جلال عارف لم يعد المرء قادراً علي تحمل كل هذا القدر من الكذب. كأننا في مهرجان للكذب السياسي يتسابقون فيه علي خداع الناس، ويحاولون جاهدين القضاء علي ما تبقي من روح الثورة.. إن كان قد تبقي شيء! زمان.. قال صلاح جاهين: »الدنيا كدب في كدب.. وانتي بصحيح«.. الصحيح في هذا الزمن هو وطن يتمزق، وثورة يتم إجهاضها، وشعب لم يفقد إيمانه ان الثورة في النهاية لابد أن تنتصر. وسط مهرجان »الكذب السياسي« لا ينتبه أحد لأخبار »تافهة!« مثل هذا الخبر الذي تاه وسط البحث في جنسية أم هذا المرشح، أو رد الاعتبار لهذا المرشح. الخبر عن عصابة لزواج القاصرات من العرب تمارس اعمالها منذ سنوات لتزويج الفتيات الصغيرات زواجا عرفيا لأيام مقابل مبالغ مالية كبيرة. والتفاصيل مخزية وعندما تقول فتاة في السابعة عشرة انها تزوجت بهذه الطريقة 82 مرة فأنت أمام دعارة حقيقية سببها الأساسي هو الفقر والجهل في مجتمع لا يعرف كيف تحترم كرامة الإنسان. الظاهرة هي نتاج طبيعي لنظام انتهك كل شيء في مصر، في زمن آخر كانت مواردنا المالية أقل، ولكننا كنا نتقاسم اللقمة ونبني الوطن، كان من المستحيل أن تعثر علي شغالة للمساعدة في أعمال المنزل في ظل الفتيات في المدارس والمصانع، وكل فلاح أو عامل يحلم بأن تكون ابنته مهندسة أو طبيبة.. والطريق مفتوح أمامها لتحقيق حلمها. كانت الدولة تطبق الإسلام الحقيقي.. تنحاز للفقراء حتي تأخذ حقهم، وتنحاز للعلم والتقدم حتي تقيم دولة الحداثة. تم الانقلاب علي هذا كله.. دفع الفقراء الثمن، ودفعته أيضا المرأة، وكان ما كان حتي قامت الثورة التي تم اختطافها، لتستمر الأمور علي ما هي عليه، بل ربما أصبحنا مهددين بما هو أسوأ.. الرأسمالية الطفيلية التي نهبت مصر يعاد إنتاجها بثوب جديد، والأغلبية الجديدة تلتزم لأمريكا باستمرار السياسات الاقتصادية، وحقوق العمال والفلاحين »أو ما تبقي منها« معرض للخطر، أما المرأة فقد تحولت إلي عورة لا ولاية لها ولا حقوق، ومع ذلك فهناك والحق يقال عدة مشروعات قوانين مطروحة أمام البرلمان تهتم بقضايا المرأة.. بدءا من إلغاء حق الخلع، إلي تخفيض سن زواج الفتيات إلي تسع سنوات »وفي قول آخر سبع سنوات!« وهو ما يؤدي بالطبع إلي تصحيح الأوضاع.. أقصد تصحيح أوضاع عصابات الاتجار بتزويج القاصرات، حيث لن تكون هناك »قاصرات« من الأصل! بين الكذب والدعارة.. لن نبكي الثورة الحقيقة بل ننتظرها.