مهنة دائما ما أثارت سخرية فناني الكوميديا في الأفلام والمسرحيات، حتى إن حالات الوفاة التي تلاحق أصحابها لا تلقي الاهتمام اللازم مثل بقية المهن الأخرى، فالكثير من المواطنون لا يعرفون كمّ المخاطرة التي يواجهها "غواصين الصرف الصحي" حتى يأمنوا حياة كريمة لهم ولذويهم، وبالرغم من زيادة أعداد الوفاة للعاملين المسؤولين عن صيانة و"تسليك" بيارات الصرف الصحي، إلا أن مثل هذه الحوادث لا تلقي أي اهتمام من أي نوع في العديد من المنابر الإعلامية المصرية. يتذكر يوسف جمال، "غطاس" صرف صحي في شركة مياه الشرب والصرف الصحي بأسيوط، مصرع زميليه سعد وكامل منذ أيام في الرابع من أغسطس من العام الحالي بأسي شديد، ويحكي:"لم يكونا غطاسي صرف تابعين لشركة المياه بل كانوا يعملون لدي أحد المقاولين المسؤولين عن إنشاء شبكة صرف جديدة في قرية بني إدريس التابعة لمركز القوصية، فقلة خبرتهم في التعامل مع البيارات التي تحتوي علي غازات سامة أودت بحياتهم في دقائق معدودة نتيجة اختناقهم". ويستطرد يوسف صاحب ال 41 عامًا متحدثًا عن مخاطر المهنة التي عمل بها لحوالي 13 عامًا، قائلًا :"بيارات الصرف الصحي تحتوي علي غازات كبريتية لذا تتطلب تعامل حذر، فقبل نزولي للبيارة أسكب المياه النقية لتقليل الغازات المنبعثة وأترك غطاء البيارة مفتوحًا لحوالي ساعة للتهوية، وإلا ذهبت ولم أعد مثل العديد من زملائي الذين سبقوني" أما بالنسبة للمهندسة فايزة حكيم، مديرة الإدارة العامة للصرف الصحي بالشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي بأسيوط والوادي الجديد، فأسباب الوفاة تتعدد بين نقص الإمكانيات وأخطاء التصميم وعدم استخدام الاحتياطات اللازمة. تفسر "حكيم" حديثها عن أسباب الوفاة قائلة:"في البيارات غازات سامة مثل ثاني أوكسيد الكربون وغاز الميثان، لذا يتطلب النزول العامل للبيارات استخدام الأجهزة الحديثة التي تكشف البيارات المكربنة وهو ما ليس متوفر، فإدارات الصرف الصحي تستخدم المعدات البدائية مثل الحبال لسحب العامل وأسطوانات الأكسجين والتي كثيرًا ما يتجاهلها العمال قبل نزولهم للصيانة" كما تتحدث "حكيم" عن المشكلة الأكثر جدلًا وهو عيب التخطيط في الكثير من البيارات، والذي يكون سببه عادةّ هو رصف الشوارع أكثر من مرة مما يؤدي إلى ارتفاع مستوي الشارع والذي يزيد من عمق البيارات ويخالف التخطيط الأساسي لشبكة الصرف الصحي. ولشرح طريقة عمل شبكات الصرف الصحي يتحدث المهندس عماد عزيز، رئيس قطاع التشغيل والصيانة بشركة مياه الشرب والصرف الصحي بأسيوط والوادي الجديد، شارحًا:" منظومة عمل الصرف الصحي تبدأ بدورات مياه المنازل إلى هيكل خرساني صغير بعمق متر يتجمع فيها مياه الصرف الخاص بالعمارة السكنية وبعد ذلك يتم توصيلها بمواسير الى البيارة الموجودة في وسط الشارع حيث يلتقي فيها شبكات الصرف الخاصة ببقية الشبكات الموجودة بالمنطقة المحيطة" وعن أسباب الوفاة يتحدث "عزيز" قائلًا :"أحيانًا يوجد انسداد في إحدى مواسير الصرف الصحي مما يستدعي نزول العمال إلى البيارات التي تصل أعماقها أحيانًا إلى 8 مترات، فيواجه العمال الاختناق لقلة الأكسجين ووجود غازات سامة، فعدم استعمال التقنية الحديثة التي تبيّن وجود الغازات السامة من عدمه والإهمال في استعمال الكمامات وبدل الغطس الخاصة وأسطوانات الأكسجين هي أهم أسباب الوفاة الخاصة بعمال الصرف الصحي" ويستطرد "عزيز" متحدثًا عن التعويضات والمعاشات التي تصرفها الشركة لأسر الضحايا :"تصرف الشركة كل مستحقات العامل المالية للأهل وتتحمل التعويضات إذا كان العامل تابع للشركة، أما إذا كان العامل تابع للمقاول المسؤول عن إنشاء أو تطهير الشبكات الكبيرة فيتحمل المقاول التعويضات دون أدنى مسؤولية على الشركة". نقلا عن مصر العربية