاد القضاة عن الجدل الدائر حول مستقبل الوطن فرض عين ، القضاء كالنهر يغسل نفسه ، يغسل أحزانه ، ينظف أدرانه ، في سلك القضاة شوامخ لا تقبل الدنية في قضائنا ، التفتيش القضائي لا يحتاج إلي مطهرات تزيل البقع أو تذيب العوالق ، العدالة لابد أن تأخذ مجراها الطبيعي بلا عوائق ولا جنادل ولا شلالات . ما ينتظر القضاء كثير ، ملفات فساد صارت جبالا ، ومحكومون ينتظرون عدلا ، وشعب ينتظر القصاص ، وعالم من حولنا يرقب أحكامنا وينتظر عدالتنا ، وكما كانت الثورة ملهمة ينتظر منا عدالة ناجزة ، العدل ضد الظلم، العدل مناعة نفسية، تردع صاحبها عن الظلم، وتحفّزه علي العدل، وأداء الحقوق والواجبات، وهو سيد الفضائل، ورمز المفاخر، وقوام المجتمع المتحضر، وسبيل السعادة والسلام. الثورة علي الظلم تعني العدل ، والله عدل ، والعدل بين يدي هؤلاء ، لا ترعشوا أيديهم ولا تفتشوا في ضمائرهم ، سدنة العدالة يحتاجون إلي سند من الشارع قبل الشارع ، الأولي الشارع المصري ، والثانية المشرع المصري، المشرع المصري متسرعا في سلق القوانين ، في فرض إرادة الأغلبية علي المحكمة الدستورية ، في كسر إرادة المحكمة الدستورية ، في هز هيبة المحكمة المانعة لسلق القوانين ، العاملة عليها ، سدنة الدستور وحماته ودهاقنته يناوشهم من لايدرون من أمرهم شيئا ،أعمي يقود بصيرا لا أبا لكما قد ضل من كانت العميان تهديه . ما ينتظر القضاء كثير ، انتخابات رئاسية ، انتخابات تحت الإشراف القضائي الكامل ، القاضي علي الصندوق ، ليس من مصلحة البلاد والعباد إضعاف القضاء ، ليس من المصلحة الوطنية هز هيبة القضاء ، الامتحانات الانتخابية عسيرة .. عسيرة.. وتحتاج إلي قضاء شامخ إلي همم عالية ، إلي إحساس عارم بالثقة ، لابد أن ينال القضاء الثقة الكاملة ثقة الثوار ، ثقة الشارع ، ثقة المتنافسين ، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.