أحسست بالضيق، رغم أن مقال الكاتب الصحفي عبد الباري عطوان، رئيس تحرير جريدة القدس العربي (تصدر من لندن) متعاطف، أو يريد أن يتعاطف، لكن عنوان مقالة (صلوا من أجل مصر) المنشور أول أمس ضايقني بالفعل، أحيانا يكون التعاطف جارحاً حين نبالغ في تصويره.. ياهول ما نحن فيه، هل نحن بالفعل علي هذه الدرجة من الضعف والهوان ؟هل نلفظ أنفاسنا الأخيرة ؟ حالة مصر الآن، هل تستحق الشفقة، ونداءات التعاطف؟ ام للصورة وجه آخر، يستحق الوعي به، والوقوف الي جانبه، لا البكاء عليه.. كل عمليات البناء، تستلزم بالضرورة عمليات الهدم والتكسير، بكل ما يصاحبها من ضجيج، وأصوات عالية وفوضي، وارتباك، عمليات البناء تفرض تقليب الارض تماما، حرثها، وتنظيفها حتي يمكن البدء في زراعتها، وحتي يمكن تشييد البناء طابقا بعد الآخر. نعم مصر في حالة من الضعف الجسدي، يستحق المساندة والوقوف الي جانبها، لاستعادة صلابتها، لكنها أيضا في أوج قوتها، وأوج حريتها، وإرادتها، إنها اللحظة الأكثر حيوية في التاريخ المصري، لحظة ليست للحكام، ولا للسادة ،ولا المسئولين، هي اللحظة التي اختار المصريون فيها أن يكونوا أنفسهم، يعيدوا تشكيل حياتهم وفقا لقناعاتهم واختياراتهم، صورة أجمل (لأنها أقرب، وأكثر صدقا).. ضايقني عنوان مقال عبد الباري عطوان، لسبب واضح وبسيط، أن مصر لا تحتاج الي الشفقة، ولكن تحتاج الي الوعي بلحظتها التاريخية الحية والحيوية.