الحناوي: لم أخالف المعايير المهنية.. وعصام الأمير المسؤول عن إيقافي - تخيلت أن رئيس القناة سيشكرني أو يكافئني فإذا به يوقفني عن العمل - طالبت الرئيس بمحاسبة الفاسدين من رجال حكومته لأنه المسؤول الأول عن تعيينهم وتوليهم مصالح الشعب - قيادات ماسبيرو على مذهب "عاش الملك مات الملك".. ويتخوفون من فتح ملفات الفساد
لم تكن المذيعة عزة الحناوي تعلم أن شعورها بالمرارة بسبب أحوال البلاد، ومخاطبتها للرئيس عبد الفتاح السيسي بتطهير مؤسسات الدولة من الفساد سيلقي بها إلى الهاوية. فالمذيعة التي تقدم برنامج "أخبار القاهرة" على شاشة قناة القاهرة "الثالثة" خرجت عن المألوف في مبنى ماسبيرو، وقررت أن تخاطب الرئيس مباشرةً، قائلة في ختام برنامجها يوم 1 نوفمبر: "أطالب سيادتك بالنظر إلى فساد المحليات ومحاسبة المسؤولين من أول سيادتك لأنك المسؤول الأول عن تعيينهم، مرورًا بالوزراء والمحافظين، كما نطالبهم وسيادتك معهم بإظهار خطتك وبرنامجك وبرامجهم لإنقاذ الشعب المصري من الفساد". خرجت عزة من مبنى ماسبيرو بعد انتهاء الحلقة وهي لا تعلم أن ما قالته سيثير الجدل، وأن أكثر من مليون شخص سيشاهدون برنامجها على موقع "يوتيوب"، وسريعًا ما تطورت الأمور وقرر رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون إيقافها عن العمل وإحالتها إلى التحقيق. "التحرير" أجرت حوارًا مع عزة الحناوي، حيث تكشف تفاصيل ما حدث، ورؤيتها لحرية الرأي داخل مبنى ماسبيرو. - ما حقيقة إيقافك عن العمل وإحالتك إلى التحقيق؟ نعم تم إيقافي بقرار من عصام الأمير رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون، وتمت إحالتي إلى التحقيق بمعرفة إدارة الشؤون القانونية التابعة لرئيس القطاع، وسيجرى معي اليوم التحقيق في تمام الواحدة والنصف ظهرًا. - وما التهمة الموجهة إليك؟ عدم مراعاة المعايير المهنية، مع العلم أن المعايير المهنية التي يحددها القانون هي عدم القذف والسب أو الاتهام بغير دليل، أو التحريض على العنصرية والدموية، وأنا لم أفعل أيًّا من هذه الأمور، وكل ما قمت به هو مطالبة الرئيس السيسي بمحاسبة الفاسدين والكشف عن برنامجه وبرنامج حكومته. - كيف تم إبلاغك بقرار إيقافك عن العمل؟ فوجئت بالعديد من الاتصالات من زملائي، خاصة أن زميلة منهم أصرت على الاتصال بي أكثر من مرة، وعند عودتي للاتصال بها أخبرتني أن رئيس القناة يريد مقابلتي، وعرفت منها ومن باقي المتصلين أن الحلقة التي أذيعت يوم 1 نوفمبر حققت العديد من المشاهدات على "يوتيوب"، ووصلت إلى مليون مشاهدة، ونالت العديد من التعليقات الإيجابية والسلبية، فتخيلت أن رئيس القناة يريد أن يشكرني أو أن يجري بعض التعديلات على البرنامج، أو يريد مكافأتي، ولكني فوجئت بأنه يبلغني بقرار إيقافي عن العمل. - من المسؤول عن اتخاذ هذا القرار؟ رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون عصام الأمير هو المسؤول الأول عن هذا القرار. - هل توقعت أن تتعرضي للعقاب بعد هذه الحلقة؟ على الإطلاق، فكل ما قلته في الحلقة ينص عليه القانون والدستور، كما أن الرئيس عبد الفتاح السيسي قال أكثر من مرة "أنا موظف عند الشعب وإن أخطأت حاسبوني"، وأنا هنا لا أحاسبه بل طلبت منه أن يحاسب الفاسدين من رجال حكومته، لأنه المسؤول الأول عن تعيينهم وتوليهم مصالح الشعب، كما أنني تصرفت كما طلب سيادته من الجميع طبقًا لقرار رئاسة الجمهورية الخاص بتطهير مصالح الدولة من الفساد بما فيها مبنى ماسبيرو، وهو ما أشرت إليه، وإلا فلماذا قمنا بثورتين؟ - وهل تعتقدين أن ذكرك فساد ماسبيرو هو السبب أم مخاطبتك المباشرة للرئيس؟ لا أعرف، يجوز الاثنان، خاصة أنه صدر قرار من رئاسة الجمهورية بعد إذاعة الحلقة بفتح ملف فساد اتحاد الإذاعة والتليفزيون والذي ذكر فيه اسم عصام الأمير نفسه، ومن الممكن أن تكون القيادات متخوفة مما قلته للرئيس عبد الفتاح السيسي، لأنهم قيادات "عاش الملك مات الملك"، وخائفين على المناصب وتخيلوا أنه سيحاسبهم على ما قلت، مع أنني واثقة في أن الرئيس لن يفعل ذلك، لأنه هو من طالبنا كإعلاميين بالمصارحة وكشف بؤر الفساد، ومن الواضح جدا أن هذه تصرفات أشخاص خائفين على مواقعهم، خاصة أن القرار جاء بعد إذاعة الحلقة بأسبوع عندما أحدثت رد فعل في الشارع "يعني لا معايير مهنية ولا غيره". - هل تعتقدين أن القرار جاء من الرئيس السيسي؟ لا أمتلك أي شيء أدين به الرئيس أو أتهمه به سواء كلمة أو مستند، خاصة أنني أسير على الخطى التى وضعها وتحدث عنها والخاصة بالحرية، فقد قال مرارًا وتكرارًا نحن في أزهى عصور الحرية، وأعتقد أن القرار جاء من الخائفين على مناصبهم خاصة أنهم لفتوا نظري أكثر من مرة قائلين "خلي بالك"، وعندما كنت أتساءل من ماذا ومِن مَن؟ لا يرد أحد، حتى إنني في إحدى المرات سألتهم بكل صراحة هل هناك تعليمات من فوق بعدم الحديث بصراحة وشفافية؟ فكانت الإجابة: لا، لذلك أعتقد أنهم تطوعوا بمجاملة الرئيس وحاولوا أن يوصلوا رسالة محتواها "إن اللى بتنتقد فساد رجال حكومتك أو بتتكلم بصراحة بنشد ودنها علشان تغمض عينها عن فسادهم"، ولكني أثق في الرئيس السيسي وأعلم جيدًا أن هذا ليس مبدأه. - إذن كيف ترين سقف الحرية داخل ماسبيرو؟ بهذا الشكل لا توجد أي حرية ولا يوجد إلا "المطبلاتية"، وبهذا يصبح هم المتهمين ولست أنا، لأن ما فعلوه تكميم للأفواه وضد حرية الرأي التي أشار إليها الرئيس السيسي، وأنا لا أنتظر حريتي من أحد، لا من رئيسي المباشر ولا من رئيس الاتحاد، وأتعامل كما تعلمت الإعلام على يد أساتذتي، وكفانا دفن رؤوسنا في الرمال، فقد أصبح شكل المبنى والإعلاميين الموجودين بداخله صغيرًا في أعين المصريين الذين يتكلمون ويرون الحقيقة حولهم في كل مكان، حتى انتهى بنا المطاف إلى أن أصبحنا محل سخرية من القنوات الخاصة. - بعد تداول الحلقة على مواقع التواصل الاجتماعي كان من ضمن التعليقات "الله يرحمها"، فكيف تتوقعين حجم العقاب؟ أكبر عقاب لي هو إيقافي عن ممارسة مهنتي التي أحبها وأحترمها ولكني سأنتصر بإذن الله، لأنني صاحبة حق وسأحصل عليه بالقانون والدستور، وقد تعرضت للظلم والإيقاف من قبل في عصر الرئيس الأسبق حسني مبارك، عندما انتقدت فكرة جمال مبارك الخاصة ببيع أصول الدولة، وكذلك في عصر محمد مرسي، وعدت بالقانون، والقيادات التي أوقفتني عن العمل بداية من رئيس الاتحاد إلى أصغر مسؤول هم من ارتكبوا جريمة في حق أنفسهم، خاصة بعد أن شاهدت ردود أفعال الناس وإشادتهم بالحلقة، فمعظمهم فخورون بوجود نماذج مثلي داخل مبنى ماسبيرو، وعلقوا بأنهم "زهقوا من المطبلاتية وكان نفسهم يشوفوا ده من زمان داخل إعلام الدولة"، ولا أقصد هنا التعدي أو عدم الاحترام، ولكن المصارحة والحيادية لصالح مصر لأنه بدون ذلك سنظل غارقين في الفساد. - هل تريدين توجيه كلمة أو رسالة إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي؟ أريد أن اقول له إذا كنت قد تكلمت معك بصراحة وشفافية لأنقل لك واقع الفساد الأليم فأنت قدوتي وقدوة كل الشعب المصري، لأنك القائل صارحوني وكونوا محايدين في آرائكم، وأطالبه بحماية إعلاميي ماسبيرو من قيادات "عاش الملك مات الملك"، خاصة أن سيادتك ووفقا للدستور دائما ما تصرح بأن لدينا حرية رأي غير مسبوقة للإعلاميين والصحفيين.