تراجعت إسرائيل - كعاتها دائمًا- عن وعودها بتقديم كل الدعم لمصر في عملياتها العسكرية من أجل تطهير سيناء، بل وطالبت بضرورة أن تقوم مصر بسحب أسلحتها الثقيلة من المنطقة "ج" القريبة من الحدود الإسرائيلية لأن هذا يهدد أمنها.
وفي محاولة لتفسير هذا الموقف الغامض من جانب إسرائيل، التي اشتكت مرارًا وتكرارًا من الفوضى الأمنية الموجودة في سيناء، وانتقدت التراخي الأمني المصري في مواجهة المتشددين، وطالبت بسرعة تطهير سيناء من العناصر الإجرامية، أصبح واضحًا الآن حجم القلق الذي يعتري دولة الاحتلال الإسرائيلي من التغيرات العسكرية الأخيرة في مصر، وتعيين قيادات شابة جديدة، تتبنى استراتيجيات جديدة تختلف عن تلك التي كان عليها الجيش المصري في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، حليف إسرائيل المقرب وكنزها الاستراتيجي.
ولن يكون غريبًا أن تأتي مطالبات المسئولين الإسرائيليين بسحب مصر لآلياتها الثقيلة من سيناء، بعد ساعات قليلة من الكشف عن وثيقة كتبها اللواء "صدقي صبحي" رئيس الأركان المصري الجديد عام 2005 ينتقد فيها سياسة الولاياتالمتحدة في الشرق الأوسط ودعمها المستمر لإسرائيل، وهو ما منح الجماعات المتشددة الفرصة لتنشط في المنطقة وتجد من يؤمن بأفكارها ويسعى لمحاربة الولاياتالمتحدة.
وتركت هذه الوثيقة الولاياتالمتحدة نفسها في حيرة من أمرها، بين الاطمئنان على تعيين قيادات جديدة في الجيش المصري مقربة من واشنطن وتدربت وحصلت على شهادات عسكرية من المعاهد الأمريكية، وبين الخوف من الأفكار التي يحملها هؤلاء القادة ونظرتهم للموقف الإقليمي والسياسي ومشاعرهم تجاه إسرائيل.
وكانت العديد من الصحف الإسرائيلية أشارت من قبل إلى أن نشر القوات المصرية في سيناء وتحديدًا المنطقة "ج" يتم بتنسيق مسبق بين المسئولين المصريين ونظرائهم الإسرائيليين، إلا أن صحيفة "هاآرتس" أشارت أيضًا أن هناك بعض الآليات التي تم نشرها مؤخرًا تم بدون تنسيق ولم تعرف عنها إسرائيل شيئًا إلا بعد نشرها بالفعل، وطالب مسئولون إسرائيليون ومنهم "أرييه ألدار" عضو الكنيست، الحكومة الإسرائيلية بإيقاف الانتهاكات المستمرة لاتفاقية كامب ديفيد من جانب مصر على حد زعمه، وشدد على ضرورة الخروج الفورى لجميع القوات المصرية المنتشرة فى سيناء والتى تخطت العدد الذى تسمح به اتفاقية السلام بين البلدين وهو ما يعني أن هذه المعدات دخلت بشكل مخالف لمعاهدة كامب ديفيد، ما سيدفع إسرائيل إلى تقديم شكوى رسمية ضد مصر إذا استمرت مثل هذه التحركات المثيرة.
وكان الرد المصري جاهزًا حيث أكد المسئولون، أن الآليات الثقيلة الموجودة في سيناء تتمركز في العريش، وهي في المنطقة "ب" وتدخل إلى المنطقة "ج" للقيام بمهمات محددة ثم العودة مرة أخرى لتتمركز في العريش، وهو ما لا يعد خرقًا لمعاهدة كامب ديفيد، كما أن تلك العمليات تتم تحت إشراف القوات الدولية الموجودة في سيناء.
ويرى العديد من خبراء القانون الدولي، أنه في حال رفضت إسرائيل نشر مصر لقوات إضافية في سيناء، فيحق لنا التحرك دوليًا ضدها، لأن القوانين الدولية تسمح لكل دولة بالحفاظ على سيادتها واستقرارها وأمنها الداخلي، واتخاذ جميع الإجراءات لفرض سيطرتها على أراضيها إذا استدعت الضرورة، ومن هذا المنطلق يمكن لمصر التحرك ضد التعنت الإسرائيلي وتطلب تعديل اتفاقية كامب ديفيد بما يضمن لها أمنها واستقرارها ويمكنها من فرض سيطرتها على كامل أراضيها.
وتنص معاهدة كامب ديفيد على وجود حماية محدودة في سيناء تكون كالتالي، المنطقة "أ" تتواجد فيها فرقة مشاة ميكانيكية واحدة ومنشآتها العسكرية وكذا تحصينات ميدانية، ومعدات كالتالي 230 دبابة، و480 مركبة أفراد مدرعة من جميع الأنواع، وإجمالي 22 ألف فرد.
أما المنطقة "ب" فيتواجد بها 4 كتائب حرس حدود مجهزة بأسلحة خفيفة وبمركبات عجل وليست مدرعة، تعاون الشرطة المدنية في المحافظة على النظام وإجمالي الأفراد 4000 فرد، أما المنطقة "ج" تتمركز فيها قوات الأممالمتحدة والشرطة المدنية المصرية.