بالرغم مما هو معروف عن استهانة الإسرائيليين شعبا وحكومة بالأمريكيين وإداراتهم حيث يعتبرونها فقط البقرة الحلوب التي يجب ان تكون جاهزة لكي تقدم لهم في كل وقت ما يريدونه من أسلحة وأموال ويستخدمونها في الضغط والتخويف والتهديد علي الدول الاخري. الا انه تظهر بين الحين والآخر بعض التصريحات الإسرائيلية التي توضح إلي أي مدي تصل فيه هذه الاستهانة الاسرائيلية. لذلك يمكن القول ان البيت الأبيض الأمريكي رفع الراية البيضاء أمام إسرائيل، وللانصاف للإدارة الحالية فإن ذلك حدث مع كل الإدارات الأمريكية وليس الآن فقط. ما السبب في هذه المقدمة فالأمر واضح للجميع منذ عقود؟ السبب هو ما عرضته القناة العاشرة في التليفزيون الإسرائيلي لشريط فيديو يتضمن حديثا بالعبرية لنتنياهو عام 1002 ويقال انه تحدث فيه إلي جمع من الإسرائيليين ولم يكن يعلم ان الكاميرات تصوره وتسجل حديثه، وهو ما لا اعتقده علي الاطلاق فهو يتباهي دائما بما يقوله. جاء هذا الحديث بعد ان ترك حكومة اريل شارون وبعد توقيع اتفاقيات اوسلو المعروفة بين اسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية. رأيت ان انقل بالضبط ما جاء في هذا الشريط الذي يمكن اهداؤه إلي الشعب الأمريكي وليس ادارته مع تحيات بيبي نتنياهو. ماذا يقول نتنياهو بالنص: بيبي: العرب حاليا يركزون علي حرب الإرهاب ويظنون ان ذلك سيقصم ظهرنا. المسألة المهمة أولا وقبل كل شيء هو ان نضربهم ليس مرة واحدة ولكن مرات موجعة عدة مرات بما يجعل الثمن كبيرا ولا يمكن لهم تحمله. الثمن الذي يدفعونه الآن ليس كبيرا. يجب شن هجوم كبير علي السلطة الفلسطينية لكي نجعلهم يخافون بأن يخسروا كل شيء. وهنا تصيح سيدة من اللواتي كن يستمعن لنتنياهو قائلة: »انتظر لحظة ولكن العالم سيقول لنا: كيف تقومون بالاحتلال »للأراضي الفلسطينية« مرة أخري«؟ نتنياهو: ولكن العالم لن ينبث بأي شيء وسيقول إننا ندافع عن أنفسنا. السيدة: بيبي الا تخاف من العالم؟ نتنياهو: لا، خاصة اليوم بالنسبة لامريكا. أنا أعرف ما هي أمريكا؟ أمريكا هي شيء يمكن تحريكها بكل سهولة إلي الاتجاه الصحيح بالنسبة لنا. يصيح طفل بين الحاضرين: ولكنهم »الأمريكان« يقولون انهم معنا وهذا يبدو.. نتنياهو: لن يستطيعوا ان يقفوا في طريقنا. لن يقفوا في طريقنا. الطفل: من ناحية اخري، اذا قمت بعمل ما فإنهم.... »أي الأمريكان«. نتنياهو: لنفترض اذن انهم قد يقولون »أي الأمريكان« شيئا، بل قالوه، ولكن 08٪ من الامريكان يؤيدوننا ولذلك من غير المعقول ان يكون لدينا مثل هذا التأييد ونتساءل عما سيفعلونه. انظر ان الإدارة الأمريكية »كلينتون في ذلك الوقت« كانت موالية جدا للفلسطينيين. لم أكن خائفا ان اناور من جانبي هناك، ولم أكن خائفا ان اتعارك مع كلينتون، ولم أكن خائفا ان اتعارك مع الأممالمتحدة. لقد كنت أدفع الثمن »من وجهة نظره« علي اية حال، ولكنني أفضل ان احصل علي ما هو ذو قيمة بالنسبة لنا أي القيمة مقابل الثمن الذي تدفعه »أي الثمن البخس في رأيه«. سيدة من الحاضرين: ان اتفاقيات أوسلو ما هي الا كارثة. نتنياهو: نعم انك تدركين ذلك وانا أعرف ذلك أيضا ولكن علي الشعب »الإسرائيلي« ان يعرف ما هي اتفاقيات أوسلو التي صدق عليها الكنيست. لقد سئلت قبل الانتخابات: كيف أنوي ان أوقف هذا التراجع؟ لقد قلت انني أنوي ان أفسر هذه الاتفاقيات »أي أسلو« بالطريقة التي تلائمني انا وتتيح لي وقف هذا السباق نحو حدود 7691. كيف فعلنا ذلك؟ يقول هنا معلق القناة العاشرة في التليفزيون الإسرائيلي ان اتفاقيات أوسلو تنص علي ان تقوم اسرائيل تدريجيا بإعطاء الفلسطينيين مناطق علي ثلاث مراحل، الا اذا كانت اي منطقة منها توجد بها مستعمرات أو مراكز عسكرية وهذا ما عده نتنياهو الثغرة التي مكنته من عدم الالتزام بالاتفاقيات. نتنياهو: لم يذكر احد ما هو بالظبط موضوع تحديد المراكز العسكرية، ولذلك قلت بدلا من هذا فهي مناطق أمن بالنسبة لنا. وبالنسبة لي فإن غور الاردن مثلا هي منطقة عسكرية لإسرائيل. سيدة: بالتأكيد »ضحكات« سهل بيت شاعان. نتنياهو: كيف أمكن تفسير ذلك؟ هناك سؤال يقول من هو الذي يفسر ويحدد أين هذه المناطق العسكرية. لذلك تلقيت أنا وعرفات في نفس الوقت خطابا يقول ان إسرائيل هي المخولة فقط بتحديد أين تقع هذه المناطق العسكرية وحجمها. في البداية لم يريدوا تسليمنا مثل هذا الخطاب ولذلك لم أقم بتسليم منطقة الخليل وأوقفت اجتماع الحكومة قائلا: انني لن أوقع الا عندما يأتيني هذا الخطاب. وعندما وصلني الخطاب »لم يحدد من أين جاء هذا الخطاب هل من واشنطن أو أوسلو« فإنني وقعت علي الاتفاقية، وبمعني أصح صدقت عليها. ما أهمية ذلك؟ اهميته تكمن في انني فعليا أوقفت هذ الاتفاقية. سيدة: بالرغم من ذلك اعذرني عندما أقول ان واحدا منكم كان يعرف ان هذه الاتفاقيات ما هي إلا احتيال، واننا كنا سنقدم علي الانتحار بسبب ذلك اذ كانت علي سبيل المثال ستعطيهم »أي الفلسطينيين« منطقة الخليل. نتنياهو: بالفعل فإن اعطاء الخليل امر مؤلم. ان احد الحاخامات المشهورين الذين احترمهم جدا قال لي: ماذا كان والدك سيقول في هذا الأمر" لقد ذهبت إلي والدي، وتعرفون موقفه، انه ليس بمثابة الحمامة المسالمة »أي من انصار السلام« وقد ذكر لي: »اذهب وقل لهذا الحاخام ان جدك »أي جد نتنياهو« الحاخام ناثان ميلكوسكي كان يهوديا ماهرا. قل له انه من الأفضل ان تعطي 2٪ بدلا من مائة في المائة. واذ هذا هو الاختيار امامنا الآن. انك تعطي اثنين في المائة وبهذه الطريقة فإنك ترفض الانسحاب »الإسرائيلي من بعض المناطق الضفة الغربية« بدلا من اعطاء مائة في المائة. الحيلة هنا هو ان تكون وتظل هناك وتدفع ثمنا بخسا لذلك. هنا انتهي شريط نتنياهو وأثق ان هناك شرائط اخري مماثلة له تعلم بها الولاياتالمتحدة ولكن تخاف ان تعلن استياءها منها، فهي لا تجرؤ. اكتفي هنا بما ذكره معلق جريدة هاآرتس الإسرائيلية الذي يقول: ان حكومة إسرائيل يقودها رجل يعتقد ان واشنطن هي في جيبه وفي استطاعته ان يضع عصابة علي اعينها لكي لا تري أي شيء ويجب ان نتذكر ان نتنياهو ليس هو أول رئيس وزراء إسرائيلي يقول ذلك فدوف فايسجلاس »مستشار اريل شارون للأمن القومي« كان يتفاخر بالقول ان عملية السلام قد وضعت في حامض الفورمالدين »أي جمدت بالكامل« بعد الانسحاب من غزة، بل أدعي ان جورج بوش مربوط حول اصبع يده. لذلك إلي الشعب الأمريكي مع تحيات بيبي نتنياهو ولا عزاء للأمريكيين.