اهتمت الصحافة العالمية اهتماما كبيرا بالتفوق الواضح للاقتصاد الصيني خلال الاعوام القليلة الماضية وخاصة النمو الواضح والمستمر في ظل ظروف الازمة الاقتصادية العالمية الذي وصل إلي 10٪ وهو الاعلي عالميا والذي فاق جميع الاقتصاديات الكبري - في حين لم تأخذ دولة نامية مثل الهند حقها اعلاميا خاصة في مصر والعالم العربي - رغم ان خبراء البنك الدولي اكدوا في تقرير نشر اخيرا بان الاقتصاد الهندي سيواصل نموه الذي بلغ العام الماضي 9٪ وانه سيتجاوز الاقتصاد الصيني عام 0102 لأول مرة.. حيث حافظ الاقتصاد الهندي العام الماضي 2.1 تريلون دولار كما انه الاقل تضررا عالميا عن الاقتصاد الصيني. كل هذا جال بخاطري وانا اشاهد فيلما هنديا رائعا انتجته شركة فوكس الامريكية لتنافس به الانتاج السينمائي العالمي اسمه »اسمي خان ولست ارهابيا« يهدف إلي تحديث صورة الاسلام بالولايات المتحدةالامريكية والغرب بتقنيات عالمية وفكر واداء ورؤية ثاقبة لايقل عن اداء عظماء السينما الامريكية الحديثة.. كما ان فيلم »المليونير الشعبي« الهند ايضا قد حاز علي 8 جوائز أوسكار العام الماضي في تحد خطير للسينما الهوليودية والعالمية.. وها هو الفيلم الجديد يحدث ضجة فنية واعلامية لاتقل عن نجاح فيلم المليونير العام الماضي. كما أعلن أن مدينة بانجالور الهندية والتي تلقب باسم وادي سيلكون الهند اصبحت مركزا عالميا مهما للابتكار ومركزا لشركات عالمية مثل جنرال اليكتريك ومايكروسوفت وانتل وجوجل وأي بي ام، وان نهضة مراكز البحث والتطوير في الشركات متعددة الجنسيات في الهند والصين هي التي تحدث تغييرا عميقا في الابتكارات عالميا مما دفع البروفسير فيجاي جوفيند راجان المستشار الاعلي للابتكارات في جنرال اليكتريك الي ان يقول اننا علي بداية طريق لنموذج جديد سوف تحدث فيه الابتكارات اولا في الهند ثم تذهب بعد ذلك الي البلدان الغنية!! والدليل علي ذلك ما قدمه مكتب جوجل في بانجالور من تطوير لمنتجات هائلة للسوق العالمية مثل برامج التمويل وصنع خرائط للشركات وبرامج ارسال النصوص النصية عبر الهواتف المحمولة وتقنيات ترجمة الحروف الهندية علي اجهزة الكمبيوتر وكذلك اللغة العربية. وهكذا تسعي الشركات العالمية للعمل والانتاج والتطوير من الهند لشتي ارجاء العالم لتشجيع مزيد من الابتكار - ليس مجرد رفاهية وانما بخطط موضوعة طويلة الاجل للاستيلاء علي الاسواق العالمية بمنتجات عالية الابتكار وتكلفة اقل لانخفاض اسعار الايدي العاملة الهندية و جودة لاتقل عن الجودة الامريكية لانها في النهاية شركات امريكية ومتعددة الجنسيات.. والمثال علي ذلك هو مجموعة »تاتا« التي اطلقت في العام الماضي سيارة نانو والتي تعتبر ارخص سيارة في العالم بسعر مبدئي يبلغ مائة روبية اي ما يعادل حوالي 0022 دولار!! والأكثر من هذا انه في مركز جون اف ويلش للابحاث والتطوير بالهند الذي تبلغ مساحته مليون قدم - ويتبع شركة جنرال اليكتريك - ينتج الآن محركات للسيارات تعمل بالميثانول المستخرج من الاعشاب الخضراء والذي ينمو بجوار خطوط السكك الحديدية في الهند بشكل متفوق علي نظائرها بالدول العالمية وتبلغ تكلفتها اقل عشرات المرات من التي تنتج بالغرب.. وكفي ان نعلم انه يوجد في الهند نحو مائتي مركز بحث وتطوير تملكها مؤسسات وشركات متعددة الجنسيات منذ اوائل عام 7002. والسؤال الذي يطرح نفسه اين نحن الآن من هذا التغيير الكبير والمفزع الذي يحدث في العالم والنمو القوي لاقتصاديات دول كانت تعتبر الي فترة قريبة دول فقيرة معدمة تمثل سخرية العالم من فقرها وتخلفها؟ تحدث الآن تغيرا حقيقيا للتكنولوجيا والانتاج والثقافة ايضا في العالم. فإذا كانت الابتكارات الحديثة التي تراها وتستخدمها الآن علي حاسبك الآلي أو الهاتف المحمول الذي تحمله في يديك قادمة من الهند.. فإن أيضاً السينما العالمية تتجه بقوة الآن الي الهند والثقافة الهندية مع تطويرها بلمسات وتقنيات امريكية وعالمية.. فإذا كنا لانزال امامنا طريق طويل لنحقق فيه ما حققته الصناعة والتكنولوجيا والثقافة الهندية عالميا واسيويا تهدد به الاقتصاديات والثقافات العالمية.. وكفي وجود 002 مركز متطور للابحاث تستقر وتعمل في الهند من اجل العالم باكمله. كاتب المقال : عضو جماعة الإدارة العليا بمصر