توقعت الأسواق العالمية اتخاذ خطوات ملموسة لحل الأزمة الأوروبية خلال نهاية الأسبوع، لكنها لم تحصل عليها. ووعدت الهيئة التي تحدد السياسات في صندوق النقد الدولي بأن تفعل بلدان منطقة اليورو ''كل ما هو ضروري لحل أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو''. وللأسف، يعتمد هذا على الأمل، وليس على الدليل. لن يستطيع الأمل إقناع الأسواق في أوقات مثل هذه. وببعض الحظ، ربما تحصل إيطاليا على حكومة وحدة وطنية ذات جدارة خلال الأسابيع القليلة المقبلة، ويمكن أن تحصل إسبانيا على حكومة جديدة في تشرين الثاني (نوفمبر)، مع تفويض بإحداث تغيير، وربما تفعل اليونان ما يكفي لتفادي إزعاج الأسواق. لكن لا يمكن الاعتماد على أي من هذا كله. إذن، ما الذي ينبغي عمله؟ أولاً، يجب إعادة رسملة بنوك منطقة اليورو. ثانياً، يجب أن يتوافر التمويل الكافي بحيث يمكن تلبية احتياجات إيطاليا وإسبانيا، إذا جفت الأسواق. وثالثاً، يجب معالجة أزمة اليونان بطريقة لا تصيب الآخرين بالعدوى. ويقتضي كل ذلك التمويل. ومن المرجح أن تتطلب إعادة رسملة البنوك بمفردها مئات المليارات من اليورو – لكن لم يتم إعطاء أي التزامات جديدة في واشنطن. في الأجل القصير، من غير المحتمل أن تعطي ألمانيا (وأوروبا الشمالية بشكل عام) مزيدا من الأموال. ويبدو الألمان منزعجين بسبب الطلب منهم دعم بلدان لا يبدو أنها تريد أن تتكيف – على النقيض من ألمانيا التي تعتبر تنافسية الآن، لأنها تحملت آلام الإصلاحات. ويساهم عدم رغبة أثرياء اليونان في دفع الضرائب، أو عدم رغبة أعضاء البرلمان في إيطاليا في تخفيض المنافع التي يحصلون عليها، في تأكيد أسوأ مخاوفهم. جاءت بارقة الأمل الوحيدة خلال الاجتماعات في واشنطن من استعداد أوروبا لاستخدام تسهيلات الاستقرار المالي الأوروبي بطريقة مبتكرة على نحو أكثر – مثلا، على شكل أسهم، أو ضمان أول خسارة بالنسبة إلى المستثمرين. ومن الواضح أن بعض التمويل من تسهيلات الاستقرار المالي الأوروبي يجب أن يذهب إلى إعادة رسملة البنوك التي ليس بمقدورها جمع الأموال من الأسواق. ومن المبلغ المتبقي يمكن أن يستخدم المبلغ غير المخصص للاقتصادات الطرفية لدعم الاقتراض من جانب إيطاليا وإسبانيا. لكن لا يوجد إجماع على كيفية تنفيذ ذلك. ويقترح بعضهم ضم تسهيلات الاستقرار المالي الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي معاً لزيادة أموال تسهيلات الاستقرار المالي الأوروبي. وتعتبر هذه وصفة للمشاكل. ومن شأن إعطاء البنك المركزي الأوروبي دوراً شبه مالي، حتى لو كان دوراً يكون فيه معزولاً بطريقة ما عن الخسائر، أن يخاطر بتقويض صدقيته. وإذا تم تقديم المساعدة إلى إيطاليا، سيتعرض ماريو دراجي، رئيس البنك المركزي الأوروبي المقبل، إلى الانتقاد بغض النظر عن حاجة البلد الماسة. علاوة على ذلك، يجب أن يأتي التمويل بشروط أقوى، وليست لدى أي من هاتين المؤسستين الخبرة، أو الاستقلالية عن البلدان المحفوفة بالمخاطر، لتطبيق الشروط المناسبة. وتعتمد المؤسستان كذلك على موارد منطقة اليورو ذاتها. وإذا بدأت الأسواق تشعر بالفزع من عمليات التخلف عن السداد الكبيرة، فستشكك بكل تأكيد فيما إذا كان لدى ألمانيا القدرة الضرورية لدعم تسهيلات الاستقرار المالي الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي معاً. ببساطة، يجب على العالم أن يدرك أن مشاكل منطقة اليورو أكبر كثيراً الآن من قدرة منطقة اليورو على التعامل معها بمفردها. وللعالم مصلحة في حلها. ولديه مؤسسة بإمكانها توجيه المساعدة: صندوق النقد الدولي. باستطاعة صندوق النقد الدولي تأسيس أداة خاصة إلى جانب خطوط نظام الاتفاقيات الجديدة للاقتراض الخاص به، الذي تم تأسيسه عام 1995 في أعقاب الأزمة المالية المكسيكية.وستتم رسملة الأداة الجديدة بواسطة طبقة الخسارة - الأولى من تسهيلات الاستقرار المالي الأوروبي، ثم طبقة ثانية من رأسمال صندوق النقد الدولي الخاص به. وبإمكان الأداة أن تقترض كذلك إذا لزم الأمر من البلدان المختلفة، بما فيها الولاياتالمتحدة والصين، إضافة إلى أسواق المال، الأمر الذي من شأنه أن يسمح لها بتقديم خطوط كبيرة من الائتمان إلى البلدان ناقصة السيولة، مثل إيطاليا، مع شروط تهدف إلى مساعدة هذه البلدان على استئناف الاقتراض من الأسواق بتكلفة معقولة. لماذا تأسيس أداة خاصة؟ لأن المبالغ اللازمة تتجاوز كثيراً المستويات التي يمكن لأعضاء صندوق النقد الدولي الحصول عليها في العادة، لكن بالنظر إلى أن بلدان منطقة اليورو هي التي تحتاج إلى الأموال، فإن عليها أن تتحمل نسبة كبيرة من أية خسائر محتملة. وفي الوقت ذاته، ستدعم مصادر رأس المال في صندوق النقد الدولي هذه الأداة، إذا تآكل كابح الخسارة الأولى الذي قدمته منطقة اليورو، وبناءً عليه ستدرك الأسواق أنه كانت هناك قوة من خارج منطقة اليورو يمكن جعلها تتحمل. يجب على صندوق النقد الدولي أن يبدأ بأخذ زمام المبادرة في إدارة الأزمة، بدلاً من أخذ دور ثانوي. وعلى منطقة اليورو أن تقمع أي شعور بالكرامة المجروحة، وألا تعترف بأنها بحاجة إلى المساعدة فحسب، وإنما كذلك أن تقدم سريعاً ما وعدت به فعلياً. ومما لا شك فيه أن ثمة حاجة إلى إعادة هيكلة الديون اليونانية، لكن يجب تنفيذ هياكل التمويل بالنسبة إلى إيطاليا وإسبانيا قبل أي حل. ويعني هذا أن على الآخرين الاستعداد لأداء حصتهم من المشاركة، ويجب أن تتراجع اليونان عن الهاوية. لكن على باقي العالم أن يضم جهوده سريعاً: إذا لم يتم حل هذه الأزمة، فلن يكون أي بلد آخر بمنأى عنها. راجهوران راجان أستاذ تمويل في كلية بوث في جامعة شيكاغو،