سىد حجازى أعرف أن هذه السطور سوف تسبب صدمة للقارئ فقد تسببت لي وأنا أعتزم كتابتها بصدمة عنيفة ولكنها ضريبة الغوص في أعماق التاريخ ومحاولة استنباط الدروس اللازمة المفيدة لمسيرة الوطن في المرحلة القادمة. وهي سطورأرجو أن تكون محل اهتمام الرئيس القادم عله يستفيد منها أو علي الاقل يحاول.. بداية هذه السطور تقول ان القراءة العاجلة والسريعة لتاريخ مصر تواجهنا بحقيقة مرة ففيما عدا العصر الفرعوني فإن جميع الحكام العظام الذين تولوا الأمور في مصر لم يكونوا مصريين.. بعد العصر اليوناني والعصر الروماني اللذين شهدا الاسكندر الاكبر ويوليوس قيصر جاء الفتح الاسلامي وتولي الأمور في مصر حكام عظام بدأوا بالفاتح عمرو بن العاص ثم سلسلة من الصحابة الابطال ثم عبد العزيز بن مروان الذي انشأ مدينة حلوان وهي المدينة التي كانت صحية والتي ولد فيها الخليفة الاسلامي شديد الروعة عمر بن عبدالعزيز.. وتوالي علي حكم مصر طوال الدول الاسلامية المتتابعة حكام كانوا نجوما زاهرة ليس في تاريخ مصر وإنما في تاريخ مصر الاسلامية كلها.. حكمها السلطان قنصوه الغوري الذي جعل بأسطوله الضخم من البحر الاحمر بحيرة مصرية وحكمها العظيم صلاح الدين الايوبي الذي حفر اسمه بأحرف من نور في تاريخ العروبة بل في تاريخ العالم وحكمها بالمشاركة قطز قاهر التتار الذي أوقف زحفهم في معركة بالشام بعد ان اكتسحوا بكل الهمجية والوحشية كل شرق الكرة الارضية وبعد ان سحقوا بغداد سحقا شرسا وهددوا مصر ووراءها المغرب العربي كله وجاءت شجرة الدر المرأة الرائعة التي استطاعت وقد مات زوجها الملك الصالح أن تتولي الأمور وأن تنسق مع البطل المصري الذي تجاهله التاريخ وهو الامير المملوكي فخر الدين لوقف الهجمة الصليبية التي قادها المهووس الديني ملك فرنسا لويس التاسع واستطاع فخر الدين أن يحطم جيشه وأن يستدرجه الي مهالك الدلتا حتي إذا وصل الجيش الي المنصورة تولي شعب هذه المدينة الباسلة الاجهاز عليه وأسر الملك وسجنه بعد ذلك تعرضت مصر لعصر الحكم المملوكي.. بعضهم كانوا من العظام ولكنهم تحولوا في النهاية إلي شبه حكام مستقلين وتقاسم البلاد قرابة الخمسين مملوكا كان لكل منهم جيشه الخاص ويحتكر مساحة شاسعة من الارض حول فلاحيها إلي عبيد وانطلقوا يعيثون في مصر فساداً وأصبحت البلاد ضائعة بين مماليك المرادية وهم المنتسبون لمراد بك والابراهيمية المنتسبون لابراهيم بك وعصفت المجاعات بالشعب المسكين وتعرضت مصر للغزو فأضاف الاتراك العثمانيون الي المصيبة القائمة مصيبة أخري وافدة واصبحت الحرب دائرة بين هؤلاء الصغار وكانت الاسواق تغلق في الاسبوع أكثر من خمس مرات وكان الفلاحون الذين يحملون منتجات الريف الي العاصمة يتعرضون للسرقة أو النهب أو القتل في غالب الاحيان.. احاط اليأس بمصر وبالمصريين وأيقن الكثيرون أن الدولة قد ماتت وأنه لن تقوم لها قائمة.. وجاء العظيم محمد علي باشا. وبدأ مع الحاكم العظيم وهو مجرد جندي لم يكن ضابطا ولا لواء ولا فريقا وانما جندي بسيط جاء الي مصر ضمن القوات العثمانية.. هذا الجندي كان هو واسرته يتاجرون في الدخان وكان أمياً لا يقرأ ولا يكتب.. ولجأ اليه علماء مصر وكانوا في ذلك الوقت اصحاب صوت مسموع وكلمة نافذة.. وأجبروه علي ان يتولي زمام الأمور وأن يحاول تخليص مصر من الفوضي التي تعصف بها وأن يجد حلا للمأساة الكبري التي تحتوي البلاد من اقصي الشمال الي اقصي الجنوب وقبل محمد علي علي مضض وتولي الامور وبدأت في مصر قصة عظيمة لحاكم عظيم لم ينصفه التاريخ حتي الآن ولم يوفه حقه رغم ان مصر الآن مازالت وحتي هذه الساعة تعيش علي إنجازاته وتحيا علي ما قدمه لها وهو كثير وللحديث بقية. ولله الأمر