أحد أصدقائي الزملكاوية قال بعد مباراة الأهلي والإسماعيلي الأفريقية، إنه قد سعد بهدف الأهلي في مرمي الإسماعيلي في الوقت بدل الضائع، لأنه لو لم يحرز وائل جمعة الهدف القاتل برأسه ليرجح كفة الأهلي، لكانت حظوظ الناديين المصريين ضعيفة في مواصلة المنافسة علي البطولة الأفريقية. الكلام الذي جاء علي لسان صديقي الزملكاوي هو كلام موضوعي، غلب فيه صديقي المشجع الأبيض المصلحة العامة علي التعصب الأعمي.. الطريف أن الرجل الذي استخدم هذا المنطق الموضوعي، دخل بعد هذا الكلام في جدل وحوارات انفعالية، حول مدي صحة هدف وائل الذي اعتبره كثيرون أبرز أخطاء الحكم كوليبالي، ولو كان الهدف قد جاء بالعكس في مرمي الأهلي من قبل الاسماعيلي لما كانت هذه الضجة، ولتعاملوا مع خطأ الحكم علي أنه أمر عادي في كرة القدم! تعالوا نتكلم بصراحة: هل خلت مباراة علي مستوي العالم من أخطاء الحكام؟.. وهانروح بعيد ليه.. في كأس العالم الأخيرة بجنوب أفريقيا تسببت أخطاء الحكام في الإطاحة بكثير من الفرق التي كانت مرشحة للنهائيات، ورغم هذا فإن اللاعبين والأجهزة الفنية ارتضوا قرارات الحكام، ولم يتعاملوا معها بهمجية كما نري في ملاعبنا، لأنهم علي يقين أن الحكم لا يتعمد الخطأ ويلتمسون له العذر، فهو يصدر قراره في جزء من الثانية من خلال عين بشرية واحدة، لا من خلال عشرات الكاميرات الموزعة علي أرجاء الملعب في زوايا وارتفاعات مختلفة. تعالوا نتخيل معاً رابع المستحيلات، وهو أن نشاهد مباراة مثالية بلا أخطاء.. كل شيء فيها تمام حسب ما يقوله الكتاب، ثم تعالوا نتخيل حواراتنا ومناقشاتنا بعد المباراة، سنجدها لا تستغرق إلا وقتاً قصيراً، لاننا سوف لا نجد ما نتناقش حوله، وسينطق الكل بلسان واحد: »المباراة كانت زي الفل وكل شيء تمام« تعالوا أيضاً نتابع ما يقوله السادة المحللون في ستوديوهات التحليل، سنجد كلاماً مملاً ومكرراً ورتيباً بسبب عدم وجود أخطاء في المباراة. ياسادة.. متعة كرة القدم في أخطائها، وإن من يفهم فيها يثق تمام الثقة أن الحكم لا يتعمد الخطأ لأنه يصدر قراره في جزء من الثانية.. الغريب أنك عندما تشاهد الحكام القدامي يقيّمون زملاءهم في استوديوهات التحليل في قنوات »السبوبة« تجدهم »يشرّحون« زملاءهم ويحكمون عليهم وهم جلوس في قاعات مكيفة، من خلال عيون وزوايا الكاميرا، يعني من خلال مائة عين، وليس عيناً واحدة كالتي يحكم من خلالها الحكم في الملعب.. ولو أن الأيام دارت وعاد الزمن بأمثال هؤلاء إلي الوراء، وكانوا هم حكام الملعب الذين يتعرضون للانتقاد من خلال عيون لا تتوافر لحكم الملعب، لرفضوا بشدة هذا الأسلوب غير المنطقي في الحكم، بل إن المحترم منهم كان سيتخذ قرار الاعتزال، ما دامت التكنولوجيا قد تدخلت في الحكم علي كرة القدم البشرية التي هي ليست كرة قدم »البلاي ستيشن« الألكترونية! مع بداية الموسم الجديد الذي أتوقع أنه سيكون أكثر سخونة وحلاوة ومتعة وقوة عن أية مواسم سابقة، أتمني أن نحاول الاستمتاع بلعبتنا اللذيذة، ونتعامل مع أخطاء الحكام علي أنها جزء من المتعة حتي يزداد الدوري المصري إثارة وتشويقاً، وتظل صورة مصر محترمة ومتحضرة في عين كل من يتابع البطولة في أي مكان في العالم.