كل الأسباب تدعوني لتشجيع اسبانيا أمام هولندا في نهائي مونديال جنوب افريقيا الليلة، عدا فوزها علي ألمانيا، التي أعشق كل ما ينتمي لها وينتسب إليها، من فن الحرب إلي الكرة، ومن العمارة إلي الموسيقي، ومن الفلسفة إلي صناعة السيارات. ومع ذلك فإنني أرجو فوز هولندا، بسبب وحيد، هو الإخطبوط »بول«! الاخطبوط »بول« عمره لا يتعدي 03 شهرا، وهذه سن شيخوخة لتلك الفصيلة من الكائنات البحرية. ولقد ظل »بول« يعيش في سلام وهدوء بحوضه الزجاجي في مدينة »أوبر هاوزن« الألمانية، حتي ثلاثة أسابيع مضت، حينما طقت في دماغ أحدهم ان يستعين بهذا الكائن البحري في التنبؤ بنتائج المنتخب الألماني في مباريات المونديال! كانت البداية في أول لقاء لألمانيا بدوري المجموعات، عندما وضع أمام »بول« صندوقان صغيران احدهما عليه علم المانيا والآخر عليه علم استراليا، واحتض الاخطبوط الصندوق الأول في إشارة إلي توقعه فوز منتخب »المانشافت« باللقاء. تكرر الأمر في لقاءات المنتخب الألماني مع غانا وانجلترا والأرجنتين، بينما حدث في لقاءيه مع صربيا واسبانيا ان احتضن »بول« الصندوق الذي يحمل علم كل منهما، وكما هو معروف خسر الألمان هاتين المباراتين! شهرة الاخطبوط العراف ذاعت في كل بلاد الدنيا، وبات كثيرون يسلمون بأن نبوءته بفوز المنتخب الاسباني بكأس العالم سوف تتحقق لا محالة! ويبدو من قصة »بول« ان الإيمان بالخرافة ونحن في القرن الحادي والعشرين ليست حكرا علي الشرق دون سواه، وأن الحضارات والثقافات تتصادم وتتعارك إلا في الاعتقاد بأمور الخزعبلات! قد يفوز المنتخب الهولندي وتنتهي أسطورة »بول« ويتحول إلي شرائح مقلية تقدم علي أطباق في مطعم ألماني، لكن دعاة تغييب العقل لن يعدموا مناسبات أخري ووسائل مختلفة لممارسة طقوس الغيبوبة والشعوذة. وقد يفوز المنتخب الاسباني، وحينئذ ربما نجد »بول« مطروحا للبيع في صالة مزادات عالمية بأعلي سعر، وقد يفكر أحد معلقينا الرياضيين في الاستعانة بشبيه له في برنامجه المطول علي هذه الفضائية أو تلك. ومن يدري فلعل أحدهم في واحدة من حكومات الشرق يفكر في نقل التجربة الاخطبوطية الألمانية، عساها تفيد في التنبؤ بجدوي قرارات قبل اتخاذها، أو درء إجراءات كارثية قبل تنفيذها، أو في توقع ما تبقي لها من وقت إضافي بعد انتهاء عمرها الافتراضي!